پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج29-ص2

عن نفسه فأجاز صاحب المال على نحو ذلك احتسبت الصدقة عن المتصدق ولم يضمن المتصدق إذا حصل القبض بإذن المالك مقروناً بنية القربة لزمت الصدقة ولم يجز الرجوع بها للاستصحاب القاضي ببقاء ما كان على ما كان وللإجماع المنقول المعتضد بفتوى الأكثر والأشهر ولأن الأجر بمنزلة العوض ولا يجوز الرجوع في الهبة المعوض عنها وللأخبار منها لا ينبغي لمن أعطى لله شيئاً إن يرجع فيه إنما مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يعود فيها مثل الذي يقيء ثم يعود في قيئه وظاهرها وإن كان إلا إن ما تقدم من القرائن تخص أحد فردي القدر المشترك أو تصرف الظاهر عن ظاهره ويظهر من الشيخ (() جواز الرجوع في الصدقة بعد القبض كالهبة ونقل على ذلك الإجماع وفضل الصدقة عظيم وخطرها عظيم وثمرتها عظيمة كما ورد في الأخبار وأنها تنفي ميتة السوء الدبيله والحرق والغرق والهدم والجنون إلى إن عد سبعين باباً من السوء وصدقة السر أفضل من الجهر لما ورد من استحباب الإسرار في المندوبات وسيما في الصدقة واستحباب الإعلان في الواجبات وقال سبحانه وتعالى: [ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ] (سورة البقرة الآية 271 ) والزكاة محرمة على بني هاشم إجماعا والنصوص بها مستفيضة والمندوبة تحل لهم سواء كانت عامة كالأوقاف وشبهها أو خاصة كما يظهر من الأخبار وكلام الأصحاب ولا يبعد تحريم الخاص على الأئمة (() لرفعة محلهم عنها وأما الصدقة المفروضة في الأصل غير الزكاة كالكفارات ففي تحريمها على بني هاشم لما ورد من تحريم الصدقة عليهم على وجه الإطلاق وما ورد من تحريم الصدقة الواجبة عليهم ولما يظهر من الأخبار من إن علة تحريم الصدقة هي كونها أوساخ أيدي الناس وظاهر التعليل العموم أو العدم لانصراف الواجبة إلى الزكاة فتنصرف إليها الأخبار ولظهور التعليل في الزكاة لأنها الأصل في ذلك ولما ورد في الخبر عن الصدقة المحرمة عليهم ما هي فقال الزكاة المفروضة وفي أخر عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم فقال الزكاة قولان والأخير أقوى والأول أحوط وأما ما وجب بالعارض كالصدقة المنذورة أو ما وجبت على غير المالك كالصدقة بمجهول المالك عن صاحبه فالأقوى جواز دفعها لبني هاشم والأحوط العدم إلا إن الاحتياط ههنا أقل من الأول وعلى كل حال فيجوز للهاشميين عند الاضطرار تناول جميع الصدقات الواجبة حتى الزكاة وكذا يجوز تناول هاشمي من هاشمي أخر والظاهر صحة الصدقة على الكافر مطلقاً لأن لكل كبد حرى أجراً فإذا قصد المتصدق ذلك جاز ولو قصد المودة إليهم والركون حرم ويقوي الجواز لو كان الكافر ذمياً ويتأكد لو كان رحماً ويتزايد لو كان أباً أو أماً ويصح إن يرث المتصدق مال الصدقة من غير إشكال للأخبار وفتوى الأصحاب و الأكثر بل قد يدعى الإجماع عليه جواز شرائه وإتها به وما ورد في بعض الأخبار وأفتى به بعض الأصحاب من منع ذلك محمول على الكراهة.

المقام الثاني: في الهبة

وهي تمليك عين لا منفعة ولا دين على وجه التبرع بصيغة أو أخذ ودفع مع دلالة بالقرائن على أرادتها مقرونة بالقربة أم لا أو على وجه المعاوضة من دون قصد النقل يقصد في البيع والصلح فيكون قصد المعاوضة في الهبة ثانياً وبالعرض لا أو لا وبالذات وقد تطلق الهبة على العقد الدال على ذلك وقد يفرق بينها وبين الصدقة باشتراط نيّة القربة وعدمها فتكون الصدقة أخصُّ منها بناءاً على اشتراط العقد في الصدقة قولاً أو فعلاً وقد يفرق بينهما بعدم احتياج الصدقة إلى العقد القولي أو الفعلي واحتياج الهبة إلى ذلك فيكون بينهما عموم من وجه وقد يفرق بينهما بدخول عدم العقد في مفهوم الصدقة بخلاف الهبة فيكون بينهما تباين وقد يفرق بينهما وبين الهدية باشتراط نقل الهدية إلى المهدي على جهة الإكرام فتكون أخص وقد يفرق بينهما باشتراط الصيغة اللفظية فمع الهدية دون الهدية في الهبة فتكون أعم وقد تقيد الهدية بالنقل على جهة التعظيم مع ذلك فيكون بينهما عموم من وجه وقد يفرق بينهما بدخول عدم العقد في الهدية فيكون بينهما تباين وقد يفرق بينهما بدخول العقد الفعلي دون اللفظي مع قيد التعظيم في الهدية دون الهبة فأنها أعم من اللفظي والفعلي فيكون بينهما عموم مطلق وقد يفرق بينهما باختصاص الهبة بالعقد اللفظي واختصاص الهدية بالفعلي فيكون بينهما تباين وعلى كل حال فالهبة من العقود الجائزة يكفي فيها كل لفظ دال في الإيجاب (كوهبتك أو ملكتك أو أعطيتك في القبول كرضيت وقبلت وآتهبت) ولا يتفاوت في ذلك بين الاسميّة والفعلية وبين العربية وغيرها وبين الموالاة في الإيجاب والقبول أو الفصل ويكفي فيها الدفع مع القرينة الدالة على ذلك ولا تكفي الإشارة والكتابة ولو وقع بعدهما القبض ولو وقع ذلك لم تكن هبة وقد تنصرف للهدية في وجه إلا إن الظاهر أنها لا تنصرف إلى الهدية بحيث يملك القابض ما قبضه إلا إن تكون بعنوان التعظيم والتوقير فيملكها حينئذٍ لحصوله الملك في الهدية بدون العقد قولياً أو فعلياً كما تقضي به السيرة القطعيّة والأولى الاقتصار في الهدية على الدفع الأخذ الفعليين دون غيرهما من الأفعال وهنا أمور: