پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج27-ص4

ثالثها: لو دفع الودعي الوديعة لغير المودع ملجئاً وإكراهاً أو تقيةً على نفس أو مال يضر بحاله سواء كان أكثر أو أقل وسواء دفعها بيده أو أخذها الظالم بنفسه لم يضمن الودعي لعموم لا (ضرر ولا ضرار) ولو أمكنه الدفع بما لا يضر بحاله من غيبة أو ادّخار للوديعة أو إنكار لزم ولا يلزمه تحمل الضرر الذي لا يليق بحاله من جرح أو شتم أو سب أو إهانة ولو أمكنه الدفع بدفع بعض الوديعة دون بعض لزم لوجوب حفظ الكل عليه ولا يترك الميسور بالمعسور ولو أهمل والحال ذلك ضمن المقدار الزائد الذي يمكن حفظه لأن الباقي مأخوذ على التقديرين مع احتمال ضمان الجميع لتفريطه في حفظه في الجملة والمفرط ضامن وإن تلفت بغير تفريطه ولو أمكنه الدفع بمال آخر للمودع عنده أقل من الوديعة ففي لزومه بحث ولو أمكنه الدفع بمال منه بنية الرجوع على المودع ففي لزومه وجواز الرجوع لأنه محسن و[ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ] وجه قوي ولو أخبر الظالم بالوديعة ابتداءً ضمن وكذا لو أخبر السارق بمكانها أو بها إذا ترتب على ذلك علمه بمكانها وكذا لو سأله الظالم عنها فأقر بها أو بمكانها خوفاً من الكذب لأن الكذب جائز وتركه تفريط وقد ورد أن الله تعالى يبغض الصدق في الإفساد كما يحب الكذب في الإصلاح ثم إن المودع يرجع على الظالم بالوديعة لو قبضها بيده أو دخلت في خزائنه في وجه قوي ونسب العلامة (() جواز رجوع المودع على المستودع لو دفعها بيده إلى الظالم قهراً أو يرجع هو على الظالم لعموم على اليد وفيه نظر لأن دفعها بالإذن الشرعية والأصل فيها عدم ثبوت الضمان وإن لم تنافه وكلاهما ظاهر الأصحاب ولو أراد الظالم الوديعة فتوقف دفعه على اليمين الكاذبة بأنها ليست عنده لزم عليه الحلف الكاذب لتخليص الوديعة ويضمن مع تركه أو مع الإقرار بها لإرتفاع قبح الكذب واليمين الكاذبة حينئذ كما يظهر من الأخبار وكلام الأصحاب ففي الخبر (ما صنعتم من شئ أو حلفتم عليه من يمين في تقيته فأنتم منه في سعة) وفي آخر (احلف بالله كاذباً ونج أخاك من القتل) وفي آخر (فيمن يمر به العشار فيطلب منه أن يحلف له بالله ويخلي سبيله فقال فاحلف لهم إنه أحلى من التمر والزبد) وفي رابع مثله وفي خامس (التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به) وفي سادس (فيمن تصدقت عليه أُمُّهُ بدار فادعى شراءها ودفع الثمن ليأخذها فسأل الإمام (() بعد موت الأم فقال احلف وخذ ما جعلت لك) نعم مهما أمكن الحالف أن يوري بيمينه وجب تخلصاً من الكذب بحسب النية وإن تساويا بحسب الظاهر ولأنه أقل القبيحين وفي الخبر عن الرجل يحلف وضميره على غير ما حلف عليه قال اليمين على الضمير وفي آخر مثله وإن لم تمكنه التورية لزمه قصد اللفظ فقط دون نية عقد اليمين.

رابعها:الوديعة تبطل بالفسخ من المودع والمستودع سواء كانت إذناً أو عقداً جائزاً لأن العقد الجائز للمتعاقدين فسخه متى شاءا وهل يجري يعد الفسخ عليها حكم الوديعة المالكية أو الأمانة الشرعية وجهان أقواهما الأول ولو وقع عقد الوديعة فاسداً لفساد صيغته فالأظهر إجراء حكم الوديعة المالكية عليه تبعاً لبقاء الإذن المطلقة في القبض ولو كان الفساد لاشتراط شرط فاسد كاشتراط الضمان فلا يبعد أنها تعود أمانة شرعية ولو طرأ على المودع أو المستودع موت أو جنون أو سفه انفسخ عقد الوديعة وبقيت أمانة شرعية يجب ردها فوراً وإن لم يطالب بها المالك ولا يقبل قوله في الرد كما يقبل قول المستودع في الوديعة المالكية للأصل ولأنه لم يقبض من يد المالك لمصلحته ولم يستأمنه المالك فيها فحكمها كحكم مال اللقطة ومجهول المالك ومال المضاربة والعارية والإجارة في عدم قبول قول المؤتمن في الرد وحكم ما لو أطارت الريح ثوباً في بيته ولم يعلم صاحبه أو اشترى صندوقاً فوجد فيه متاعاً لصاحب الصندوق أو أخذ من يد الصبي أو المجنون مالاً ببيع أو إجارة أو عارية أو وديعة أو نزع المغصوب من غاصبه حسنة لصاحبه أو وحد بيد من ولي عليه مالاً من سرقة أو لعب بالجوز والقمار إلا أن من هذه ما يكون مضموناً على القابض ومنه ما لا يكون كذلك ثم الميت إذا كان المودع لزم على المستودع السؤال عن الوارث ودفع الوديعة إليه أو إلى وكيله أو وليه وإن كان غائباً أو لم يتمكن من الوصول إليه دفع الوديعة إلى الحاكم الشرعي أو إلى عدول المسلمين إن لم يحد من نفسه الأمانة فأن سُئل لم يقرّ على وارث دفعها إلى الحاكم الشرعي ليتطلب الوارث فأن لم يجد كان هو الوارث لمن لا وارث له وإن وجد وارثاً واحداً ولم يعلم غيره جاز دفع المال إليه لأصالة عدم وارث آخر وجاز أن يمنع عنه قدر ما يحتمله أنه لغيره لأصالة عدم استحقاقه جميع الإرث والظاهر أنه لا ضمان عليه لو منع لإحتمال وارث آخر ولا ضمان عليه لو دفع لأصالة عدمه ولثبوت كون الموجود وارثاً والأصل عدم مانع آخر له عن الإرث ويحتمل ضمانه مع الدفع لواحد لأن الإذن الإلهية لا تنافي الضمان وإن كان الأصل فيها عدمه.