انوار الفقاهة-ج27-ص16
سابعها: لو مات الودعي فإن علمت الوديعة فلا كلام وإن لم تعلم بعينها فإن علمت أنها في جملة أعيان التركة الموجودة كان المودع شريكاً للوارث في القدر المعلوم أو ما قامت عليه البينة وإن لم يعلم وجودها في أعيان التركة فإن علم تفريط الودعي فيها بترك الوصية أو شبهها كانت ديناً في ذمته وحكمها كحكم سائر ديون الميت وإن لم يعلم التفريط بها فالأظهر عدم لزوم إحراجها من التركة لأصالة عدم كونها في جملة أعيان التركة كي يحكم بشركة المودع للوارث وأصالة عدم التعدي والتفريط عليها وبها كي يحكم بضمان الودعي فتعامل معاملة الدين وأصالة بقائها في الوجود الخارجي أو تحت يد المودع أو في بيته لا يقضي بكونها في جملة أمواله إلا إذا علم كونها في جملة أمواله قبل الموت أو قبله ويعده ونسب للمشهور أن الميت إذا اعترف بالوديعة وجهلت عينها فإنها تخرج من أصل تركته ولو كانت له غرماء وضاقت التركة حاصرهم المودع لأن اعترافه بالوديعة زمن حيويته أوجب ثبوت يده عليها والتزامه بها إلى أن يردها إلى مالكها فإذا لم تعلم كان ضامناً لعموم على اليد ولأنه بترك تعينها ضامن لها لتفريطه بها ولأصالة بقائها في يده إلى الموت وبعده تكون في جملة التركة فإذا تعذر الوصول إلى عينها وجب البدل فتكون بمنزلة الدين فيحاجوا صاحبها الغرماء وفي هذا الكلام ضعف يظهر مما تقدمه وقد تقدم نظير ذلك غير مرة.
ثامنها: لو أنكر الوديعة ثم أقر بها ابتداءً أو قامت عليه البينة فصدقها ثم ادعى بعد الإقرار والتصديق تلفها مطلقاً أو تلفها بعد الإنكار ضمن وإن ادعى تلفها قبل الإنكار فقيل لا تسمع دعواه ولا تقبل بينته لتكذيبه إياها ولا يتوجه بها عليه يمين ولا على المدعي وقيل تسمع دعواه ويقبل يمينه لاحتمال استناد الإنكار لسهو أو نسيان أو غفلة أو نحو ذلك وقيل أنه لا تسمع دعواه ولا تقبل بينته ولا يتوجه عليه يمين ولكن يتوجه بها يمين على المودع لو طلب إحلافه على نفي العلم وقيل إنه أظهر لإنكاره تأويلاً ممكناً كأن يقول أردت ليس عندي وديعة يلزمني ردها أو ضمنها ونحو ذلك سمعت دعواه وبينته وإلا فلا تسمع وقيل إن كان الإنكار لأصل الإيداع لم تقبل دعواه ولا بينته وإن كان الإنكار لشغل ذمته أو لعدم وجود الوديعة الآن عنده أو لعدم لزوم شيء عليه أو نحو ذلك سمعت دعواه وقبلت بينته بل قيل إن هذا ليس من محل الخلاف في المسألة والأظهر القبول والسماع إن أظهر تأويلاً ممكناً لعدم ثبوت التعدي عليه الموجب للضمان ولأن تكذيب بيّنة إنما يثبت بالمحقق لا بالموهوم.