انوار الفقاهة-ج26-ص57
رابعها:مما يحرم بالسبب أنه لا يجوز للحر أن يتزوج دواماً بالمملوكة مع الطول وعدم خوف العنت ويجوز له الوطء بملك اليمين وبالتحليل سواء قلنا أنه عقد أم لا للأصل وللخبر المعتبر في امرأة أحلت لزوجها جاريتها قال ذلك له وفي المتعة وجهان من شمول ما دل على منع النكاح والتزويج لها ومن انصراف ذلك إلى الدوام وللخبر المعتبر هل للرجل أن يتمتع من المملوكة بإذن أهلها وله امرأة حرة قال نعم إذا رضيت الحرة قلت فإذا أذنت الحرة يتمتع منها قال نعم وأظهر الوجهين الأول وتحمل الرواية على فقدان الشرطين وأما عدم جواز نكاحها حينئذٍ الأمة من الطول وعدم خوف العنت فهو أحوط الأقوال وربما استظهر أنه المشهور بين المتقدمين واستظهر من ابن عقيل نقل الإجماع عليه وقضى به الاحتياط ودلت عليه الآية وهي قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً( إلى قوله تعالى: ( ذلك لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ(، حيث علق نكاح ما ملكت اليمين على عدم الاستطاعة للطول وهو التمكن من المهر فقط كما تشعر به الأخبار ولان النفقة من الرزق وهو مقسوم يأتي من حيث لا يحتسب أو المهر والنفقة كما هو الظاهر من لفظ الطول لأن الطول هو اللفظ والزيادة ومن فتاوى الفقهاء ويراد بملك النفقة ما هو أعم من القوة أو الفعل فيدخل فيه أهل الحرف والصنائع واهل القوة للكسب والاكتساب في وجه وعلى الخشية من العنت والعنت لغة وعرفاً هو المشقة ويراد بها الخوف المعتاد لعامة الناس من حصول الكلفة والضرر بترك التزويج من وقوع بخطر أخروي كالزنا أو شبهه أو دنيوي كمرض أو ألم أو شبههما ونطقت به الأخبار كالصحيح في تزويج المملوكة قال لا بأس إذا أضطر إليها وفي آخر إذا أضطر إليها فلا بأس وفي ثالث لا إلا أن يضطر إلى ذلك وفي رابع لا بأس إذا اضطر إليها والاضطرار شامل لفقدان الطول وخوف العنت إذ مع وجود الطول أو عدم خوف العنت لا يتحقق الاضطرار كما أن نفي البأس معه يدل على ثبوته بدونه والقول الآخر ونسب لمشهور المتأخرين الجواز مطلقاً للأصل وعموم: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ(، (وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ(، (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ(، وعمومات حليّة النكاح والخبر لا ينبغي للمسلم المؤمن أن يتزوج الأمة إلا أن لا يجد الحرة وفي آخر لا ينبغي للحر وفي ثالث لا ينبغي أن يتزوج الحر المملوكة ولا ينبغي ظاهر في الكراهة.
والقول الثالث: هو المنع لمن عنده حرة دون من لم يكن عنده كذلك لقوله (() في الخبر المعتبر: (تزوج الحرة على الأمة ولا تزوج الأمة على الحرة فمن فعل ذلك فنكاحه باطل)، لإفادته جواز تزويج الأمة قبل الحرة من دون شرط شيء وقد ينبعث من القول الأول قول آخر وهو تحريم ذلك من دون الحكم بفساده استناداً إلى عدم اقتضاء النهي الفساد هنا وغايته التحريم فلعله لأمر خارج وقد يرد على دليل القول الأول بأن دلالة الآية بالمفهوم الشرطي أو الوضعي بالنسبة إلى الشرط الأول والوضعي بالنسبة إلى الثاني فلا يعارض المنطوق الدال على الجواز وباحتمال إلغاء المفهوم من حيث وروده مورد الغالب بالنسبة إلى الشرط الأول ولا قائل بالتفصيل بين الشرطين وكذا دلالة الرواية ومع كونها بالمفهوم لا تدل على أكثر من ثبوت البأس وهو أعم من التحريم على أن المنفي في الآية بحسب المفهوم وهو إيجاب النكاح أو ندبه ونفيهما لا يثبت التحريم لأن الغرض إثبات كونه مباحاً واجب بأن الدلالة وإن كانت بالمفهوم فهي مخصصة للعموم لأن الخاص المفهومي يحكم على العام المنطوقي وخروج الشرط مخرج الغالب خلاف ظاهر الخطاب فلا يصار إليه إلا بدليل والمنفي في الآية هو الإباحة لأنها مسوقة لبيان حكمها دون باقي الاحكام فتقدير الأمر المقتضي للوجوب أو الندب كي ينتفي بانتفاء الشرط لا مقتضى له وبأن ثبوت البأس مفهوم ظاهر في التحريم لأنه أظهر أفراد البأس وقد يرد على دليل القول الآخر بأن العمومات مخصصة والخاص يحكم على العام وبأن لا ينبغي لا اختصاص لها بالكراهة فهي مرددة بين الكراهة والتحريم وقد يجاب بأن الخاص لا يحكم العام إلا مع المقاومة والشأن في إثباتها وبأن لا ينبغي ظاهر في الكراهة والظاهر حجة في المقام.
وقد يرد على الثالث: بأن غاية ما يدل عليه الخبر هو جواز نكاح الأمة في الجملة فلعل مورده جامع الشرطين وترك الاستفصال لا يفيد هنا لأن الخبر مسوق لبيان حكم ترزويج أحدهما على الآخر دون غيره من الاحكام وهو حسن