پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج28-ص2

أحدها: الوقف فيه امران توقيفيان لا يجوز التعدي فيهما على غير المقطوع به من النص أو الاجماع وهما كونه من العبادات الخاصة المشروط فيه القربة وكونه من العقود اللازمة وحينئذٍ فيجري عليه ما يجري على اسماء العبادات الموضوعة للصحيح عند الشك في اجزائه وشرائطه وموانعه لاجمال معناه وعدم بيانه على وجه الحقيقة ويجري عليه ما يجري على العقود اللازمة من الشرائط المعتبرة في صيغته وفي المتعاقدين وفي غيرهما مما يشترط فيها فلا يقال إن الوقف من العبادات المبينة وان اسمه ليس من الاسماء المجملة بل هو من المطلقات يتمسك باطلاقه عند الشك في صحة فرد منه أو فساده لأن المشكوك في اطلاقه واجماله مجمل والمشكوك بانه من العبادات الخاصة أو غيرها نجعله منها لرجوع الشك للجزئية الراجع إلى الشك في الماهية و لا يقال إنه ليس من العبادات لفساده كما يأتي إن شاء الله تعالى و لا يقال انه ليس من العقود بل هو من قبيل الايقاعات الدالة على نقل الملك عن المالك وجعله لله تعالى فهو اشبه شيء بالتحرير فلا يفتقر إلى قبول و لا إلى ايجاب خاص لان المشكوك في كونه عقدا أو ايقاعا فالاصل كونه عقدا لرجوع الشك إلى نفس الماهية والأصل عدم تحققها وفي عد الأصحاب الوقف من العقود ما يؤذن بكونه عقدا ولاصالة بقاء الملك على ملك مالكه إلا بما يقطع بخروجه وللاجماع المنقول على لزوم القبول مطلقا والاستدلال على عدم افتقاره للقبول بالاصل وبخلو الأخبار الواردة عنهم ( عن ذكر القبول مع كثرتها عموما وخصوصا في العام والخاص ضعيف لانقطاع الأصل بما ذكرنا ولان الأخبار مسوقة مساق الطوامير والحجج في اثبات الوقوف الصادرة عن الأئمة ( لا مساق بيان الوقف ومشروعيته وصيغه أوانشاء الوقف فيها أو نحو ذلك كي يتمسك بعدم ذكر القبول فيها وعدم ذكر صيغة خاصة للايجاب على نفي اشتراط القبول واشتراط الصيغة الخاصة ودعوى كون الوقف كالاباحة فيكفي فيه الايجاب مصادرة على المطلوب وممنوع أيضا في الوقف الخاص لكونه نقلا للملك و لا يدخل الملك للمالك في الاسباب الاختيارية من دون رضاه فيبطل بما ذكرنا قول من ادعى استغناء الوقف عن ذكر القبول مطلقا وقوله من ادعى استغناءه في الوقف العام فقط لانه كالتحرير دون الخاص لانه كالتمليك و لا يملك الشخص مال غيره قهرا في غير ما جعله الشارع سببا وكونه من تلك الاسباب ممنوع وهو في الوقف الخاص حسن وفي العام ضعيف وعلى اشتراط القبول فلا يشترط سوى قبول البطن الأول قطعا للانفاق والسيرة القطعية على ذلك سواء قلنا إن البطن اللاحق يتلقى من الواقف أو من الموقوف عليه فمناقشة بعض المتأخرين في الحكم المذكور ليس في محلها جدا ويتولى القبول في الوقف العام الناظر الشرعي كالحاكم وأمينه لأنه ولي الحقوق العامة وولي أهليها في القبض عنهم والدفع اليهم في الزكوات والاخماس والنذور العامة فإن لم يوجد الحاكم تولى ذلك أحد عدول المسلمين عنهم لمكان الضرورة وعلى ما اخترناه فلابد في الوقف من صيغة لفظية صادرة من المالك نفسه و لا يجري فيه الفضولي لمنافاة القرية له لأنها إن صدرت من العاقد فلا معنى لتقربه بمال شخص آخر سيما لو كان غاصباً وإن صدرت من المالك حين الاجازة أشكل الحال فيه من جهة عدم المقارنة بين الصيغة وبينها فيحصل الشك في حصول سببية الوقف للشك في كفاية القربة المتاخرة وإن صدرت من المالك حين العقد لو فرضنا ذلك اتجه لها وجه صحته تنزيلا لها منزلة الوكالة في الوقف لبعد اشتراط كون الصيغة والقربة من فاعل واحد بل هو اولى بالصحة من وقف الوكيل لتولي القربة هنا من المالك بنفسه و لا ينافيه تولي العقد غيره لان شأن العقد ذلك بخلاف ما لو تولى القربة غير المالك فإنه إن تقرب بنفسه فلا معنى له وإن تقرب عن المالك احتاج تعقل ذلك وصحته إلى نظر وتامل ولكن ظاهر الأصحاب والسيرة عدم منع التوكيل فيما شرط صحته القربة حال الدفع في خمس أو زكاة أو صدقة أو وقف وإن حكمه حكم النيابة في العبادات البدنية وان كان بينهما فرق من جهة.