انوار الفقاهة-ج28-ص13
الرابع :لو وقف واقف على جهة من الجهات كوقف مسجد أو قنطرة أو مدرسة أو دار على المسلمين أو الفقهاء أو العلماء أو وقف على نفس المسجد شيئا أو على نفس القنطرة أو على نفس الدار الموقوفة وقفا عاما فان اطلق و لم يلاحظ نفسه بادخال أو بإخراج صحّ الوقف قطعاً و على ذلك جرت طريقة الاوقاف خلفاً و سلفاً و جاز للواقف ان يشارك الموقوف عليه بالمنافع و النماء و الانتفاع و يكون حاله حالهم بل و يختص به عند انحصاره فيه نعم ولا يكون من الجهة التي يبطل مصرفها و الظاهر انه يكون من الافراد الموقوف عليهم بحكم الشارع و يمكن الاستدلال على ذلك بالسيرة و عمل المسلمين المستمر على ذلك و بفتوى المشهور و الاجماع المنقول على جواز المشاركة الظاهرة في كونه واحدا منهم و لا يتفاوت الحال بين اتصافه بالوصف حين الوقف أو بعده و ربما يؤيد ذلك أيضا بان الوقف على مثل ذلك ليس وقفا على الاشخاص المتصفين بتلك الصفة أولا و بالذات بل و على الجهة المخصوصة لانتفاع المتصف منهم بذلك الوصف به و لذا لا يعتبر قبولهم و لا قبول بعضهم و لا قبضهم و لا يجب صرف النماء إلى جميعهم و لا ينتقل الملك اليهم و على هذا فالواقف يدخل تبعا باعتبار اتصافه فلا يكون ملحوظا ابتداءً و دخول الواقف تبعا على هذا النحو لا دليل على منعه وقد يورد على هذا التأييد بان الوقف على الجهة وقف على الاشخاص بالحقيقة لعدم معقولية الوقف على ما لا يملك و لا يعقل و اخذ الجهة في الوقف انما كان عنوانا للتوصل به إلى افراد ذلك النوع في مثل الوقف على العلماء و الفقهاء أو للتوصل به إلى المصلين و الزائرين و المدرسين في مثل الوقف على المسجد و المدرسة و الخان فعلى أي تقرير فافراد ذلك النوع ملحوظة للواقف في الجملة و دعوى عدم انتقال الملك اليهم و عدم اعتبار قبولهم و قبضهم في حيز المنع فيعود الكلام إلى الواقف قد دخل في الوقف على الجهة و يعود المحذور فإذن العمدة في الاستدلال ما قدمناه سابقا و بذلك يظهر ضعف ما ذهب إليه الحلي من منع المشاركة للاجماع على لزوم اخراج الواقف نفسه و لا يمكن ذلك مع بقاء المشاركة و ذلك لان الاجماع ظاهر في لزوم ذلك في الوقف الخاص أو العام مع ذكر نفسه صريحا أو القصد إليها ضمناً لا مطلقا لفتوى مشهورهم واجماعهم المنقول بجواز المشاركة عند اتصاف الواقف بصفة الموقوف عليه ابتداءً أو استدامةفلا يمكن الاستناد إلى ما ذكروه من الاجماع و من ذلك يظهر انه لو ادخل نفسه صريحا أو قصد ادخال نفسه فالاقرب البطلان و ان ظهر من فتاوى المشهور و اطلاقاتهم جواز المشاركة مطلقا و لو مع ذكر نفسه أو قصد ادخالها معهم لامكان صرف اطلاقاتهم إلى صورة عدم ذكر نفسه و عدم القصد إلى ادخالها و ليس من القصد إلى ادخالها العلم بدخوله شرعا بعد اجراء صيغة الوقف على الاطلاق كما هو الظاهر من الفتاوى و سيرة المسلمين اما لو شرط خروجه و عدم المشاركة فلا يبعد صحة الشرط و عدم جواز مشاركته لهم حينئذ و احتمال فساد الوقف لمنافاة الشرط لمقتضاه أو فساد الشرط فقط فتجوز له المشاركة قهرا بعيدان و نقل عن العامة ( التفصيل بين الوقف على المصالح العامة كالمساجد و القناطر و بين الوقف على ارباب الصفة كالفقراء و العلماء فأجاز المشاركة في الأول دون الثاني و فيه نظر لانه ان اراد بالاول ما يوقف على المسلمين من المساجد و القناطر و شبهها فيتجه عليه عدم الفرق بينه و بين الاخير سوى ان الأول اعم و الثاني اقل منه عموما و هو لا يصلح للفرق و ان اراد به ما يوقف على نحو المساجد و القناطر فيتجه عليه ان كلا منهما وقف على الاشخاص و ان اخذت المساجد و القناطر عنوانا في الأول دون الثاني و اختلاف العناوين لا يصلح فارقا نعم نقل أيضا عن العلامة ( الفرق بين ما ينتقل فيه الوقف لله تعالى كالمساجد فتصح للواقف المشاركة لان مال الله تعالى تتساوى جميع خلقه فيه و لانه ليس وقفا على أحد من خلقه و بين ما لا ينتقل إليه بل إلى المخلوقين فلا تصح فيه وهو جيد بناءً على انتقال الملك لله تعالى في المساجد.
الخامس :يبطل الوقف إذا شرط الواقف قضاء ديونه منه أو اداء مؤنته أو ان له حصة من نمائه أو انه ينتفع به بسكنى أو لباس أو نحوها و نقل عن الأصحاب القطع به في الجملة و نقل عليه الاجماع و يستدل عليه بالاصل و عدم انصراف ادلة الوقف لمثل ذلك لعدم معهوديته فلا يدخل تحت قوله ( (الوقوف على حسب ما يقفها اهلها)و يمكن الاستدلال له بالخبرين في أحدهما رجل تصدق بدار له و هو ساكن فيها فقال الحسين : صلى الله عليه و اله اخرج منها.و لم يسأله عن انه اشترط له السكنى ام لا و في الثاني بعد ان سأل عن أكل الواقف من الصيغة التي دفعها ليس لك ان تاكل منها فان انت أكلت منها لم ينفذ فان كان لك ورثة فبع و تصدق ببعض ثمنها في حياتك فان تصدقت امسك ما يقوتك مثل ما صنع امير المؤمنين ( فان ظاهر عدم النفوذ هو اشتراط عدم الاكل منها إذ الاكل بمجرده لا يصلح لابطال الوقف و لو شرط الواقف اكل اضيافه و عياله الغير واجبي النفقة فلا باس و كذا لو شرط اكل واجبي النفقة لا من حيثية الانفاق اما لو شرط خروج نفقة عياله الواجبة من الوقف أو خروج نفقة مملوكه أو دابته فسد الشرط و الوقف لعود الاشتراط إلى نفع نفسه و ادرار مؤنته فيدخل تحت دليل المنع نعم لو شرط أكل عياله وكانوا ارحاما فاستغنوا به فسقطت عنه النفقة لاستغنائهم صح ويشعر بجواز ذلك وقف النبي ( ووقف فاطمة على ما روي عنهما ولو وقفه على الزائرين له أو المصلين عنه أو الصائمين صح لو قصد الوصف حتى لو كان هو الداعي له للوقف لهم للعمل أيضا ولو وقف لأن يصلى عنه أو يصوم عنه في حياته أو بعد موته بمعنى صرف منافعه في وجوه القربات عنه فسد الوقف على الأظهر لأنه في معنى عود الوقف إليه وصرفه على منافع نفسه من دون تفاوت بين الموت والحياة على الاظهر.