پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج27-ص3

أحدها:الوديعة عقد الإذن فلو قال شخص لآخر (أذنت لك في قبض مالي وحفظه كان بحكم الوديعة لا وديعة شرعية وعقدها قولي وفعلي ومركب منهما والفعلي دفع وقبض أو غيرهما) وكل الصور جائزة على الظاهر ولا يفتقر في القولي عربية أو صراحة أو فعلية أو ماضوية أو ترتيب وفي اشتراط عدم الفصل الطويل بين الإيجاب والقبول إشكال كما أن العقد القولي المجرد عن القبض أو الفعلي المجرد عنه من إشارة أو كتابة لا يخلو الحكم من إجراء حكم الوديعة عليها لو كان المال في غير يد المالك أو مطروحاً من إشكال ولو طرح شخص مالاً عند آخر بقربه أو ببيته أو عليه فإن لم يفهمه بكونه وديعة لم تكن وديعة قطعاً ومجرد الطرح لا يقضي بذلك ولكن إن لم يقبل المطروح عنده المال يجب حفظه وإن قبله قولاً أو فعلاً وقد قبضه جرى عليه حكم الوديعة من وجوب الحفظ والضمان لعموم على اليد ما أخذت وإن لم يسم وديعة وإن قبله ولم يقبضه كما إذا كان مطروحاً بقربه ولم ينقله أو يمسكه فلا يسمى وديعة ولا يجري عليه أحكامها والظاهر أن المال الموضوع في البيت أو تحت اليد إذا قبله صاحب البيت أو الموضوع تحت يده بمنزلة القبض الجديد فيجري عليه أحكام الضمان وأحكام القبض فإذا قبله لفظاً أو فعلاً والحال ذلك ألزم بحفظه وضمنه بدون ذلك وإن فهمه بكونه وديعة فإن قبضها أو كانت بحكم المقبوض كانت وديعة وجرى عليه أحكامها وإن قبلها من دون قبض فإن كانت بيد المالك لم تجرِ عليها أحكام الوديعة وإن لم تكن في يده ففي جريان حكم الوديعة إشكال ولو طرح المالك الوديعة عنده ولم يقبل فغاب المالك فهل يلتزم بالحفظ لأنه من باب المعاونة على البر وإعانة المحتاج أو لا يلتزم للأصل ولتعريض المالك ماله للتلف وجهان أوجههما الأخير ولو غاب المستودع بعد قبض الوديعة وقبولها والمالك حاضر لم يكن رداً ما لم ينضم إلى الذهاب قرائن تدل على إرادة الرد وحينئذٍِ فيضمن الودعي لو تلفت الوديعة بعد ذهابه ولو أكره المودع على الإيداع لم تكن وديعة وكانت أمانة شرعية يجب إيصالها إلى أهلها فوراً لعموم وجوب رد الأمانة الظاهر في الفورية ولا يقبل قوله في الرد بخلاف الوديعة فإنه لا يجب ردها إلا مع مطالبة المالك أو من هو بحكمه وكأنه موضع وفاق ولو أكره على قبض الوديعة ولم تكن وديعة ولا تجري عليها أحكامها أيضاً ولو زال الإكراه فإن لم يضع يده عليها فلا كلام وإن وضع يده اختياراً فإن كان بنية الاستيداع جرى عليها أحكام الوديعة لعموم على اليد وهل تكون وديعة شرعية لحصول القبض الاختياري بعد استيداع المالك ولا يضر الفصل بينهما أو تكون أمانة شرعية وجهان ولا يبعد الأول وحينئذ يجري عليها حكم الأمانات الشرعية ووجوب الرد فوراً من دون مطالبة المالك وإن كان وضعه لا بنية الاستيداع بل بنية الغصب أو بلا نية كان ضامناً ابتداءً وكانت أمانة شرعية يجب إيصالها إلى أهلها فوراً ولا يقبل قوله في الرد.

ثانيها: إذا قبض المستودع الوديعة وجب عليه الحفظ لوجوب الرد والتأدية (كتاباً أو سنةً) ولا يتم إلا بوجوب الحفظ وفيه نظر بل وجوب الحفظ دل عليه الإجماع وظاهر أخبار الضمان مع عدم الحفظ كما سيأتي إن شاء الله تعالى ووجوب الحفظ مشروط ببقاء الوديعة وإلا فله فسخها ورد الوديعة فيبرأ من وجوب الحفظ لا يضمن المستودع الوديعة ما لم يفرط فيها أو يتعدَّ للإجماع والأخبار ففي المعتبر صاحب الوديعة والمضاربة مؤتمنان وفي الآخر كل ما كان من وديعة ولم تكن مضمونة فلا يلزم، وفي الثالث: فيمن استودع رجلاً ألف درهم فضاعت فاختلفا في أنها وديعة أو قرض فقال المال لازم له إلا أن يقيم ببينة أنها كانت وديعة، وفي الرابع: في الرجل يستودع المال فيهلك أو يسرق أعلى صاحبه ضمان فقال ليس عليه غرم بعد أن يكون أميناً، وفي الخامس فيمن استأجر أجيراً فقعده على متاعه فسرق فقال هو مؤتمن إلى غير ذلك.