انوار الفقاهة-ج26-ص120
ثالثها:لو امتنعت عن تسليم نفسها لمكان امتناعه عن تسليم المهر مع إيساره فالظاهر لزوم النفقة عليه لتمكينها نفسها له عند تسليمها حقها وامتناعها لامتناعه حق ثبت لها وقد جاء من قبله فلا ينافي التمكين الذاتي والأصل لزوم النفقة على الزوج خرج من ذلك الممتنعة من التمكين لا لاستيفاء حقها وبقي الباقي وأما مع الإعسار فوجهان من انتفاء التمكين الذي هو شرط في وجوب دفع النفقة ومن أنه بحق وقد جاء الحق من قبله فهي ممكنه بالذات وإن كانت متنعة بالعارض والأول أوجه لعدم تقصيره في دفع الحق إليها فيكون الامتناع إنما جاء من قبلها من دون مدخلية له فيه.
رابعها:المتيقن من جواز امتناع المرأة من تسليم نفسها عند امتناع الزوج من تسليم المهر هو ما إذا كان المهر حالاً أما لو كان مؤجلاً كله أو بعضه فلا لوجوب بذل المرأة نفسها هنا من غير معارض لعدم استحقاقها شيئاً في ذمته يسوغ لها الأمتناع فعلا وامتناعها للمتأخر كي يقدمه أو امتناعها إلى حلول الأجل كي يؤديه غير جائز فتوى ورواية نعم لو تاخرت عن التسليم لمانع شرعي أو عرفي أو عصيانا إلى أن حل الاجل فهل لها الامتناع حينئذٍ لو طلبها الزوج لحلول حقها المقابل لبضعها أو ليس لها استصحاباً لما تقدم قبل الأجل ولم يتغير الموضوع كي يرتفع الاستصحاب لانا نستصحب عدم جواز امتناعها من غير تقديم ببقاء الأجل أو حلوله ولان الأصل وجوب تمكين الزوجة خرج منه الامتناع للمهر الحال أصالة وبقي الباقي وجهان ولعل الأخير أقوى.
خامسها:إذا دخل الزوج عليها برضاها من دون بذل المهر كلاً أو بعضاً فليس لها الامتناع بعد ذلك لاسقاط حقها ولأن المتيقن من جواز الامتناع هو ما كان قبل الدخول فيبقى الباقي على موجب الأصل ولأن الأمر في المعاوضة دائر مدار تسليم العوض والبضع هنا قد سلمته بالدخول ولو مرة واحدة تجدد استيفائه يوماً فيوماً لا ينافي تسليمه دفعه إذ لا يعقل تسليمه إلا على ذلك النحو من التسليم فهو كتسليم المنفعة في ضمن المعين وقيل لها الامتناع لأن البضع مما يتجدد استيفاؤه يوماً فيوماً فما لم يستوفِ يكون بمنزلة العوض الذي لم يسلمه صاحبه فيجوز لها الامتناع من تسليمه إلى أن تتسلم المهر في مقابلة ونسب القول به لجمع من أصحابنا وهو ضعيف ولو وطأها كرهاً أو غفلة أو نوماً ففي سقوط حق الامتناع به أيضاً وجهان من حصول الغرض به وترتب أكثر الأحكام الوطء المصاحب للإذن عليه كالعدة واستقرار المهر ولأصالة وجوب بذل البضع خرج منه حالة عدم الوطء مطلقاً وبقي الباقي ومن أن الوطء مع عدم الإذن الفحوائية بمنزلة العدم لو قلنا أنه محرم مع عدم الإذن ولذلك لا يوجب النفقة على الزوج فهو قبض فاسد لا يترتب عليه أثر القبض الصحيح ولاستصحاب جواز الامتناع خرج الوطء مع الإذن فيبقى الباقي ولا يبعد البناء على الأخير.