انوار الفقاهة-ج26-ص84
ثانيها:إذا أذن السيد لعبده في النكاح على وجه الإطلاق تعلق المهر والنفقة بذمة السيد وأقوى من ذلك ما لو باشر المولى العقد عن العبد فإنه يتعلق بذمته ويرشد إلى ما ذكرنا رواية علي بن حمزة فيمن زوج عبده حرة فباعه قبل أن يدخل بها قال يعطيها سيده من ثمنه نصف ما فرض لها إنما هو بمنزلة دين استدانه بإذن مولاه وفي آخره ما يرشد بالأمرين معاً وهل التعلق قهري لأن المهر دين لا بد له من ذمة ولا ذمة للعبد لأنه لا يقدر على شيء فيتعلق بذمة المولى أو خطابي نشأ من فحوى الإذن له من مولاه لأن الإذن في شيء إذن في لوازمه أو حكم شرعي جاء به الشرع تعبداً كل محتمل إلا أن دعوى أن العبد ليس له ذمة منظور فيه لتعلق المتلفات بذمته سواء أتلفها اختياراً أو اضطراراً نعم ليس له أن يشغل ذمته اختياراً بسبب ناقل من النواقل الشرعية من دون إذن المولى لعدم صحة عقود كذلك أما لو أذن المولى له جاز له ذلك مطلقاً فالقول بثبوت المهر والنفقة في ذمة العبد قوي لأصل ولقبول ذمته للشغل فعلى هذا لو قيد المولى له الإذن بأن يتعلق المهر بذمته يتبع به بعد عتقه جاز وكان مشغولاً به يؤديه بعد عتقه ثم أن تعلق المهر والنفقة بذمة السيد هل هو على وجه الإطلاق أو مقيداً بكونهما في كسب العبد كما اختاره الشيخ (() أو في رقيته كما في وجه وجهان أوجههما الأول لعدم قيام دليل صالح على تعلقه بخصوص الكسب الذي هو أحد أموال المولى نعم لو عين له المولى للمهر به صح كما أنه لو شرط عليه أن لا يكون بذمته بل في ذمة العبد فإنه يكون في ذمة العبد يتبع به بعد العتق وحينئذٍ فإن أفهم العبد الزوجة بذلك فلا كلام وإلا ففي ثبوت الخيار لها وجهان ولا يصح للمولى جعل رقبة العبد مهر اللزوم ملك الزوجة لزوجها وهو قاض بانفساخ العقد ويجب على المولى تمكين العبد من الاكتساب لو جعلنا النفقة والمهر متعلقان بكسبه ولو أعوز الكسب فلا رجوع على المولى لأنه بمنزلة تعلق الإرش برقبة الجاني فإن منعه المولى من الاكتساب كان عليه أقل الأمرين من أجرة مثله أو فائدة كسبه أو عوض كسبه مطلقاً ونفقة يومها ووفاء مهرها أو أقلهما من فائدة كسبه ووفاء مهرها ونفقة يومها أو نفقة أيام الاستخدام كائنة ما كانت لاحتمال الوفاء بها لو لم يمنعه وهذه وجوه أوجهها أقل الأمرين من أجرة مثله ومن نفقتها ومهرها وإن قصّر عن الكسب على القول بتعلقه به احتمل ثبوت المهر والنفقة معاً في رقبته واحتمل ثبوتهما في ذمة المولى واحتمل ثبوت النفقة في أحدهما دون المهر إقدامها على التاجيل فيه فتبعه فيه بعد العتق واحتمل تخير الزوجة بين الصبر على العبد في الاتفاق وبين فسخ العقد وهذه احتمالات أقواها ثبوتهما في ذمة المولى ما لم ينص المولى على فراغ ذمته منهما ولو عقد العبد بدون إذن السيد فأجاز السيد فالأظهر تعلق النفقة بذمة السيد لأنها مما تتجدد يوماً فيوماً دون المهر فيتعلق بذمة العبد ولا اعتراض للزوجة لأنها رضيته عبداً ومع احتمال تعلقهما معاً بذمة السيد من تعلق المهر بذمة السيد أما لإطلاق إذنه أو لنصه فاشترت زوجة العبدُ العبدَ فإن كان قبل الدخول سقط نصفه أو سقط جميعه بناء على أن الشراء فرقة جاء من قبلها وإن كان بعده استقر جميعه وإن اشترته من مولاه بالمهر المضمون قبل الدخول فإن قلنا بسقوط جميعه بطل لأنه يلزم من ثبوته عدمه وإن قلنا بالتنصيف فاشترته به سقط النصف وثبت النصف الآخر وإن اشترته بعد الدخول صح وملكته وانفسخ النكاح وإن قلنا بتعلق المهر بذمة العبد فاشترته به بطل الشراء لأنها تملك الثمن بملكه فلا تملك به.
