انوار الفقاهة-ج28-ص32
السابع:لايجوز الوقف من المسلم على الكافر أو المخالف لكفره ولخلافه قطعا وهل يجوز الوقف على الكافر لغير ذلك من الجهات قيل بالجواز مطلقا وقيل بالمنع مطلقا وقيل بالمنع في الحربي دون غيره مطلقا وقيل بالمنع في الحربي إذا لم يكن رحماً وقيل بالمنع في غيره ايضاً إذا لم يكن رحماً ولو كان رحما جاز وقيل بالمنع ما لم يكن أحد الوالدين ولو كان أحدهما جاز والاقوى عدم جوازه في الحربي مطلقاً رحماً أو غيره أباً أو غيره خاصاً كالوقف عليهم أو عاماً على جميعهم أو على جهة من جهات مصالحهم وفاقاً للمشهور بل ربما يظهر من بعضهم دعوى الاتفاق عليه ويدل على المنع ما دل على النهي عن موادَّة من يحاد الله تعالى وعن الركون إلى الظالمين وعن القرب اليهم وما دل على الامر بالبعد عنهم والتجنب منهم واظهار عداوتهم والبراءة منهم والوقف عليهم مناف لذلك وحمل جميع ذلك على كون القصد في القرب والمودة والركون هو علة أنهم كفار ومحادون لله تعالى بعيد عن الظاهر ويدل على المنع ايضاً أن الوقف مبني على الدوام وعدم جواز التغيير والتبديل وهو ينافي كونه على الحربي لأنه ماله فيء للمسلمين يصح نقله وبيعه بعد قبضه لهم ولا أقل من الشك في صحة مثل هذا الوقف على هذا النحو والأصل يقضي بفساده وشمول العمومات والاطلاقات لمثل هذا الفرد مشكوك فيه وبالجملة فالمتيقن من صحة الوقف هو ما كان الموقوف عليه قابلا للملك الدائم والتمليك كالحر المسلم وغيره مشكوك في صحته والأصل عدمه فظهر بذلك ضعف ما يقال من ان عدم جواز تغيير الوقف من حيث هو لا ينافي جواز تغيره من حيث كون الحربي وما يملك فيئاً للمسلمين يصح ملكه ونقله وكذا ضعف ما يقال إن الوقف على الحربي مشمول لقوله ( : (الوقوف على حسب ما يقفها أهلها ولكل كبد حرى أجر) وشمول اطلاقات ادلة الوقف وللاجماع المنقول عن الطبرسي في جواز ان يبر الرجل إلى من يشاء من أهل الحرب قرابة أو غيرها وذلك لانصراف جميع ذلك لغير الوقف المبني على التاييد والدوام والقربة والرجحان والأدلة وإن كان بينهما عموم من وجه ويمكن الجمع بينهما بحمل المنع على الموادة للحادة والجواز على الموادة لجهة اخرى إلا ان عموم ما دل على الجواز غير شامل للوقف على الحربي إما لانصرافه إلى غيره أو لتخصيصه بما قدمناه والأظهر جوازه على الذمي مطلقا ويزداد الجواز قوة لو كان الذمي قريبا ويزيد عليه لو كان أحد الأبوين كل ذلك لعموم بالأدلة وإطلاقات الوقف من غير معارض لأنهم قابلون للتمليك وقابلون للصلة والعطية ومالهم محترم ونفوسهم معتصمة بالذمام ولكل كبد حرا أجر وهم من بني آدم المكرمين ولاحتمال تولد مسلم منهم ولقوله تعالى: [لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ] (الممتحنة آية 8) ولما دل على الحث على صلة الارحام والنهي عن قطيعة الرحم وما دل على الحث على صلة الوالدين والرحمة لهما والنهي عن الاعراض عنهما والأمر بصلتهما وبرهما ومصاحبتهما في الدنيا معروفاً بل قد نقل على جواز الوقف على الأقارب مطلقاً الإجماع ونسب إلى رواية بل وجميع ما دل على جواز الوقف على الأقارب شامل للمسلم وغيره خرج الحربي بما تقدم من الأدلة وبقي الباقي بل ظاهر القدماء امن الخلاف منعاً وجوازاً مطلقاً والتفصيل على ما ذكر وارد على الكافر مطلقاً من غير تقييد بكونه ذميا أو حربياً ويؤيد ذلك إجماع الطبرسي المتقدم خرج منه الحربي وبقي الباقي ولا يعارض ذلك سوى الآية المتقدمة الناهية عن موادة من حاد الله تعالى وهي غير قابلة لمعارضة جميع ما تقدم فلا بد من حملها على خصوص الحربي أو على خصوص الموادة للمحادة بل ربما يدعي ظهور ذلك منها وبالجملة فمتى حصل الرجحان وصح قصد القربة في الوقف على أهل الذمة كان مشمولاً لأدلة الوقف من غير معارض سيما بالنسبة إلى الأقارب وخصوص الأبوين لقوة الأدلة الدالة على جواز صلتهما وبرهما ورجحان ذلك وحصول ذلك في الوقف الخاص لا إشكال فيه وإن أشكل حصوله في الوقف العام في الجملة لبعد الرجحان والقربة بالنسبة إليه ويلحق بالكافر كل من خرج عن طريقة الحق من المخالفين والفرق غير الاثنى عشرية على القول بالجواز وعلى القول بالمنع وجهان من اختصاص كثير من أدلة المنع بالكافر ومن شمول التعليل بعدم الرجحان وعدم حصول نية التقرب والنهي عن موادة من حاد الله للجميع ويلحق المرتد الفطري بالحربي لعدم استقرار ملكه له على الاظهر.