انوار الفقاهة-ج26-ص141
خامس عشرها:اتفق أصحابنا وغيرهم أن لمن بيده عقدة النكاح العفو عن المهر في الجملة واختلفوا فأصحابنا وجمع من العامة ذهبوا إلى أنه الأب أو الجد أو من كان بحكمهما كما سيجيء إن شاء الله تعالى وذهب جمع من العامة إلى أنه الزوج ودليلنا على المختار الإجماع والأخبار الكتاب لتصدير الآية بخطاب الأزواج فلو أريد بقوله: (أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ(، وبأن العفو من ولي الأزواج لأتى به بصيغة الخطاب فقال أو تعفوا أنتم ولأن المعطوف عليه غائب فالمناسب كون المعطوف كذلك ولأن العفو حقيقة في الإسقاط فيناسب وقوعه من الزوجة أو من هو بحكمها لا التزام ما سقط في الطلاق ليناسب وقوعه من الزوج وللزوم إقامة الظاهر مقام المضمر ولو أريد به الازواج ولأن المفهوم من الذي بيده العقدة أن يكون التصرف إليه وليس إلا الولي نعم للزوج فكه ولأن العفو مستند إلى البالغات الرشيدات فناسب ذكر من لم تكن كذلك وكان أمرها بيد الولي ولأن قوله إلا أن يعفون استثناء من الاثبات فيكون نفياً ولو أريد بالمعطوف الازواج لكان اثباتاً فيلزم إما خلاف قاعدة الاستثناء أو خلاف قاعدة مشاركة المعطوف للمعطوف عليه نفياً وإثباتاً وطعن بعض الأصحاب فيما ذكر بأن العدول من الخطاب إلى الغيبة من فنون البلاغة وبان العفو قد يطلق عليه العطية كقوله تعالى [خُذْ الْعَفْوَ] [وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ] من ولي الزوجة إذا كان عيناً أيضاً ليس من الإسقاط فالكلام الكلام وبأن إقامة الظاهر مقام المضمر لنكتته لا بأس به وهي هنا التنبيه على الوصف الذي هو مناط الحكم وسببه وبأن الزوج بيده حل النكاح ومن بيده حل النكاح العقدة كان بيده نفس العقدة وبأن التنبيه على جميع أفراد العافي ليس مما يوجب صرف اللفظ عن ظاهره سيما الفرد الذي لا تأمل له في الحكم وبأن التقدير ممكن بأن يقال ولكم نصف ما فرضتم فيكون الاستثناء نفياً فيتساوى المعطوف والمعطوف عليه في الحكم فالمعنى لكم النصف إلا أن يعفون او يعفو الذي بيده عقدة فلا يكون لكم النصف بل بمقدار ما عفى معه والحق أن جميع هذه المذكورات لا تنافي ترجيح إرادة الأولياء من الذي بيده عقدة النكاح كما لا يخفى على النصف واستدل القائلون بأن المراد بالذي بيده عقدة النكاح هو الزوج أن من بيده العقدة هو من بيده حلها وعقدها وليس إلا الزوج وبأنه لو أريد غيره لخلا المقام عن ذكر الزوج وهو من المقاصد الأصلية وبأن قوله تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى(، بصيغة الخطاب وكونه أقرب للتقوى ظاهر في كونه ذلك للأزواج لأن الأولياء ليسوا مخاطبين ولا يملكون المال كي يكون عفوهم أقرب للتقوى فالمناسب كونه خطاباً للأزواج بعضاً مع بعض وفيه أنا لو أخلينا الآية لكان هذا الكلام موجهاً وذاك المعنى من الآية محتملاً ولكن حال بين ذلك المعنى وبين الآية أخبار أهل العصمة (() .