انوار الفقاهة-ج28-ص24
الحادي والعشرون:الوقف عامة وخاصة ينتقل عن الواقف كما هو المشهور شهرة محصلة ومنقولة وكما نشعر به اطلاق لفظ الصدقة عليه في الأخبار فانه لا يعقل للفظ الصدقة عرفا وشرعا معنى سوى ما انتقل عن صاحبه لغيره ابتغاء وجه الله تعالى وفي الخبر ان صدقة رسول الله ( وفاطمة ( لبني هاشم وبني عبد المطلب وظاهر اللام الانتقال وفي أخبار الوقف ما فيه أنه صدقة بتا بتلا وهما بحسب العرف واللغة المنقطعة عن صاحبها ويؤيد الانتقال أن الوقف يزيل التصرف بالعين والمنفعة اللازمان للملك وزوال اللازم يدل على زوال الملزوم وأنه لو لم ينتقل لرجع ضمانه إلى المالك فلا يلتزمه أحد وما نقل عن بعض الأصحاب عدم الانتقال لجواز ادخال من يريد مع اصاغر ولده ولأن الوقف تحبيس ومن شأنه عدم الملك للمحبوس عليه فلا ينافي ملك الحابس له بل العدول عن النقل إلى التحبيس دليل على عدم الانتقال والكل ضعيف لانا لا نقول بالاول ولو قلنا به فللدليل ولأن المراد بالتحبيس التحبيس على الموقوف عليه من التصرف فيه بنقل عنه أو انتقال بمعنى أن لا ينتقل إليه مطلقا بل على الوجه الذي نقله إليه ودعوى أن كل حبس شأنه عدم الملك ممنوع لأن من افراد الحبس هو الوقف والعدول من النقل إلى الحبس للدلالة على أن الموقوف محبوس على الموقوف عليه ثم على القول بانتقاله من ملك الواقف فهل يعود لله تعالى لثبوت انتقاله عن الواقف وعدم ثبوت انتقاله إلى غيره استصحابا ومعنى انه لله تعالى أنه لا يملكه أحد من الآدميين فيكون كالتحرير وليس كسائر المباحات لاختصاص الموقوف عليه به وعدم جواز مزاحمته في عينه ولا منفعته ولا في قيمته لو ضمن بقيمته بحيث لم يمكن جعل القيمة وقفا أو يعود ملكا للموقوف عليه مطلقاً كما نسب للاكثر وإن لم يجز نقله وبيعه كأم الولد لأنه قال مضمون بالمثل والقيمة وليس ضمانه للواقف ولغيره فيكون للموقوف عليه ونقض ذلك ببواري المسجد وآلاته فانها تضمن بالقيمة وملكها لله تعالى ورد بأن النقض إنما يتم لو جعلنا المضمون في الوقف مطلقاً وقفا ولو جعلناه للموقوف عليه طلقا لم يتم النقض ونظر فيه بان جعله مما يؤكد النقض بخلاف جعله وقفا لبقاء أصل الشبهة وفي النظر نظر لان الغرض الفرق بين بواري المسجد وغيرها للزوم كون المضمون في الأول وقفا دون الثاني وقد يستدل على انتقاله للموقوف عليه برواية سليمان النوفلي في ارض موقوفة على قوم منتشرين فاجاب بانها لمن حضر البلد الذي فيه الملك لمكان اللام المفيدة لملك رقبة الأرض لأنها المسؤول عنها للحاضرين وقد ينظر
فيه بعدم افادة اللام الملك وبعدم تعلق الملك بنفس رقبة الأرض ضرورة أن الغائب له سهم فيها لأنه لو دفع إليه شيء من نمائها لاستحقه غاية ما في الباب لا يجب التوزيع والدفع إلى الغائب وقد يناقش في عدم افادة اللام الملك لظهورها فيه وفي جواز دفع شيء للغائب قبل حضوره وقد يستدل على أصل الملك باطلاق لفظ الملك الظاهر في كونه للآدميين إن ثبت اشتمال لفظ الرواية على لفظ الملك كما في المشكاة أو يفرق بين كونه وقفا على منحصر فيملكه الموقوف عليهم لظاهر الأخبار الدالة على انها لهم ولثبوت جملة من لوازم الملك فيه ولعود النظارة فيه اليهم ولعود قيمته أو مثله مع عدم امكان جعلهما وقفا اليهم قطعا و بين كونه وقفا على غير منحصر سواء كان وقفا على نوع أو صنف أو على مصلحة من مسجد وقنطرة فيعود لله تعالى كما اختاره جماعة لتساوي نسبة كل واحد من المستحقين إليه واستحالة ملك كل واحد أو واحد معين أو غير معين للاجماع واستحالة الترجيح ولا المجموع من حيث هو لاختصاص الحاضرين به وفيه نظر لجواز كون الملك لكل واحد كالطرق و الشوارع ولكن لا يجب توزيع النماء عليهم وجواز كون المالك هو الطبيعة ولا نسلم كونها معدومة لوجودها في ضمن الافراد أو يفرق بين الوقف على الآدمي فيملكه الموقوف عليه وبين الوقف على المصالح فيعود لله تعالى كما اختاره بعض وذلك لعدم معقولية ملك الجهة لعدم القابلية لذلك ولأنه بمنزلة التحرير كالعتق ولعدم اشتراط القبول والقبض فيها بل يكفي فيها صلاة واحدة ودفن واحد وفيه نظر لمنع عدم تملك الجهة فلعلها تقبل الملك كما تقبل الوقف ولمنع كون الوقف على الجهة وقفا عليها بل هو وقف على المسلمين كما تقدم فيملكه المسلمون ومنع عدم اشتراط القبض والقبول فيها ولو من الحاكم بل هو عين الدعوى أو يفرق بين وقف المسجد بالخصوص فيعود لله تعالى لان المساجد لله تعالى ولجريان احكام كونه له عليه ولاحترامه وإعظامه الظاهر من كونه له تعالى ولظاهر الأخبار والسيرة والاثار وبين غيره فيملكه الموقوف عليه مطلقاً لما دل من الأخبار المشتملة على كون الوقف لهم الشاملة للخاص والعام ومن جملة العام صدقة بني هاشم وبني عبد المطلب كما تقدم ما ظاهرها الملكية وهذا الاخير اقوى.
فروع: