انوار الفقاهة-ج28-ص31
الخامس:لا يجوز للمسلم أو المؤمن الوقف على الكنائس والبيع لمصلحتها تعميراً وتنظيفاً أو للفرش فيهما أو للاسراج ولا يجوز الوقف على التوراة والانجيل كتابةً وتصحيفاً ولا على جميع كتبهم ومواضع عباداتهم كل ذلك لما فيه من الاعانة على الإثم ومن تقوية كلمة الكفر ومن الموادة لمن حاد الله تعالى فلا يجامع القربة المشروطة في الوقف ولما يظهر من الأصحاب بحيث قد يدعى اجماعا ولا يتفاوت الحال بين القول بجواز الوقف على اليهود والنصارى وبين القول بعدمه وما يقال انه على القول بجواز الوقف عليهم يصح الوقف على كنائسهم وبيعهم لأنه يكون في الحقيقة وقفا عليهم كما يكون الوقف على المساجد وقفا على المسلمين لا وجه له للفرق بين الوقف على المساجد من حيث كونها مصلحة محللة من مصالح المسلمين وبين الوقف على الكنائس من حيث كونها مصلحة محرمة مشتملة على اعانة الاثم ولا يجدي رجوع الوقف على الكفار فيها والوقف عليهم جائز لاختلاف الحكم من حيث ان رجوعه إلى الكفار كان على جهة محرمة وهي تقوية دينهم واعلاء كلمتهم فهو منهي عنه ولا يجامع القربة بخلاف الوقف عليهم لايصال النفع اليهم دنويا أو اخرويا لانهم من النفوس التي لا يحرم صلتها لكونها من بني آدم ولكل كبد حرى اجر ومن عباد الله تعالى فانه لا باس به ولا يستلزم منع هذا فانه يحجوز الوقف على المسلمين ولا يجوزالوقف على لهوهم وبيوت خمورهم وعلى العصاة منهم لمعصيتهم ولو تعلق غرض صحيح في الوقف على الكنائس والبيع والتوراة والانجيل بحيث يعتد به ويكون راجحا جاز الوقف عليها.
السادس:يجوز الوقف من الكافر والمخالف على المؤمن وعلى من كان مثلهما بل وعلى الجهات المحرمة في شرعنا كالوقف على البيع والكنائس والتوراة وشبهها بل وعلى بيوت النار ونحوهها مما كان راجحاً في شرعهم كل ذلك لما ورد من الزامهم بما الزموا به انفسهم ولما دل على تقريرهم على مذهبهم من رواية أو سيرة أو اجماع ولا يتفاوت الحال في ذلك بين صدور القربة منهم حين الوقف وبين عدمه بعد أن يكون الصادر منهم وقفا في مذهبهم ولا يبتني صحة وقفه وعدمه على صدور نية القربة كما يظهر من جملة من الفقهاء وحيث ان المانع من الصحة علل المنع بعدم امكان نية القربة والمجوز علل الجواز بامكان ذلك إلا من الدهرية والمعطلة لان ابتناء ذلك على صدور نية القربة وعدمه مما يفسد الوقف منهم من اصله لان القربة الصادرة منهم فاسدة غير مقبولة لاشتراط الايمان في صحة العبادات المشروطة بالقربة فلا تكون مصححة للوقف المشروط بها ثم إنا لو صححنا وقفهم على مذهبهم والزمناهم فهل يصح الدخول إليه والعبور عليه في مثل كنائسهم وقناطرهم الظاهر ذلك مع الاطلاق ومع النص على كون الوقف على أهل نحلتهم وانصراف الاطلاق إلى ذلك كانصراف الوقف منهم على العلماء والفقراء إلى علمائهم وفقرائهم فاشكال ويقوى الاشكال فيما إذا كان نص الواقف على اخراج المسلمين أو المؤمنين من الوقوف حينئذٍ فيحتمل حرمة ذلك علينا للاصل القاضي بحرمة مال الغير من دون إذنه ويحتمل الجواز لخروج الوقف في مثل ذلك عن ملكهم وصيرورته لله تعالى ونحن أحق منهم ولا يلزم اتباع شرطهم لفساده ولا يلزم من فساده فساد الوقف لصحته عندهم مع الشرط فنلزمهم بما الزموا به انفسهم ويحتمل أنه لو وقف على مثل المؤمنين والمطيعين والمصلين ونحوها اختص الوقف بنا لارادة الواقع وليس غيرنا كذلك واقعا سواء صدر الوقف من كافر أو مخالف ويحتمل أنه من تعارض الاسم والاشارة .