پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج28-ص28

الأول يشترط في الموقوف عليه ذكره بنفسه أو بما ينوب عنه من جهة أو مصرف فلو وقف ولم يذكر شيئا من ذلك بطل الوقف للاصل ولظاهر الأخبار الواردة عن الأئمة ( ولفتوى المشهور ولظاهر الاجماع المنقول ولأن الوقف تمليك فما لم يذكر المالك بطل ولبطلان الوقف على المجهول فغير المذكور أولى ونقل عن ابن الجنيد ( جواز هذه صدقة لله تعالى ولم يذكر المتصدق عليه وكانت في أهل الصدقات وهو شاذ متروك ويشترط كونه موجودا أو معدوماً ممكن الوجود تابعاً للموجود كالوقف على أولاده الموجودين وما سيوجد منهم أو من غيرهم وقف تشريك أو الوقف على اولادهم ثم على ما سيوجد منهم أو من غيرهم وقف ترتيب فلو كان معدوما غير ممكن الوجود كالوقف على الميت أو على ما تلده الاموات أو على العنقاء بطل منضما كان أو منفردا أو وقف تشريك أو ترتيب وكذا لو كان ممكن الوجود الا انه لم ينضم إلى موجود على وجه التشريك أو الترتيب بل كان مستقلا بالوقف فانه يبطل قطعا ويشترط كونه قابلا للملك فلا يصح الوقف على الجماد ولا على حمل ولا على عبد اما الجماد فلا اشكال فيه واما الحمل فانه وان كان موجودا حيا ويصح قبول وليه عنه إلا ان الظاهر منهم ان الحمل لا قابلية له للملك المنجز قبل خروجه حيا وان صح تمليكه بغير التنجيز كالوصية والنذر إذا خرج بعد ذلك حيا ويكون الخروج كاشفا أو ناقلا والإجماع منقول على ذلك وأما العبد فظاهرهم على عدم صحة الوقف عليه ونقل عليه الاجماع وبناه جمع على القول بملكه وعدمه فإن قلنا بملكه صح الوقف عليه وتولى القبول والقبض مولاه وان قلنا بالعدم فلا يصح الوقف عليه ولا ينصرف إلى سيده قهرا لعدم القصد إليه ويستثنى من ذلك الوقف على العبد المعد لخدمة الحضرة والمسجد وكذا الدابة كما يستثنى من الوقف على الجماد الوقف على القنطرة والمسجد والحضرة فان ذلك كله جائز لرجوع الوقف في الحقيقة وقفا على أهل تلك المصلحة من المسلمين رجوعاً قهريا أو قصديا على ما تقدم سابقا وعلى كلا التقديرين فجوازه لا اشكال فيه والاتفاق والسيرة قاضية به ولا يعارض ذلك ما ورد في المرسل عن الوقوف على المساجد قال لا يجوز فان المجوس وقفوا على بيوت النار وكذا ما ورد في الخبر الآخر وهما ضعيفان سنداً ويزيد الاخر بضعف الدلالة على ما ذكرناه ومع ذلك شاذان متروكان فطرحهما أو تنزيلهما على ارادة البيع والكنائس من لفظ المساجد مما يعين الوقف عليه على الاثم أو على ارادة الاستفهام الانكاري من لفظ لا يجوز ويكون المقصود من ذكر التعليل بيان جوازه على المساجد بطريق اولى وحملها على الكراهة بعد اتفاق الأصحاب على الجواز والاستحباب بعيد ويمكن حمل الكراهة على ارادة تجنب صورة اللفظ في الوقف على المساجد للبعد مما يفعله المجوس ويشترط كون الموقوف عليه مما لا يحرم عليه البر والصدقة كالوقف على العصاة والزناة وقطاع الطريق وشاربي الخمر لكونهم كذلك لا لكونهم من ولد آدم أو غيرها من الجهات المحللة ويشترط كونه معلوما غير مبهم ولا مردد فيه بين عام وخاص أو تشريك أو ترتيب أو بين شخصين أو كلى ملحوظا فيه نفس الطبيعة دون الفرد ولو وقع ما لا يصح الوقف عليه أو لا كان منقطع الأول ووسطا كان منقطع الوسط واخيرا كان منقطع الاخير وحكم منقطع الوسط بالنسبة إلى ما بعده كحكم منقطع الأول وبالنسبة إلى ما قبله كحكم منقطع الاخير والاقوى صحة منقطع الاخير مع ارادة الجنس والاطلاق دون ما إذا اريد نفس الوقف المؤيد وكذا الاقوى صحة الوقف على ما يصح الوقف عليه إذا انضم ما لا يصح كمعدوم لا يمكن وجوده أو جماد أو ما يحرم الوقف عليه ويقضي بالتنصيف كما ان الاقوى فساد منقطع الأول للشك في شمول دليل الصحة له وللزوم إما صحة الوقف مع عدم موقوف عليه أن أجرينا الوقف على اطلاقه أو مخالفة الواقف وقصده إن اجريناه على ما يصح الوقف فقط فيخالف قوله عليه اسلام الوقوف على حسب ما يقفها أهلها والعقود يتبع القصود وما قيل انا نلتزم أن هنالك موقوفاً عليه فإذا أمكن انقراضه اعتبر انقراضه فيكون انقراضه شرطاً في تجويز الانتفاع لا في نفوذ الوقف والنماء للواقف وورثته لمنقطع الوسط ويساوي ما لا يمكن انقراضه كما سيأتي إن شاء الله تعالى وإن لم يمكن انقراضه كان شرط الواقف محالا فلا يلزم اتباع شرط الوقف لأنه انما يلتزم اتباعه لو كان سائغا واذا كان الشرط لغواً لم يبطل الوقف لوجود الموقوف عليه فينصرف إليه ضعيف جداً وذلك لأن العقد إذا ابتنى على شرط فاسد فسد العقد بفساده والحكم بأن الشرط إذا كان محالاً يكون لغواً فيفسد بنفسه مخالف لقواعد الشروط وقياسه على منقطع الوسط قياس باطل لأن الكلام فيه في منقطع الأول بالنسبة إلى ما بعده ووجود الموقوف عليه على غير النحو المقصود من الواقف إليه لأن الوقوف على حسب ما يقفها أهلها على أن ما أمكن انقراضه لو جعل شرطاً في انتفاع الثاني وجعل النماء للواقف مدة وجوده كان بمنزلة عدم اخراج الواقف الوقف عن نفسه وهو باطل قطعاً ونقول زيادة على ذلك إن منقطع الأول ليس بمنزلة الشرط الملغي كي يمكن اسقاطه وصحة الوقف بل هو ركن من اركان الوقف لأنه موقوف عليه ابتداءً واذا فسد ركن الوقف فسد الوقف ولا يمكن أن يقال أنه بمنزلة الوقف على ما يصح الوقف عليه وما لا يصح فيصح في القابل دون غيره للفرق بينهما من حيث أن الوقف في الاخير قد وقع دفعة على ما يصح الوقف عليه وما لا يصح فيمكن أن يؤثر في القابل دون غيره بخلاف الأول لأن الوقف قد انصب عليه أولا ثم على القابل فاذا بطل اثره في الابتداء لم يمكن أن يؤثر في الاستدامة لابتنائها على الابتداء وبهذا يظهر ضعف من حكم بصحة الوقف المنقطع الأول استناداً للاصل وإلى انه بمنزلة ضم صحيح إلى فاسد فيصح فيما يصح ويفسد فيما يفسد ووجه الضعف ما عرفت من انقطاع الأصل ومن الفرق بين الضميمتين من إمكان القول بالصحة هناك دونه هنا وعلى القول بالصحة فهل تصرف منفعة الوقف في الحال إلى من يصح في حقه أو ترجع إلى الواقف أو تصرف في وجوه البر أو يفرق بين ما يمكن انقراضه كالعبد وشبهه فيصرف إلى الواقف أو إلى الفقراء أو المساكين لخروجه عن ملك الواقف في الجملة وبين ما لا يمكن انقراضه كالوقف على ميت أو مجهول ابتداءً فيصرف إلى من يصح الوقف في حقه وجوه والتفصيل على القول بالصحة قريب.