ثالثاً:إذا تزوج العبد أمة مولاه كان أولادهما له وإن تزوج غيرها فدخل بها حلالاً فإن كان بإذن المالكين كان الولد بين المالكين مناصفة ولا يختص به مالك الأم كباقي الحيوانات لأن المقصود من الإنسان النسل وغيره من الحيوانات يقصد به الاستنماء والنماء تابع للأم وإن كان بغير إذن المالكين شبهة كذلك فكذلك وإن كان أحدهما بالإذن والآخر بدونه فالولد لمولى غير المأذون لأن المأذون أسقط حقه من الولد بإذنه لعبده في التزويج لإمكان تزويجه بمن ليس برقيق وفي التعليل نضر ظاهر وأدعى بعضهم النص ولاح من آخر نقل الإجماع وإن وطأ العبد أمة غير مولاه زنا منه فالولد لمولى الأمة لانتفاء النسب منه فيتبع الأم أما لو تزوج العبد حرة أو الحر أمة بإذن المولى فالولد حر لأنه يتبع أشرف الأبوين ولو زنا العبد بحرة عالمة بالزنا أو زظنا الحر بامة عالمة أو جاهلة بالزنا فالولد لمولى العبد في الأول ولمولى الأمة في الأخير ولو وطء العبد حرة جاهلة بالزنا فالولد حر رابعاً لو كان أحد الأبوين حر والآخر مملوكاً يتبع الولد الحر منهما للأصل وللأخبار المشهورة المؤيدة بالشهرة نقلاً وتحصيلاً كقولة (() يلحق الولد بالحرية حيث كانت وقوله (() في الولد بين الحر والمملوكة قال يذهب إلى الحر منهما وقوله (() في ثالث ليس يسترق الولد إذا كان أحد أبويه حراً أنه يلحق بالحر منهما أيهما كان أباً كان أو أماً وبهذا المعنى روايات متعددة متكاثرة وذهب ابن الجنيد إلى رقية الولد تمسكاً بأخبار دالة على ذلك وهي مطروحة في مقابلة هذه الأخبار لقوتها عليها أو محمولة على التقية كما هو شأن فتاوى أبي علي وجملة منها منزلة على إرادة ما إذا كان الزوج مملوكاً ولو شرط مولى العبد والجارية رقية الولد ففي لزوم الشرط قولان أوجههما العدم لأن المفهوم من الأخبار أن الحرية هي الحد الشرعي للأولاد وهو المحكوم به فاشتراطه كاشتراط صيرورة الحر رقاً مطلقاً وجوده أو بعده وهو مما يخالف الكتاب والسنة وما خالفهما فهو بطلان على أن عموم أدلة الشروط لا يمكن الاستدلال بها لما فيها من الإجمال الناشئ من عموم المستثنى ومن أن الخارج أكثر من الداخل فما نسب للمشهور من الحكم بجواز هذا الشرط لعموم الأدلة ضعيف.