احکام القرآن للجصاص-ج1-ص132
عن أم حرام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد والغرق له أجر شهيدين ) والله تعالى أعلم
قال الله تعالى( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله( قال أبو بكر الميتة في الشرع اسم حيوان الميت غير المذكى وقد يكون ميتة بأن يموت حتف أنفه من غير سبب لآدمي فيه وقد يكون ميتة لسبب فعل آدمي إذا لم يكن فعله فيه على وجه الذكاة المبيحة له وسنبين شرائط الذكاة في موضعها إن شاء الله تعالى والميتة وإن كانت فعلا لله تعالى وقد علق التحريم بها مع علمنا بأن التحريم والتحليل والحظر والإباحة إنما يتناولان أفعالنا ولا يجوز أن يتناولا فعل غيرنا إذ غير جائز أن ينهى الإنسان عن فعل غيره ولا أن يؤمر به فإن معنى ذلك لما كان معقولا عند المخاطبين جاز إطلاق لفظ التحريم والتحليل فيه وإن لم يكن حقيقة وكان ذلك دليلا على تأكيد حكم التحريم فإنه يتناول سائر وجوه المنافع ولذلك قال أصحابنا لا يجوز الإنتفاع بالميتة على وجه ولا بطعمها الكلاب والجوارح لأن ذلك ضرب من الإنتفاع بها وقد حرم الله الميتة تحريما مطلقا معلقا بعينها مؤكدا له حكم الحظر فلا يجوز الإنتفاع بشيء منها إلا أن يخص شيء منها بدليل يجب التسليم له وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم تخصيص ميتة السمك والجراد من هذه الجملة بالإباحة فروى عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالجراد والسمك وأما الدمان فالطحال والكبد ) وروى عمرو بن دينار عن جابر في قصة جيش الخبط ( أن البحر ألقى إليهم حوتا فأكلوا منه نصف شهر ثم لما رجعوا أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل عندكم منه شيء تطعموني ) ولا خلاف بين المسلمين في إباحة السمك غير الطافي وفي الجراد ومن الناس من استدل على تخصيص عموم آية تحريم الميتة بقوله تعالى( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم( وبقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صفوان بن سليم الزرقي عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في البحر ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) وسعيد بن سلمة مجهول غير معروف بالثبت وقد خالفه في سنده يحيى بن سعيد الأنصاري فرواه عن المغيرة بن عبدالله بن أبي بردة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثل هذا الإختلاف