انوار الفقاهة-ج26-ص38
الثامن:بينا أن المصاهرة تحرم بالرضاع كما تحرم بالنسب والمراد بها المصاهرة الناشئة عن النسب سبب الرضاع لا المصاهرة الناشئة من نفس الرضاع تنزيلاً له منزلة المصاهرة فتحرم زوجة ولد الرضاع وزوجة الاب الرضاعي وأم الزوجة من الرضاع واختها من الرضاع وبنتها من الرضاع إذا كانت مدخولاً بها وهكذا وبينا أيضا أن الرضاع كما يحرم سابقاً يحرم لاحقاً سواء في ذلك النسب او المصاهرة وحينئذ فلو أرضعت زوجة الكبير زوجها الصغير بعد طلاقها ونكاحها الصغير او الذي كانت زوجته سابقاً فانفسخ نكاحها منه بلبن الكبير حرم الكبير مؤبداً لانها زوجة ولده الصغير مؤبداً لأنها زوجة أبيه وإبنها أيضا ولو كان له زوجتان صغيرة وكبيرة فأرضعت الصغيرة بلبنه حرمتا أبداً لصيرورة الكبيرة أم زوجته والصغيرة بنته وإن أرضعتها من غير لبنه فإن دخل بالكبيرة حرمتا أبداً لان الكبيرة أم زوجته والصغيرة ربيبته قد دخل بأمها وإن لم يدخل لم تحرم الصغيرة وأن انفسخ نكاحهما لمكان الجمع وكان له تجديد العقد على الصغيرة ثم أن الكبيرة إن دخل بها استقر مهرها على الزوج وإن لم يدخل بها سقط مهرها لحصول الفسخ إذا كان الإرضاع من جانبها فإن كانت مكرهة من الصغيرة أو من غيرها لم يسقط وعلى المكره غرامة المهر وأما الصغيرة فتستحق المهر كملاً إذا لم تتولَ الإرضاع بنفسها وإلا لم تستحق شيئاً وقد يحتمل لزوم غرامة المهر للزوج من الكبيرة إذا حصل الفسخ من قبلها بعد الدخول لما ذكروا من لزوم المهر عليها للزوج المطلق لها إذا ادعى الرجوع بها في العدة فأنكرت وأدعت الرجوع بعدها فحلفت على ذلك فتزوجت غيره ثم اكذبت نفسها فأقرت للاول فإنها يلزمها دفع المهر للأول وإن لم يمض إقرارها على الثاني وهو ضعيف لإمكان الفرق بينهما باعتبار أن إقرارها مثبتاً للزوجية الدائمية وقد حالت بينه وبينهما باليمين فدفع المهر لمكان الحيلولة بخلاف الرضاع فإنه فاسخ للزوجية من أصله وقد يضعف الفرق بأن الحيلولة متحققة على كل حال إلا أنه قد يتوقع زواله في الإقرار كما إذا طلقها الزوج فإنها تعود إليه بخلاف الرضاع فإنه مستمر دائمي فهو أولى بالغرامة لان الحيلولة فيه أقوى ولو أرضعت الزوجة الكبيرة لشخص زوجتين صغيرتين فإن كان بلبنه حرم الجميع لصيرورة الكبيرة أم زوجته والصغيرتين بنتيه من دون تفاوت بين كون رضاعهما دفعة أو تدريجاً وإن كان بلبن غيره فإن دخل بالكبيرة حرم الجميع أيضاً لصيرورة الابنتين ربيبتيه من أم مدخول بها من دون تفاوت أيضاً بين كون الرضاع دفعة أو متعاقباً واحتمال أن رضاع الصغيرة الثانية قد وقع بعد زوال الزوجية من الكبيرة فلا تكون بنت زوجته لاشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتق ضعيف لمنع الاشتراط أولاً ومنع ترتب المنع على صدق الزوجية بالفعل بل