پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج26-ص44

ثالثها:لا تحرم مملوكة الابن على الأب ولا العكس بمجرد الملك وتحرم مملوكة كل منهما مع الوطء على الآخر للإجماع بقسميه ولما شعر به الآيات المحرمة ولقوله (() إذا اتى الجارية وهي حلال فلا تحل تلك الجارية أبداً لابنه ولا لابيه وغيره من الأخبار المشعرة ولا يجوز للوالد وطء جارية أبنه الكبير لحرمة التصرف بمال الغير عقلاً وشرعاً سواء قومها على نفسه أم لا وسواء قطع برضا ولده أم لا لأن الإذن الفحوائية لا يستباح الفرج بها وما ورد في الصحيح أو الحسن عن أبي الحسن (() قال قلت الرجل تكون لابنه جارية أله أن يطأها فقال: (يقومها على نفسه قيمة وشبهة على نفسه بثمنها أحب إلي)، والظاهر أن قوله أحب راجع إلى الأشهاد محمول على كون الولد صغيراً أو أنه إذن له في ذلك وكذا ما ورد عن الرضا (() أني كنت وهبت لابنتي جارية حيث زوجتها فلم تزل عندها في بيت زوجها حتى مات زوجها فرجعت إلى هي والجارية أفتحل لي الجارية أن أطأها، فقال: (قومها بقيمة عادلة واشهد على ذلك ثم أن شئت فطأها)، محمول على إذن البنت كما يدل عليه رواية الحسن بن صدقة فيمن اشترى جارية لابنته من صداقها أيحل له أن يطأها فقال لا إلا بإذنها وأما الصغير فلأب وطأها بعد تقويمها قيمة عدل ثم يأخذها ويكون لولده عليه ثمنها كما في خبر بن سرحان وفي آخر في جارية الابن لي صغير أيجوز لي أن أطأها فكتب لا حتى يخلصها وظاهر هذه الأخبار وغيرها لزوم التقويم أولاً ثم الوطء والأحوط ضم الإشهاد كما تشعر به الأخبار ويراد بالتقويم هنا نقلها إليه بثمنها بأحد النواقل الشرعية بقرينة قوله ((): (حتى يخلصها)، وقوله ((): (بثمنها)، والغالب كون الثمن ثمنا للمبيع فلا يكفي مجرد التقويم لأجل ضمانها لو تلفت ولا التقويم مع نية التملك به من دون إيجاب وقبول لفظي أو فعلين يتولاهما الأب بالولاية لأصالة عدم النقل نعم لو قومها فنوى انتقالها إليه بالقبض والدفع ملكها بذلك الثمن ولا يفتقر إلى نية كونه بيعاً أو صلحاً لانصراف النقل في الاعيان إلى البيع بل لا يبعد أن تقويمها وقبولها بتلك القيمة ناقل بنفسه وإن لم يكن من العقود المعهودة فيكفي مجرد قوله قبلتها بقسمتها أو قبضها على تلك القيمة ليكون موجباً قابلاً وقد تشعر بذلك الأخبار وفي اشتراط المصلحة للمولى عليه وجه يوافقه الاحتياط والأوجه الاكتفاء بعدم المفسدة وفي اشتراط الملاءة وجه قوي مع احتمال عدم الاشتراط لاطلاق الأخبار المؤيدة بقوله ((): (أنت ومالك لأبيك )، وفي سريان حكم الأب للجد لاشتراكه مع الأب في الولاية وجه قوي وقد يقتصر على خصوص الأب لأنه مورداً للنص في ما خرج عن القواعد في الاكتفاء بالتقويم وفي عدم اشتراط الملاءة وفي عدم اشتراط المصلحة وهذا أقوى إلا أنه بالنسبة إلى غير الجد من الاولياء وأما بالنسبة إلى الجد فالأقوى مساواته للاب ولو بادر الأب إلى وطء مملوكة أبنه فإن كان عن زنا لم تحرم على الولد قبل الوطء الولد لها وبعده فإن حملت منه ملكه الولد لعدم انعتاق ولد الزنا ذكراَ كان أو أنثى ولاحد على الأب لعدم ثبوت العقوبة على الوالد شرعاً من قبل ولده لأن الأب أصل له وللنص (ولو كان الزاني هو الولد ثبت عليه الحد وملك أبوه ولده ولا ينعتق عليه ويغرم كل منهما للآخر العقر أو مهر المثل وإرش البكارة وإن كان عن شبهة لزم كل منهما العقر أو مهر المثل وسقط الحد وانعتق ولد الولد على جده إن كان الواطئ هو الولد وملكه الأخ إن كان الواطئ هو الأب وكان الولد ذكراً وإلا انعتق على الأخ إن كان أنثى ويجب على الأب فكه بقيمته من الولد إن كان ذكراً ولا يجب على الولد فك أبنه من أبيه لانعتاقه عليه وصيرورته حراً ابتداءً والاظهر أن الولد حر ابتداءً مطلقاً ووجوب فكه بالقيمة تعبدي محض لا أنه يتحرر بالقيمة كما يظهر من جملة من عباراتهم وقد يناقش في عدم لزوم قيمة الولد لو انعتق قهراً على مالك الأمة فتأمل.

رابعها:تحرم أخت الزوجة جمعاً إجماعاً فيبطل عقد اللاحقة ما دامت السابقة زوجته أو في عدة رجعية ولو عقد على الاختين بطل العقد للزوم الترجيح من دون مرجح وله الخيار في تجديد العقد على أيهما شاء وليس له اختيار أحدهما بذلك العقد وعلى ما ذكرنا ينزل قوله (() في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة فقال: (هو بالخيار يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الاخرى)، والآخر في رجل نكح امرأة ثم أتى أرضاً فنكح أختها وهو لا يعلم قال: (يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الأخرى ولو بانت الأولى منه بعدة بائنة بطلاق أو فسخ جاز التزويج بالأخرى)، مطلقاً كما هو ظاهر الأصحاب لانقطاع العصمة وفي الحسن في رجل طلق امرأته أو أختلفت أو بارأت أله أن يتزوج بأختها فقال: (إذا برأت عصمتها ولم يكن له عليها رجعة فله أن يخطب أختها)، وقريب إليه الآخر في المختلعة ومنهما يظهر أن انقضاء أجل المتعة يجوز التزويج بالثانية وإن لم تمض عدتها كما هو ظاهر الأصحاب بل يظهر من ابن إدريس أنه مجمع عليه فما ورد في الصحيح في الرجل يتزوج المراة متعة إلى أجل مسمى فينقضي الاجل بينهما حل له أن ينكح أختها قبل أن تنقضي عدتها فكتب لا يحل له أن يتزوجها حتى تنقضي عدتها مطرح أو محمول على الندب ويجوز جمع الأختين في الملك لانصراف النهي عن الجمع في الكتاب إلى النكاح ولكن إذا وطأ أحدهما حرم عليه ووطء الأخرى فلو فعل حراماً ووطأ الأخرى انتقل التحريم إلى الأولى فيحرم عليه وطء الأولى التي وطأ حتى تموت الثانية أو يفارقها كما في الخبر وظاهره أن الثانية تعود حلالاً وفي ذيله وليس له أن يبيع الثانية من أجل الأولى ليرجع إليها إلا أن يبيع لحاجة أن يتصدق بها أو تموت وفي أخرى وإن كان إنما يبيعها ليرجع إلى الأولى فلا ولا كرامة وظاهرهما أنه لو باع بذلك القصد لم تحل له الأولى عقوبة لفعله لا أن البيع يقع فاسداً وسيجيء إنشاء الله تعالى تتمة الكلام.