انوار الفقاهة-ج26-ص132
ثالثها:يملك المهر بنفس العقد كما هو المشهور لأن في المهر شائبة المعاوضة ومن شأنها ملك الطرفين دفعة بالعقد كما أن المبيع المثمن يملكان دفعه وإذا توقف البيع على شرط كالقبض في الصرف كان شرطاً لملك العوضين معاً ولا يجوز أن يكون شرطاً لاحد العوضين دون الآخر والبضع يملك بالعقد فيملك المهر به فالحكم بملك البضع بالعقد وملك المهر بالدخول مخالف لقواعد المعاوضة وللاتفاق على سببية العقد لملك وأصالة عدم اشتراط شيء وآخر وللأخبار الدالة على أن نماء المهر ما بين العقد والدخول لامرأة ولظاهر قوله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ(، الشامل لما قبل الدخول وبعده وظاهر الإضافة الملك أو الاختصاص الظاهر فيه ولأن النصف يملك بالعقد فالنصف الآخر كذلك إذ لا مرجح لأن كلاً منهما عوض البضع فعلى ما ذكرنا تملك الإمراة المهر جميعه بالعقد ملكاً لا يتوقف على شيء والطلاق فاسخ للنصف من حينه إذا وقع قبل الدخول فاحتمال أن ملكها للنصف قبل الدخول كان ملكاً مستقراً والنصف الآخر يبقى مراعى فإن دخل تبين ملكه من الابتداء وإلا تبين عدمه كذلك أو أن النصف الآخر يملك نفس الدخول وقبله لا ملك فالنماء الحادث منه يكون للزوج حينئذٍ فإن دخل النصف في ملكها وإلا فلا بعيد أن لا معول عليهما ويلزم منهما عدم جواز تصرف الإمراة لمكان الشركة وعدم جواز قبضه وإن بذلت له بعضها وهو خلاف السيرة والطريقة ومنع الشيخ (() جواز التصرف بالمهر قبل القبض إنما كان لمكان النهي عن بيع ما لم يقبض ولعدم دليل عليه فهي مسألة أخرى ومع ذلك فما ذهب إليه ضعيف لعموم ما دل على تسلط المالك على ملكه والنهي في الخبر محمول على الكراهة لمعارضته بما هو أقوى منه على أنه مختص بالبيع نعم ليس للمرأة قبض المهر قبل تمكين نفسها من غير إذن الزوج والقبض لا يستلزم التصرف ولم يملك أبو على الزوجة إلا نصف المهر إلى أن يدخل بها فتملك النصف الآخر لظاهر جملة من الأخبار أن المهر لا يجب إلا بالدخول وفي بعضها إلا بالوقاع خرج النصف المجمع عليه فيبقى الباقي وفيه أن المراد بالوجوب الوجوب المستقر وإطلاقه عليه إطلاقاً شائعاً والقرينة ايضاً موجودة مما قدمنا وفي خبر عبيد بن زرارة فيمن تزوج وأمهر امرأته غنما ورقيقاً فولدت عندها فطلقها قبل أن يدخل بها قال إن كان ساق إليها ما ساق وقد حملت عنده فله نصفها ونصف ولدها وإن كانت حملت عندها فلا شيء له من الأولاد ونقل أنه استدل بخبر أبي بصير عن رجل تزوج امرأة على بستان له معروف وله غلة كثيرة ثم مكث سنين لم يدخل بها ثم طلقها قال ينظر إلى ما صار إليه من غلة البستان من يوم تزوج فيعطيها نصفه ويعطيها نصف البستان إلا أن يعفو فيقبل منه ويصطلحا على شيء ترضى به منه فإنه أقرب للتقوى وفيه أن الخبر لا يقاوم الأخبار المتقدمة والأخبار الدالة على استحقاق الإمرأة جميع المهر بالموت مضافاً إلى الأدلة السابقة فليطرح أو يحمل على أن الغلة كانت من زرع زرعه الرجل أو على أن المهر هو البستان دون نماء وعلى التقديرين فالأمر بدفع النصف يكون على جهة الندب كما يرشد إليه قوله فإنه أقرب للتقوى ويمكن أن يكون عوضاً عن أجرة الأرض على أن في صحة الخبر نظر.