الثاني: إذا وقف على ما ينقطع عادة فاتفق انقطاعه ولم يكن الواقف عالماً بانقطاعه ولا قصده وكذا لو وقف على جهة فبطل رسمها كما إذا وقف على مدارس أو مساجد فاضمحلت اضمحلالا لا يرجى عوده وكذا لو وقف وقفا امتنعت منفعتها كما إذا وقف مسجداً أو مدرسة فخربت البلد خرابا لا يرجى عوده أو وقف قنطرة فذهب الماء ذهابا لا يرجى عوده أو غير ذلك فإنه في ذلك كله لا يبطل الوقف ولا يعود إلى الواقف منه شيء بل تصرف منافعه في وجوه البر فللحاكم أن يؤجر المسجد والمدرسة لانتفاع آخر وياخذ الاجرة ويصرفها في وجوه البر وكذا له أن يأخذ نما الوقف على كل مصلحة بطل رسمها فيصرفه في وجوه البر ونسب ذلك إلى المشهور بل ربما يظهر من بعضهم نقل الاتفاق عليه وان غيره شاذ نادر وعلل بخروجه عن ملك الواقف وصرفه في وجوه البر أقرب للغرض الاصلي وانسب إليه وربما يؤيده ما ورد في الوصية والنذر المعين كالخبر فيمن أوصى بوصية ولم يحفظ الوصي إلا باباً واحداً كيف يصنع بالباقي فوقع ( : (الابواب الباقية اجعلها في البر ).وفي آخر فيمن اوصى بمال يحج به عنه فلم يسمع فتصرف فسئل الامام ( فقال: ( إن كان لا يبلغ أن يحج من مكة فليس عليه ضمان ) وفي جملة من الأخبار ما يدل على ان ما أوصى به للكعبة أو كان هدياً أو نذراً يباع إن كان جارية ونحوها وإن كان دراهم صرفت في المنقطعين من زوارها وعلى كل حال فالحكم في الجملة لا إشكال فيه إنما الاشكال في لزوم صرفه في الاقرب إلى تلك المصلحة من وجوه البر فالاقرب فيصرف وقف المسجد ونمائه وأجرة المسجد ومنافعه في مسجد آخر وكذا المدرسة والقنطرة والحمام وغيرها أو عدمه وجهان:

ووجه الأول:الاحتياط في مال الغير وعدم جواز التصرف فيه غير المقطوع به ولأنه أقرب إلى غرض الواقف فينبغي إتباعه ولأن الواقف كان الغرض منه القربة والمسجدية وكونه المسجد الخاص فإذا انتفى كونه المسجد الخاص بقى إرادة المطلق ولأنه لا يترك الميسور وما لا يدرك كله لا يترك كله.