پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج27-ص6

سادسها: لو أودع عنده دابة وقبلها المستودع وجب على الودعي الإنفاق عليها كما يجب عليه حفظها وحراستها من العوارض ومن المؤذي من الحيوان صغيراً كان أو كبراً ولا يجب عليه المباشرة بنفسه بل مما تقضي به العادة منه أو من وكيله أو من عبيده أو أزواجه بشرط الائتمان وكونه مما لا يباشر بنفسه عادة ولا يثبت له أجرة المثل لظهور التبرع في عمل الودعي إلا مع الشرط أو جريان العادة بالأجرة هذا إن كانت النفقة من مال المالك فإن لم يدفع المالك النفقة وأمره بالإنفاق وجب عليه أيضاً بذل المال للنفقة ورجع بها إلى المالك لظهور الأمر بالرجوع عليه ولو أطلق المودع فلم يأمرهُ بالإنفاق ولا ببذل المال ولم ينهه عنهما لزمه أيضاً الإنفاق وبذل المال ولكن إن كان المالك موجوداً توصل إلى إذنه أو إذن وكيله ويرجع عليه بعد ذلك وإلا رجع إلى الحاكم فإن أنفق منه أو من بيت المال فلا كلام وإلا أذن للمستودع بالإنفاق بنية الرجوع فإذا انفق رجع وللحاكم أن يأذن للمستودع بالاستدانة والرجوع على المالك وله أن يأذن له ببيع بعض الوديعة أو قبولها بالإنفاق عليها وحفظ باقيها ولو أنفق المستودع من دون رجوع إلى الحاكم جاز ولا ضمان عليه بل لا يبعد أن له أن ينفق بنية الرجوع ويرجع مع الإشهاد من غير حاجة إلى الرجوع إلى الحاكم لأنه محسن و [ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ] بل قد يقال إن الإيداع مع الإطلاق بمنزلة الإذن الضمنية في الإنفاق ولو لم يوجد الحاكم انفق بنية الرجوع ورجع على المودع والأحوط الرجوع إلى عدول المسلمين ويصدق قول المستودع في نيته الرجوع عملاً بالظاهر ولأنه أبصر بنيته والأحوط انضمام اليمين إليه ولو اختلفا في قدر النفقة أو طول زمانها فالقول قول المودع عملاً بالأصل وفي حكم النفقة الدواء المحتاج إليه في الحفظ والظرف المحتاج إليه في حكم الحيوان غيره كسقي الشجر والزرع ولو نهى المالك عن الإنفاق بعد قبول الوديعة وجب على المستودع الإنفاق إن لم يكن حيواناً ولا ضمان عليه بعدم الإنفاق على أي تقدير لإذن المالك له في إتلاف ماله كما يأمره بقتل حيوانه ولكن لو أنفق مع الوجوب فإن كان بإذن الحاكم ونية بنية الرجوع رجع وإن لم يكن بإذن الحاكم ففي رجوعه مع نية الرجوع إشكال بل قد يقال إن إنفاقه بعد نهي المالك من دون رجوع إلى الحاكم تعدي مقتضى للضمان فاللازم حينئذ الرجوع إلى الحاكم لينفق هو أو يبيع بعضاً من الوديعة لحفظ باقيها أو يأمر المستودع بالاستدانة أو بالإنفاق بنية الرجوع نعم لو لم يوجد الحاكم لزمه الإنفاق وكان نهيُ المالك لا عبرة به وجاز له الرجوع بعد نيته.

سابعها:لو عين المودع للوديعة حرزاً على جهة تعيين الجنسية أو النوعية أو الشخصية لزم المستودع ذلك ولا يجوز له وضعه في غيره أو نقله منه بعد وضعه فيه سواء في ذلك الأدنى والمساوي في الحفظ بل والأعلى إذا لم يفهم أن القصد في التعيين هو نفس الحفظ فيكون الأعلى داخلاً بمفهوم الأولوية ومثله المساوي في دخوله بمفهوم المساواة وأما إذا لم يظهر من المودع أن المقصود هو نفس الحفظ سواء ظهر خلافه أو شك في قصده فالحكم فيه بعدم جواز التغيير والنقل مطلقاً هو الأظهر نعم قد يقال إن ظاهر الإيداع يقضي بأن المقصود هو نفس الحفظ لا غيره وحينئذ فيتجه الجواز مطلقاً والتفصيل بين الأعلى فيجوز وبين المساوي فلا يجوز للفرق بين مفهوم المساواة والأولوية قوي ولو قلنا بأن الظاهر من الإيداع هو إرادة نفس الحفظ لصدق التعدي عرفاً مع مخالفة المالك فيما نص عليه.