احکام القرآن للجصاص-ج2-ص153
الموطأ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السفر قطعة من العذاب فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهته فليعجل إلى أهله الباجي يريد بلغ منها مراده وما يكفيه
يحتمل أن يريد بالتعجيل التعجيل غير اليسير من ترك التلوم ويحتمل أن يريد التعجيل في السير إلى أهله لحاجتهم إلى قيامه بأمرهم وجعل ذلك مما يبيح التعجيل في سفره ( والدخول ضحى ) ابن شاس يستحب أن يدخل صدر النهار ولا يأتي أهله طروقا كما جاء في الحديث
ابن شاس النظر الثاني في الجمع وأسبابه أربعة الأول السفر ( ورخص له جمع الظهرين ) ابن عرفة المشهور جواز جمع المشتركتين للمسافر
روى ابن القاسم عن مالك إن ارتحل عند الزوال جمع بين الظهرين ولم يذكر في العشاءين الجمع عند الرحيل أول الوقت
وقال سحنون هما كالظهر والعصر
الباجي ووجه رواية ابن القاسم إن ذلك الوقت ليس بوقت معتاد للرحيل
ابن علاق ظاهر كلامهم أن الجمع إنما رخص للراكب دون الراجل رفقا به لمشقة النزول والركوب ( ببر ) نقل في النكت عن بعض شيوخه لا يجمع المسافر في البحر بين صلاتين بخلاف المسافر في البر انتهى
انظر إذا كان الراجل لا يجمع فلم كان ينص على هذا فانظر فيه ( وإن قصر ) عبد الوهاب يجوز الجمع في طويل السفر وقصيره خلافا للشافعي
( ولو لم يجد ) من المدونة قال مالك لا يجمع المسافر حتى يجدبه السير ويخاف فوات أمر
وسمع ابن القاسم إني لأكره الجمع بين الصلاتين في السفر وهو أخف عندي للنساء
ابن رشد كراهة مالك الجمع بين الصلاتين في السفر معناه إذا لم يجدبه السير فهو مثل قوله في المدونة وخففه في المرأة لمشقة النزول عليها لكل صلاة مع حاجتها إلى الاستتار مع أنه قد أجيز للرجل أيضا وإن لم يجدبه السير وإليه ذهب ابن حبيب
وفي الموطأ في غزوة تبوك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء الحديث
قال أبو عمر فيه جواز الجمع في السفر وإن لم يجدبه السير
وهو قول ابن حبيب إذا جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة وهو نازل غير سائرما كث في خبائه وفسطاطه يخرج فيقيم الصلاة ثم ينصرف إلى خبائه ففيه أقوى حجة في الرد على من شرط جد السير ( بلا كره ) ابن الحاجب لا يكره الجمع على المشهور ( وفيها ترك الجد لإدراك أمر مهم ) تقدم النقل بهذا ( بمنهل زالت وبه نوى النزول بعد الغروب ) تسمى المنازل التي في المفاوز على طريق السفر مناهل
ابن عرفة إن زالت بمثله ونوى النزول بعد الغروب جمع به
أبو عمر ذكر أبو الفرج عن مالك يجمع متى أحب إما في وقت الأولى أو في وقت الآخرة أو في وسط الوقت
ثم رشح هذا إلى أنه قال وقد روى مالك عن سالم بن عبد الله أنه قيل هل يجمع بين الظهر والعصر في السفن فقال نعم لا بأس به ألا ترى الناس بعرفه فهذا سالم قد نزع بما ذكرنا وهذا أصل صحيح لمن ألهمه الله رشده ولم تمل به العصبية إلى المعاندة ومعلوم أن الجمع للمسافر رخصة وتوسعة فلو كان الجمع على ما قاله ابن القاسم من مراعاة آخر وقت الظهر وأول العصر لكان ذلك أشد ضيقا وأكثر حرجا من الإتيان بكل صلاة في وقتها ولو كان الجمع على ما ذكره ابن القاسم أيضا لجاز الجمع بين العصر والمغرب وبين العشاء والصبح
( وقبل الاصفرار أخر العصر ) ابن بشير إن كدن ارتحاله بعد الزوال ونزوله قبل الاصفرار أدى كل صلاة لوقتها ( وبعده خير فيها ) ابن بشير إن كان ارتحاله بعد الزوال وكان لا ينزل إلا بعد الاصفرار أدى الصلاتين حين ارتحاله
هذا هو المشهور من المذهب
وقال اللخمي يجوز تأخيره الثانية وهو أولى
ابن عرفة قول ابن الحاجب قالوا مخير يريد في تأخير الثانية لا أعرفه لغير الشيخين ( وإن زالت راكبا أخرهما إن نوى الاصفرار ) ابن عرفة إن رحل قبل الزوال أو نوى النزول بعد الاصفرار وقبل الغروب فقال اللخمي جائز تأخيره جمعة قال ابن مسلمة
قال ابن رشد