پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج26-ص126

سادسها:للمفوضة مهر المثل إذا دخل بها الزوج قبل الفرض وعليه فتوى الأصحاب وفي الأخبار مهور نسائها والمراد بمثلها هو ما كان مثل المرأة في الجمال والشرف وصراحة النسب السن والبكارة والعقل واليسار والعفة والأدب والتدبير وسياسة الزوج والتدبير وحسن الطالع ويمن الإقدام وكثر الولادة وحسن التبعل وزيادة التدين وقوة الفهم واعتدال السليقة ولطف الطريقة والاستقامة في الأمور والأمانة والشفقة على الزوج والصيانة لعرضه وكتمان سره إلى غير ذلك واضدادها في مقابلها بالنسبة إلى الضعة وذكر الأصحاب مما ذكرناه جملة والمراد بنسائها أقاربها من العصبات وهن من تقربن إليها من طرف الأب كالأخوات والعمات والجدات كما صرح به جمع من أصحابنا حيث أن العبرة في الشرف بالآباء دون الأمهات ولأن الولد ينسب إلى أبيه وقبيلته وعشيرته وهو من تقرّب إليه بالأب وأما الأم ومن تقرب إليها فهم ينتسبون إلى آبائهم وعشريتهم فلا ربط لهم بمن تولد من الأم ولا ربط له بهم ويظهر من جهله ونسب للمشهور أن المراد بالنساء ما يعم المتقرب بالأم لأنه جمع مضاف وأضافته لأدنى ملابسة فيصدق على جميع من لابسها من أقاربها من طرف الأم أو الأب ولصدق اسم نسائها على المنسوب إليها من الطرفين عرفاً وهو قوي إلا أن الأول أقوى الدوران الأمر في المهر مدار العز والشرف لأن الإمرأة تدعى وتطالب وتفتخر بما عليه أهلها والمتقرب بالأم لها ليس من أهلها ولنا أن نمنع عموم لفظ نسائها ونرميه بالإجمال فنأخذ بالمتيقن منه هو بالمتيقن منه وهو المتقرب لها بالأب ويظهر من بعض الأصحاب أن المتقرب بالأم مرتبة بعد فقدان مرتبة المتقرب بالأب ولا دليل عليه إلا أن يقال أن الشارع قد لاحظ الأقارب في المهر في الجملة فمع انتفاء أقارب الأب لوحظت أقارب الأم أو يقال أن العام إذا لم يؤخذ بعمومه واقتصرنا به على فرد من أفراده المقتضى جاز لنا عند انتفاء ذلك الفرد الرجوع إلى الفرد الآخر لأنه أقرب الأشياء إليه وما لا يدرك كله لا يترك كله وكلاهما كما ترى إلا أنه موافق للاحتياط في بعض المقامات وعلى كل حال فالجمع بين الرجوع إلى مهر المثل كما في كلام الأصحاب والرجوع إلى مهر نسائها كما في الاخبار يقتضي أن مهرها هو مهر أمثالها من نسائها لا مهر أمثالها بحسب صفاتها وأن كن من صنف آخر أو نسب آخر أشرف أو أدنى واعتبر بعض الأصحاب كون أمثالها من نسائها التي في بلدها لتفاوت البلاد في المهور وهل المراد ببلدها الساكنة فيه أو الحالة فيه وقت العقد وجهان ولا يبعده الأخير ولو لم يكن للإمرأة أقارب اكتفى بمهر أمثالها من أي بلد فلو اختلفت أمثالها من نسائها أو مطلقاً في قدر المهر أخذاً الأكثر فإن تساويا كانا مهرين وتخيير بينهما وشرط جمع من أصحابنا في مهر المثل أن لا يتجاوز السنة وهو خمسمائة درهم ونسب للأكثر لأن النساء لا يقاربن بنات النبي (() في جميع الخلال حسباً ونسباً ومهرهن مهر السنة ونجبر المفضل فمن زاد على ذلك