انوار الفقاهة-ج27-ص9
ثالث عشرها: لو تصرف المستودع في الوديعة ببيع أو شراء كان التصرف فضولياً موقوفاً على الإجازة فإن لم يجز المالك وقع التصرف باطلاً وإن أجاز صح ولو كان هناك ربح كان الربح للمالك وعلى أي تقدير فالمستودع ضامن وفي الخبر المعتبر بوجود ابن محبوب في سنده المنقول الإجماع على تصحيح ما يصح عنه (فيمن استودع رجلاً مالاً ثم جاءه بعد ذلك بالمال قال فهذا مالك فخذه وهذه أربعة آلاف ربحها في مالك فهي لك مع مالك واجعلني في حل وأخذت منه المال وأبيت أن آخذ الربح منه وأتيت حتى أستطلع رأيك فما ترى قال فقال خذ نصف الربح وأعطه النصف إن هذا رجل تائب والله يحب التوابين) وظاهره صحة عقود الودعي قهراً وانتقال الربح للمودع كذلك والأمر بإعطائه النصف عوضاً عن عمله للاستحباب لمكان توبته كما هو ظاهره وهو مخالف للقواعد القاضية بعدم نفوذ عقد الفضولي إلا مع الإجازة وحينئذ فحمله على وقوع الإجازة من المالك كما هو الغالب أوجه ويمكن الأخذ بظاهره تعبداً في صورة عدم إمكان استرداد عين الوديعة كما هو الظاهر من مورد الخبر لمكان الضرر على المودع بعدم استرداد عين ماله وبحبس المال منه تلك المدة كما يشير إليه ما جاء في التجارة بمال اليتيم بغير وجه شرعي من أن الربح لليتيم فإن كون الربح له غير موقوف على إجازة الولي وتنزيله على الإجازة الإلهية كما نزله الوالد (() ليس على نهج القوانين العادية بل من الأمور الخفية وربما عاد إلى ما ذكرناه أما مع إمكان استرداد العين فالأخذ به بعيد جداً اقتصاراً في مخالفة القواعد على القدر الممكن وقد يظهر من إطلاق الخبر أيضاً عدم الفرق في استحقاق المالك الربح بين أن يأذن للودعي في التجارة بشرط الضمان وبين أن لا يأذن وهو في الثاني كما تقدم وخالف ابن الجنيد في الأول فجعل الربح للودعي ونفى عنه البأس في المختلف لانقلاب الوديعة قرضاً عنده وربما شهدت به الأخبار الواردة في المضاربة ولكنه بعيد أيضاً لمخالفته القواعد من جهة أخرى وهو تبعية الربح لرأس المال وما ورد في المضاربة لو قلنا به فللدليل ثم إنا لو أخذنا بظاهر الخبر المتقدم فالظاهر عدم التفاوت بين كون الشراء بنفس العين وبين كونه بالذمة سواء اشترى بذمة المالك أو بالذمة مطلقاً إذا دفع عنهما من نفس العين بل لو اشترى بذمته فدفع عنها من الوديعه كما هو الغالب في معاملة الخائن كان مشمولاً لإطلاق الخبر المتقدم ولكنه مشكل جداً لاقتضاء القاعدة كون الربح للودعي وكون الدفع فضولاً عما في الذمة فلا يؤثر فساداً .
رابع عشرها: لو ظهرت على المستودع إمارات الموت لزمه رد الوديعة إلى المالك أو الحاكم عند تعذره وتعذر الرد إلى وكيله أو إيداعها عند ثقة أو الإشهاد عليها على نحو الشهادة المقبولة والإيصاء بردها لثقة مأمون وإلا كان مفرطاً ضامناً حتى لو تبين كذب إمارة الموت كان ذلك من التفريط الموجب للضمان ولو لم تظهر له إمارات الموت فمات فجأةً فلا شئ عليه ويكفي في الإشهاد شهادة العدل الواحد لجواز ثبوت الحق بشهادته مع اليمين ويمين الاستظهار وقد يقال بوجوب الترتيب بين تلك الأفراد المتقدمة الرد ثم الإشهاد ثم الإيصاء ولا شك أنه أحوط إلا أن الإيداع عند الثقة قد يساوي الإبصاء والإشهاد وقد يتقدم الإشهاد عليه ولو لم يوصِ ولو لم يشهد فأنكر الورثة الوديعة كان القول قولهم وللمودع عليهم اليمين على نفي العلم بها لا على البت كما هي القاعدة في الحلف على نفي فعل الغير ولو أقر الوارث بالوديعة وأنكر كونها في جملة التركة الموجودة كان القول قوله مع يمينه على نفي العلم وكذا لو ادعي المودع على الوارث تفريط المستودع بها ولو بترك الرد أو الإشهاد أو الوصية كان القول قول الوارث مع يمينه لأصالة براءة ذمة المورث من الضمان.