پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج26-ص68

خامسها:ظاهر الأصحاب أن من بدل دينه من الكفار إلى دين آخر غير الإسلام لم يقبل منه لقوله تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ(، ولزم قتله لقوله ((): (من بدل دين فاقتلوه)، وكذلك لو عاد دينه أيضاً لم يقبل منه فيكون بمنزلة المرتد الفطري وتبين زوجة المبدل دينه عنه وزوج المبدلة دينها عنها ولا يقفع بينهما بعد ذلك تناكح سواء كان الدينان مما يقر أهله عليه أو كانا مما لا يقر أهله عليه أو كانا مختلفين كوثني تهود أو تنصر أو يهودي صار وثنياً أو غير ذلك وهذا كله إنما يجري لو ترافعوا إلينا واستفتونا بما عندنا وإلا فلو رجعوا إلى مذاهبهم وكان في مذهبهم عدم جواز انفساخ نكاحه جاز لنا إقرارهم على مذهبهم وقلت ثمرة هذه الأحكام والمراد بالتبديل الذي لا يقر أهله عليه هو ما وقع بعد المبعث فإنه لا يقرون عليه هم ولا أولادهم إلى يوم القيامة وما كان قبل المبعث فالظاهر أنهم يقرون عليه للسيرة القاضية بإقرارهم على ذلك من زمن النبي (() ولعدم نقل الفحص منه (() عن ذلك ويلحق بهم المشكوك في سبقه ولحوقه نعم قد يشكل الحال فيمن بدل دينه قبل المبعث لأي دين المبدلين والمحرفين دينهم من اليهود والنصارى ولا يبعد أنهم في الحكم سواء لجريان السيرة بعدم الفحص عنهم وعدم السؤال بل وأكثر المبدلين يومئذٍ كانوا يرون رأي المحرفين والمنحرفين وإذا ترافعوا أهل ملة من الملل المقر أهلها عليها إلينا جاز لنا الحكم بما هو عندنا جوازاً لا لزوماً لقوله تعالى فاحكم بينهم أو اعرض عنهم وجاز لنا إرجاعهم إلى حكام نحلتهم لقوله تعالى: (أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ( وذلك معنى الإعراض وللإجماع المنقول المنجبر بفتوى المشهور وقيل بلزوم الحكم بينهم بما هو عندنا لأنه الحق وللزوم الأمر بالمعروف ولقوله تعالى: “وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ”والاول أقوى والثاني أحوط وعلى الثاني فلو اختلف المتداعيان في الدين احتمل لزوم الحكم بينهم حينئذٍ بما هو عندنا واحتمل إرجاعهم إلى من يختاره المدعي واحتمل القرعة واحتمل إرجاعهم إلى حكم الناسخ كالنصرانية بالنسبة إلى اليهودية واحتمل أنه أمر يرجع إلى رأي الحاكم الشرعي فما يختاره لزمهم الرجوع إليه ولو تداعيا مسلم وكافر لزم الحكم بينهما بما أنزل الله وكذا لو تداعى مستأمن وذمي على الأظهر ولو أراد الكافر صدور العقد من المسلم على زوجة لزم العقد عليها على مذهبنا فلا يجوز صدور العقد من مسلم على خمر أو خنزير ولو بالوكالة عن الكافر وإذا تداعيا عند المسلم ذميان على مهر فاسد كخمر وشبهه لزم عليه إذا لم يرجعهم إلى مذهبهم أمرهم بمهر المثل مع احتمال جواز أمرهم بقيمته عند مستحليه هذا كله إذا لم تقبضه كلاً فإن قبضه مضى القبض ولو قبضت النصف جرى على كل نصف حكمه والأظهر الرجوع بالتنصيف إلى قيمة لا إلى العدد أو الوزن.

سادسها:الكفار يقرون على ما هو صحيح عندهم ويعاملون مع المسلمين بتلك المعاملة فما صح من البيع عندهم نلزمهم به ونستحل ثمنه وإن كان فاسداً عندنا لفساد أحد أركانه وكذا ما صح عندهم من المواريث والنكاح والوقوف والصدقات وغيرها لقوله ((): (الزموهم به بما ألزموا به أنفسهم) وللسيرة وللزوم العسر والحرج لولا ذلك ولا يقرون على ما هو فاسد عندهم إلا إذا كان صحيحاً عندنا هذا كله إذا لم يسلموا أو يترافعوا إلينا فإن ترافعوا إلينا فلنا الخيار بين ردهم إلى مذهبهم وإقرارهم عليه وبين الحكم بينهم بما أنزل الله تعالى فإن أسلموا نظرنا إلى ما أسلموا عليه فإن كان مما مضى أثره بعقد أو شبهة ولم يؤثر تحريماً مؤبداً أمضيناه على ما هو عليه وإلا أبطلناه وحينئذٍ فيجب رد المغصوب مع بقاء عينه ولا نحكم بملكية الغاصب له بعد إسلامه وإن غصبه حالة الكفر ويجب العزل عمن تزوجها في العدة ووطأها حالة الكفر وكذا من تزوجها وقد وقب أخاها أو وطأ أمها أو بنتها أو ارتضع معها أو كانت مطلقة ثلاثاً من دون محلل أو تسعاً مطلقاً وكانت زوجة ابنه أو أبيه أو كانت بينه وبينها نسب أو سبب محرم غير ذلك وكذا لو كانت مغصوبة وإن كان نكاح المغصوبة حلال في دينهم على الأظهر وبالجملة كلما حرم استدامة حرم عليه بعد إسلامه وكلما حرم ابتداء لفقد شرط أو مانع غير قاض بتحريم الاستدامة كلا خلال بالصيغة أو نحو ذلك بقي على حليته بعد الإسلام ولا بد من النظر التام في المقام لأنه من مزال الإقدام ولا يلزم على المسلم إجبار زوجته الذمية على غسل أو وضوء أو صلاة أو صوم أو نحو ذلك لجواز أقرارها على دينها نعم له إلزامها على ما يزيل القذارة عنها وكرفع الأوساخ وقص الأظفار ونتف الشعر وغسل الحيض إن توقف الجماع على الإتيان بصورته وظاهر الأصحاب ذلك وقد يناقش فيه بـأن الصورة لا ثمرة لها فلا يلزم جبرها وله منعها مما يسكره كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير وأكل الثوم واستعمال الدهن المنتن وسائر المحرمات.