رد إلى السنة ولا شيء عليه أكثر من الخمسمائة درهم وخبر أبي بصير عن رجل تزوج امرأة فوهم أن يسمى صداقها قال السنة والسنة خمسمائة درهم وهما ضعيفان سنداً ودلالة لظهور الأول في كمية المهر وظهور الثاني في نسيان الصداق وهما غير ما نحن فيه وأما مهر بنات النبي فلم يكن مناسباً لهن وإنما كان صدوره منه (() كصدور حجر المجاعة وترك الدنيا وحمل أهله على تركها لا يدل على لزوم حمل أمته عليها ومع ذلك فلا يبعد الأخذ بإطلاق الروايتين لشمول أحداهما وإشعار الأخرى بمفروض المسألة مع انجبار ضعفهما بفتوى المشهور نعم يقتص في ذلك الحكم على المفوضة لحكم الأكثر فيهما بذلك فلا يسري إلى مهر المثل الثابت من جهة فساد المهر أو وطء الشبهة أو الإكراه أو نحو ذلك مع احتمال السراية لكشف مهر بنات النبي (() عن أن انتهاء قيمة البضع ذلك ولكنه ضعيف ويراعى مهر المثل حال الوطء ولا العقد مع احتمال ذلك لأنه سبب ثبوته وقد يختلف مهر المثل بالنسبة إلى المراعاة كما إذا كان أمثالها ينقض المهر إذا أخذن الشرف أو الأقارب كان حكم مهر المفوضة ذلك.

سابعها:يجب مهر المثل في غير المفوضة بالوطء ويراعى فيه جنس الوطء وإن تعدد لأن مهر المثل يدور مدار وقوع نفس الوطء أتحد أو تعدد كما يقضي به العرف والشرع إلا مع الإكراه فالأظهر تعدد المهر بتعدد الإكراه مع احتمال عدمه وكذا لو تعددت الشبهة فتعدد الوطء بتعددها فالاظهر التعدد أيضاً لأنه بمنزلة نكاحين ووطأين ولو كان عادة مهوراً أمثالها اشتماله على التأجيل سقط بمقدار ما يخص الأجل من نفس المهر وكان لها الباقي لأن مهر المثل قهراً نعم قد يقع بالفرض عند تراضيهما عليه ويعتبر مهر المثل في المفوضة حال العقد فيلاحظ أمثالها في ذلك الوقت بخلاف غير المفوضة من الموطوءة شبهة أو إكراهاً أو بمهرٍ فاسدٍ فإنه يلاحظ وقت الوطء ولو تكرر الوطء في الشبهة الواحدة لزم مهر واحد إلا أنه يلاحظ الأعلى ما بين الوطء الأول والأخير وقد يقال أن اعتبار مهر المثل في المفوضة أيضاً بحال الواطء لعدم تملكها المهر بنفس العقد فلا يلاحظ حال العقد غاية الأمر ان المفوضة ملكت في العقدان تملك واستحقت أن تستحق ولذا جاز لها الامتناع من تمكين نفسها قبل الفرض وذلك لا يقضي الزوج ذلك الوقت إلا أنه خلاف ظاهر من عثرنا عليه من الأصحاب وكأنه بناء منهم على أن المهر في المفوضة له ربط في العقد حيث أنه السبب في تمليكها أن تملك وله ربط في الوطء فيلاحظ التقويم حال العقد ولا يستقر إلا بالوطء فالوطء يستقر به ملك مهر المثل ويثبت في العقد متزلزلاً فإن مات أو فسخ أو طلق انتفى وإن دخل استقر أو أن الدخول كاشف عن ثبوته ابتداء وعدمه كاشف عن عدمه وربما يسري ذلك إلى كل مهر فاسد فيق بلزوم قدر المثل فيه خير العقد وكذا في جواز منع الإمراة نفسها عن الدخول بها قبل قبض مهراً أمثالها لأن المسمى وإن بطل ولكنها ملكت أن تملك فلها الامتناع وهو قوي ولو دخل في المفوضة ولم يُسمَّ لها شيئاً مطلقاً إلا أنه قدم لها قبل الدخول مالا فقبضه.