انوار الفقاهة-ج28-ص5
رابعها : يشترط في صحة الوقف القربة بمعنى إيقاع الفعل لوجهه تعالى ولا حاجة إلى نية الوجه كالندب ويشترط اقترانها بابتداء الصيغة واستمرار حكمها إلى آخر الإيجاب والأحوط إلى آخر القبول ويتولاها المباشر للصيغة ولا يبعد جواز توليها من الأصيل وجواز تولي الصيغة الوكيل فيشكل حالها في الفضولي وسيما لو كان غاصباً إلى أن يكتفي بالنية الصورية الحاصلة منه أو بالنية المقارنة للإجازة وكلاهما جوازه محل نظر وتأمل والدليل على اشتراطها ظواهر الأخبار والمشعرة بأن الوقف لله تعالى وأنه يراد به وجهه وفي جملة من اخبار الأئمة ( تعليل الوقف بذلك ولو ان الوقف كسائر العقود والافعال الصادرة عنهم ( لما صلح التعليل في خصوص الوقف دون غيره لان افعالهم كلها راجحة وكلها تصدر عنهم عن محض التقرب فان قلت فاذا كانت القربة امرا قليبيا فما الحاجة إلى ذكرها في اللفظ في تلك الأخبار قلنا فائدتها بيان تاكيد الصحة تحرزا عن شبهة الوقف الفاسد كما يقولون وقفا مؤبدا لا يباع ولا يوهب ونحو ذلك ويدل على اشتراط القربة أيضا قوله ( في الصحيح وفي الموثق : (لا صدقة ولا عتق أما اما اريد به وجه الله تعالى وظاهر النفي نفي الصحة لأنه الاقرب إلى نفي الذات مع احتمال ارادة نفي الذات كما ان الظاهر بل المقطوع به شمول لفظ الصدقة في لسان الشارع للوقف على سبيل الحقيقة لاستعمالها في وقوف الأئمة ( على الاطلاق من دون نصب قرينة وما تضمنته من لفظ التاييد وشبهه ظاهر في كونه من القرائن المعينة لاحد فردي القدر المشترك لا صارفة عن المعنى الحقيقي ولئن سلم كون لفظ الصدقة فيه مجاز في الوقف لكان اطلاقها عليه من الاستعارة والتشبيه القاضيين بسريان حكم المستعار للمستعار له ويدل عليه أيضا ان ما يشك في كونه عبادة بالمعنى الأخص ام لا فالاصل يقضي بانه عبادة بالمعنى الاخص لرجوع الشك فيه إلى الجزئية الراجع إلى الشك في تحقق الماهية لان القربة جزء من العبادة بالمعنى الاخص و دعوى ان الوقف معلوم المعنى و انه من العقود فالمشكوك في شرطيته ينفي بالاصل لاحراز صدق اسمه و احراز كونه عقدا فيشمله عموم(أوفوا بالعقود) و الأصل عدم اشتراط شيء آخر يدعيه الخصم مردودة بمنع كون الوقف معلوم المعنى بل هو مصادرة محضة و منع كونه عقدا فلعله من الموضوعات الشرعية التي من جملة اجزائها العقد و ليست نفس العقد على أن عموم (أوفوا بالعقود) (والمؤمنون عند شروطهم) يراد به العقود والشروط المعهودة وكون الوقف الخالي عن القربة منها أول البحث و لا يمكن ابقاء عمومها على حقيقته بعد أن علمنا الداخل مستهلك في جنب الخارج ان فقهاءنا قد اعرضوا عن عمومها فلابد من حملها على العهد أو رميها بالاجمال فيسقط بها في غير المعهود الاستدلال ويدل أيضا على اشتراط القربة الاجماع المنقول على لسان الفحول المؤيد بفتوى الاعاظم وبالاحتياط وبما ذكرنا يتجه الرد على من نفى اشتراط القربة مستنداً للاصل ولاطلاق ادلة الوقف وعموم (أوفوا بالعقود) فالمشكوك في شرطيته منفي بالاطلاق ويظهر ضعفه مما ذكرنا.
خامسها:يشترط في صيغة الوقف الدوام بمعنى أن لا يؤقت إلى وقت معلوم أو مجهول وينقطع عليها أما لو وقف على اشخاص سنة أو اكثر ثم من بعده على المساكين احتملت صحته ونقل الاجماع على جواز مثله في التذكرة وهو محل نظر وتامل و لا باس بتحديده إلى يوم القيامة أو النفخ بالصور أو إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها لأنه من الدائم ولا يشترط ذكر لفظ التأبيد أو الداوم وشبهها بل يكفي عدم ذكر التحديد كما يظهر من اطلاقاتهم وهل يجوز اقترانه بمدة يعلم زيادتها على بقاء الماء الموقوف أو لا يجوز والاظهر عدم الجواز لظاهر الادلة وكما يشترط الدوام بنفس الصيغة يشترط الدوام بنفس الموقوف عليه بمعنى كونه مما يدوم ولا ينقرض غالبا سواء كان لا ينقرض بمرتبة واحدة أو بمراتب متعددة لا تنقرض جميعها أو لا ينقرض اخيرها أو لا ينقرض اولها أو وسطها وكما يشترط الدوام في الموقوف عليه يشترط الدوام في الموقوف عليه يشترط الدوام في الموقوف عليه يشترط الدوام بنفس الموقوف بمعنى أن لا يكون مبنى الانتفاع به على اضمحلال له كالدهن والشمع والمأكول والمشروب أو كان الوقف فيها على تلك الجهة فهنا أحكام ثلاثة: