انوار الفقاهة-ج26-ص72
الثانية:لا يشترط في صحة العقد يسار الرجل للإنفاق مع العلم والجهل لعمومات الأدلة وخصوصاتها للإجماع المنقول وفتوى الفحول والسيرة القطعية الدالة على الصحة المستمرة في سائر الأعصار ولقوله تعالى: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) ولقوله ((): (المؤمنون كفاة بعضهم بعضاً)، ويظهر من بعض الفتاوى اشتراط ذلك مطلقاً ومن بعضها اشتراطه مع الجهل وكأنه لقوله (() الكفوان يكون عفيفاً وعنده وعنده يسار ولقول النبي (() في معاوية حين خطب فاطمة بنت قيس: (صعلوك لا مال له)، ولأن الإنفاق والمهر من مقومات النكاح فالعجز عنهن مخل بصحته والجميع ضعيف عن المقاومة مع أن الأول ظاهر في الاستحباب والثاني لا دلالة له على المنع والثالث مجرد استحسان وقد ينزل القول بالاشتراط على إرادة اشتراطه في وجوب اجابة الخاطب فلا يجب حينئذٍ على الإمراة ولا على الولي الإجابة مع الإعسار أو ينزل على اشتراطه في صحة عقد الولي أو الوكيل المطلق لخروج المعسر عن ظاهر إطلاق الوكالة في التزويج وخروجه عن الإذن في التصرف في الولاية للزوم تحري الغبطة على الولي والوكيل وعدم الافساد وقد ينزل ذلك على إرادة حصول التزلزل في العقد وثبوت الخيار فيه مع جهل الإمراة بذلك أو مع عقد وليها لها حالة الصغر ونحوه كما أفتى به جملة من الأساطين مستندين لدليل نفي الضرر والضرار وللجمع بين الأدلة وكلاهما غير صالح لما دل على أصالة لزوم العقد وإن كان لا يخلو عن قوة.
الثالثة:لو تجدد عجز من الزوج عن النفقة فالاظهر سقوط الخيار ولزوم الانتظار لقوله تعالى: (فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) ولقول علي (() لمن كان زوجها معسراً فأبى أن يحبسه: (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)، و ذهب بعض أصحابنا إلى ثبوت الخيار للزوجة وبعض إلى أن للحاكم أن يجبره على الطلاق او يطلق عنه وكلاهما ضعيف جداً مخالف للقواعد وعموم الادلة وفتاوى الأصحاب نعم قد يقال ان الزوج لو كان مؤسرا أو امتنع من الانفاق كان للامام أن يجبره على الإنفاق أو الطلاق فإن لم يتمكن من إيقاع أحدهما منه كان له أن يطلقها منه بنفسه لولايته عن الممتنع وللزوم الضرر لولا ذلك وللمعتبرين في أحدهما من كانت عنده امرأة فلم يسكها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقم صلبها كان حقاً على الإمام (() أن يفرق بينهما وفي آخر إذا انفق عليها ما يقم ظهرها مع كسوة وإلا فرق بينهما وقريب إليهما ثالث قال إذا كساها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها أقامت معه وإلا طلقها وهذا متجه والبناء عليه غير بعيد.
الرابعة:لا يجب على البكر البالغة الرشيدة ولا الثيب وجوب إجابة الخاطب إذا كان كفواً للأصل وعموم: (إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه)، ظاهر في الأولياء وهل يجب على الولي الإجباري أو الولي العرفي إذا كان أمر الإمراة إليه الإجابة لظاهر الأمر أو لا يجب للأصل وعموم الأدلة مع ضعف مقاومة ظاهر الأمر لهما قولان والظاهر أن المشهور الأول وهو الموافق للاحتياط هذا كله بعد الاتفاق على كون الإجابة مندوبة إذا لم تكن واجبة وعلى جواز ترك الإجابة طلباً للأعلى رتبة والإشراف محلاً والملائم للزوجة حسباً ونسباً ومالا سيما لو كانت الإمراة ممن ترى أن أمرها بيد وليها وإن التميز بيده وعلى أن المنع بمجرد التشهي بحيث يؤدي إلى تعطيل الإمراة وعضلها عن الأزواج محرم سيما لو بان من الإمراة إرادة إلى الخاطب الخاص فنهاها الولي عن ذلك وربما أدى إلى كونه كبيرة من الكبائر.