الظاهر من الفقهاء هاهنا أن بنت الزوجة مطلقاً سواء تقدمت زوجيتها أو تأخرت أو قارنت كالموطوءة شبهة وهي زوجة تحرم مع الدخول بأمها والرضاع كالنسب وإن لم يدخل بالكبيرة فإن أرضعتها دفعة أنفسخ عقد الجميع قطعاً لعدم إمكان الترجيح من دون مرجح وعدم إمكان الجمع فليس إلا أن ينفسخ عقد الجميع لانهما يكونان بمنزلة العقد الابتدائي على الام والبنت وتحرم الكبيرة مؤبداً وله تجديد العقد على من يشاء من الصغيرتين فإن أرضعتهما متعاقباً انفسخ نكاح الكبيرة والاولى بعد مفارقة الثانية لمكان لزوم الجمع بين الاختين ولو كان لرجل زوجتان وزوجة رضيعة فأرضعتها الزوجة الاولى حرمت الكبيرة مطلقاً وحرمت الكبيرة مطلقاً وحرمت الصغيرة إن كان الرضاع بلبنه أو كانت مدخولاً بها وهل تحرم الكبيرة الثانية كما هو المشهور والموافق للاحتياط لصيرورتها أم زوجته وإن انفسخ عقدها أما لعدم اشتراط بقاء المبدأ في الاشتقاق أو لعدم التفاوت في تحريم أم الزوجة بين سبق الأمومة على الزوجية وبين لحوقها لان الرضاع كالنسب ولو أمكن فرض ذلك في النسب لثبت التحريم أو لا تحرم للاصل ولخروج الصغيرة بإرضاع الاولى عن الزوجية إلى البنتية وأم البنت غير محرمة ولرواية علي بن مهزيار عن أبي جعفر ع حييث خطا ابن شبرمة في قوله بتحريم الجارية وامراتاه وبنته كما في أخرى وفيه نظر لان خروج الصغيرة إلى البنتية غير مجد بعد أن كانت زوجة والرواية ضعيفة السند بصالح بن حماد ومع ذلك فلا تخلو من إرسال لان المراد بابي جعفر (() إن كان هو الباقر (() كما هو المعروف في إطلاق أبي جعفر ولمقابلة قول بن شبرمة له فإبن مهزبار لم يدركه وإن كان الجواد ( فمع عدم انصراف الكنية إليه أن الرواية قد تضمنت قيل له وهو أن لم يكن ظاهراً في عدم السماع غير ظاهر في السماع الرافع للإرسال ولا فرق في الحكم المتقدم بين كون الكبيرتين زوجتين بالفعل أو كانا مطلقتين لبقاء معنى الزوجية بعد الفراق نعم لو طلق الكبيرتين قبل أن يدخل بهما ثم أرضعتا الصغيرة بلبن غيره لم تحرم الصغيرة لصيرورتها بنت من لم يدخل بأمها فلو طلق زوجته فارضعت زوجته الصغيرة بلبنه أو بلبن غيره بعد الدخول بها حرمتا جميعاً لانها بنت زوجه مدخول بها ولا يجدي كونها مطلقة ووافقنا على ذلك المحقق وإن خالف في الاولى وكأنه للرواية ولو كانت له أمةً يطأها فأرضعت زوجته الرضيعة بلبنه أو بلبن غيره حرمتا لصيرورة الامة أم زوجته والصغيرة بنته أو ربيبته المدخول بأمها وإن كانت الامة غير مدخول بها حرمت هي دون الصغيرة ويلزم الزوج بمهر الصغيرة عند انفساخ عقدها ولا يرجع به على أمته لان المولى لا يملك في ذمة عبده شيئاً قيل ما لم تكن مكاتبة مطلقة أو مشروطة استحق الرجوع عليها لصيرورتها بحيث يثبت عليها مالاً ولانقطاع سلطنته عنها وفيه نظر لمنع جواز تعلق