انوار الفقاهة-ج28-ص37
الثاني عشر: لو وقف على جيرانه انصرف إلى من كانت داره قريبة لداره عرفاً وربما كان حده من يلي داره من جميع جوانبها إلى اربعين ذراعاً شرعياً كما نسب لجمع من الاساطين وشهد به العرف ونقل عليه الاجماع وقيل حده إلى اربعين دار ودلت عليه جملة من الروايات ومنها الصحيح: حد الجوار اربعون داراً من كل جانب من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله والقول به شاذ مطرح مخالف للعرف واللغة واللفظ إنما يحمل على قصد الواقف التابع لعرفه دونما في الأخبار ودعوى انها كاشفة عن العرف مخالف لما تراه بديهة وكونها كذلك في زمن الصدور بعيد جداً على أن الروايات موافقة لمذهب عائشة على ما نقل ومن المحتمل ارادة بيان الحكم فيها لا الاسم فلا يحمل اللفظ عليه أو انه حقيقة شرعية في ذلك فيحمل عليه كلام الشارع دون كلام أهل العرف في وقف أو وصية أو أنه مجاز شرعي اطلق عليه لعلاقة بينهما فلا يجوز حمل اللفظ عليه أو انه مشترك بينهما فلا يلزم حمل اللفظ عليه بخصوصه ثم ان الدور إن كانت ملكا لاربابها فكل مجاور لكل وكذا لو كانت كلها مستأجرة أو كان بعضها ملكا وبعضها مستأجرة اما لو كان بعضها مستعاراً ففي تحقق الجارية اشكال والظاهر أنه يتحقق ولو كانت كلها مغصوبة أو بعضها فإن كان مع الجهل فالاظهر التحقق وإلا فالاظهر عدمه لسقوط احترامه ويحتمل ثبوت حقه وإن فعل حراما لعدم المنافاة ويحتمل سقوط الحق منه وعدم سقوطه عليه ويلحق بالدور بيوت القصب والشعر إن كانت منفردة وإن استدار عليها شبه الحائط احتسب العدد منه ولا يشترط في الجار فعلية السكنى فلو غاب بنية الرجوع لم يسقط حقه ولو اعرض عن سكنى تلك الدار سكن غيرها أم لا سقط حقه ولو باعها فالجوار للمشتري ولو قبل أن يسكن ولكن على اشكال ولا يبعد لزوم سكناه بعد الشراء في الجملة ولو كان له داران يتردد اليهما في السكنى كان له خياران ولو قسم السكنى عليهما مدة فمدة وكانت المدة طويلة كان كل مدة جارا لهم دون الاخرى ومن وصلت الاربعون ذراعاً إلى بابا داره أو إلى حائطه خرج عن الوقف على الظاهر من وصلت إلى نصف داره أو إلى ثلثه بل وثلثيه كان جارا ولو كان الكسر قليلا خرج على الظاهر والظاهر ان الوقف يشمل الانثى والذكر والمعيل الصغير والكبير سوى المملوك وهل يقسم الحاصل على نسبة فيتساوون فيه أو على نسبة لدور ثم يقسم سهم كل دار إلى أهله بالسوية وجهان ولا شك ان الأول أوجه على ما قلناه من العرف أو الاذرع وعلى لاقول الاخر فقسمته على الدور غير بعيدة ولو تباعدت الدور على القول باعتبارها فان كان تباعداً فاحشاً سقط حكمها على الاظهر وإلا بقي ولو انقسمت دار إلى اربعين كانت الجارية للمقسوم ويسقط حكم الدور الاولية على الظاهر والدار من الجانب الأعلى والأسفل ولا يسقط بها الجوار على جميع الاقوال وعلى القول باعتبار الدور اشكال ولم يكن للمتجاورين دور ولا شبهها فالمحكم العرف ليس الا والظاهر أن الوقف على الجيران من الوقف الخاص الواجب فيه الاستيعاب ولكن إن كان مما لا ينقرضون غالبا لم يحتج الوقف عليهم إلى نقل إلى من لا ينقرض غالبا وإلا احتاج.
الثالث عشر:إذا وقف على قومه انصرف على المشهور نقلا إلى أهل لغته أما مطلقا أو الذكور منهم خاصة ونسب الأول إلى رواية وبموافقتها للمشهور تكون معتبرة ونقل على الثاني الاجماع هو الاقرب إلى العرف ويحمل المطلق عليه جمعا وفي قوله تعالى: [لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ] (الحجرات آية 11) وقوله:
أقوم آل حصن أم نساء
دلالة على اختصاصه بالذكور وقد يختص القوم بالرجال من أهل القبيلة والعشيرة والاهل كما قال قائل:
قومي هم قتلوا أُميم اخي
وإذا رميت يصيبني سهمي
وربما يساعده العرف وقد يختص بالرجال التابعين لرئيسهم السامعين لقوله ويشهد به العرف ايضاً ولا يبعد عند صدوره اليوم لا يراد إلا المعنيين الاخرين وحمله عليهما أحوط نعم قد يشكل فيما إذا كانت عشيرته أو اتباعه من غير أهل لغته فهنا يحتمل شمول اللفظ لهم تبعاً للعرف ويحتمل عدمه تبعا للمشهور في تخصيص القوم بأهل لغته ويؤيده الاجماع المنقول والحق ان قصد الواقف إن علم اتبع وإلا فإن اختص بعرف خاص انصرف لفظه إلى رااردة وان لم يكن هناك عرف خاص حمل على ما عليه مشهور الأصحاب لانهم الاعرف بما عليه الخطاب.