الغرامة بذمتها مطلقاً وإن جاز لمولاها أن يأخذ من مال الكتابة ما ضمنته ويرجع به على أمة غيره ولكن بعد زوال الرقية عنها لعدم امتناع اشتغال ذمة عبد شخص لآخر واحتمال ضمانها في كسبها بعيد ولو كان لاثنين زوجتان صغيرة وكبيرة فطلق كل منهما زوجته فتزوج بالاخرى ثم ارضعت الكبيرة الصغيرة حرمت الكبيرة عليهما وحرمت الصغيرة على من دخل بالكبيرة ووجهه ظاهره مما تقدم ولو زوج ابنه الصغير بإبنة أخيه الصغيرة ثم ارضعت جدتهما احدهما انفسخ نكاحهما لان الجدة إن كانت للاب وكان المرتضع الذكر فإنه يصير عماً لزوجته لانه صار اخا ابيها لامه من الرضاع وإن كان المرتضع الانثى فإنها تصير عمة لزوجها لانها أخت أبيه لامه وإن كانت للام كما إذا كانا ولدي عم فإن كان المرتضع الذكر فإنه يصير خالاً لزوجته لانه صار أخا أمها من الام من الرضاع وإن كان المرتضع الانثى فإنها تصير خالة لزوجها لانها أخت امه من الرضاع ولو كان له زوجتان كبيرة وصغيرة فأرضعت أم زوجته الكبيرة زوجته الصغيرة انفسخ نكاحهما معاً بصيرورتهما أختا لزوجته الكبيرة ويحرم الجمع بين الأختين ولو أرضعت بين الاختين ولو أرضعت الصغيرة جدة الزوجة الكبيرة أو اختها فإشكال ينشأ من أن رضاع جدة الكبيرة يصير الصغيرة عمة لزوجته الكبيرة إن كانت جدة لابيها أو خالة إن كانت جدة لأمها أو يصير الكبيرة خالة للصغيرة إن كانت المرضعة أختها فيقضي بانفساخ عقدهما لمكان الجمع بين العمة وبنت الاخ أو الخالة وبنت الاخت وهو منهي عنه ومن المنع من انفساخ النكاح بمجرد هذه النسبة لانه لو أذنت العمة أو الخالة أو تقدم عقد بنتي الاخ أو الاخت ورضيت العمة أو الخالة جاز الجمع ولم يقم دليل على منع الجمع هاهنا فيستصحب الحكم السابق والاوجه أن يقال أن الرضاع قد سبب الجمع بين العمة أو الخالة وبين بنت الاخ أو الاخت في زمن واحد بعد أن لم يكن كذلك والجمع بينهما كذلك مبطل لاثر العقد من دون رضا العمة أو الخالة كما لو عقد عليهما دفعة وحينئذٍ فيبقى هقدهما موقوفاً في الاستدامة كالابتداء فإن رضيت أحداهما كما لو أرضعت الصغيرة اخت الكبيرة فصارت الكبيرة خالتها أو أرضعت امرأة أخي الكبيرة تلك الصغرة فصارت الكبيرة عمتها مضى عقدهما ولا فسخ وإن لم ترض كان لهما فسخ عقد الصغيرة أو فسخ عقدها وإن كانت أحدهما هي الصغيرة بحيث لا يعتبر رضاها انفسخ عقدهما لعدم إمكان تحقق الرضا وعدم جواز الجمع أو يبقى عقدهما موقوفاً إلى بلوغهما وذلك كما لو ارضعت الصغيرة جدة الكبيرة لابيها أو أمها بحيث صارت الصغيرة عمة أو خالة ولو قلنا بأن العقد على العمة أو الخالة وعلى بنت الاخ أو الاخت دفعة يقع باطلاً أتجه هاهنا البطلان من حين الرضاع كالجمع بين الاختين في الرضاع فيما إذا أرضعت الكبيرة زوجتيه الصغار لعدم إمكان الترجيح وعدم جواز الجمع.