انوار الفقاهة-ج26-ص37
السابع:الرضاع كما يمنع النكاح لو سبق عليه يبطله لو لحقه للإجماع بقسميه وللاخبار الخاصة الآتية إن شاء الله تعالى ولدخول الزوجة تحت العنوانات المحرمة فيتبدل الموضوع فينقطع الاستصحاب فلو ارضعت زوجته الصغيرة أمه أو زوجة أبيه من لبن أبيه أو جدته من أبيه أو جدته من أمه أو زوجة أخيه من لبن أخيه أو أخته أنفسخ نكاحها لصيرورتها أخته أو عمته أو خالته أو بنت أخيه أو بنت أخته وكذا لو رضعت أم الزوجة ولدها بلبن أبيها حرمت الزوجة على زوجها وكذا لو أرضعت زوجته الصغيرة بلبن الفحل إلى غير ذلك ويجري الحكم في الرضاع كما يجري في النسب كما إذا أرضعت أمه من الرضاع زوجته الصغيرة بلبن فحل واحد وكذا جدته منه وكذا اخته منه وكذا أمراة أخيه منه بلبن أخيه منه وهكذا ويجري على القول بعموم التنزيل ما يجري على ما ذكر كما إذا أرضعت زوجته الصغيرة أم ربي ولده المرتضع ونحو ذلك وهل يحرم هذا النحو من الرضاع مطلقاً أو لا يحرم مطلقاً أو يحرم فيما إذا استلزم ضرراً على الغير دون ما لا يستلزم أو يحرم مع عدم إذن الزوج ولا يحرم لو كان بإذنه وجوه أقواها الثالثة لقوله ((): (لا ضرر ولا ضرار)، وعلى أي تقدير فلو حصل الرضاع المحرم فلا يخلو من أن يكون بفعل الصغيرة من دون شعور المرضعة بها أو يكون بفعل الكبيرة ثم أنه إما على وجه الاختيار أو على وجه الإكراه والاضطرار أو يكون بفعلهما معاً بمعنى أن الصغيرة تتولى الإرضاع بنفسها مع شعور الكبيرة والقدرة على منعها فلا تمنعها عن ذلك فإن كان بفعل الصغيرة وكان قبل الدخول أو كان بعده وقلنا أن الدخول بالصغيرة لا أثر له في استقرار المهر فالأقوى حينئذٍ عدم ثبوت شيء في ذمة الزوج سواء كان المهر مسمى أو كانت مفوضة للأصل ولعدم استيفاء البضع فهو كتلف المبيع قبل قبضه ولمجيء الرضاع من قبلها فهو كالفسخ من قبلها لا تستحق معه شيئاً كما إذا ارتدت ويحتمل ثبوت المهر لها أجمع لملكه لها والأصل بقاؤه ولان فسخها لعدم قصدها كلا فسخ ويحتمل ثبوت نصفه إلحاقاً له بالطلاق ويقوى احتمال السقوط في المفوضة ويضعف احتمال ثبوت مهر المثل أو نصفه لان التفويض بمنزلة الهبة ولا بأس بخلو العقد عن المهر إذا لم يتعقبه دخول وثبوت المتعة في الطلاق إنما قضى بها الدليل ولذا لم يثبت للمفوضة مع الموت شيء من مهر أو متعة وإن كان بفعل الكبيرة أو بفعل غير المرضعة اختياراً منها أو اضطراراً لزم لها المهر على الزوج لعدم استناد الفسخ إليها فإن كان المهر مسمى لزمه النصف إلحاقاً له بالطلاق ويقوى لزوم الكل لوجوبه بالعقد والاستصحاب يقضي ببقائه وتنصيفه بالطلاق للدليل ولان الفسخ لم يجئ من قبلها وإن كانت مفوضة احتمل ثبوت المتعة لها إلحاقاً بالطلاق واحتمل سقوط المهر أصلاً للأصل ولعدم ثبوته فهو كالهبة المجانية قبل استيفاء شيء من البضع واحتمل ثبوت مهر المثل أجمع واحتمل ثبوت نصفه والأظهر سقوط المهر والمتعة ولو كان بفعل الكبيرة والصغيرة معا أو بفعل ثالث على وجه الإلجاء أو الإكراه فالأظهر ثبوت المهر لها مع التسمية كلاً أو بعضاً وعدمه مع التفويض وعلى كل تقدير فلو غرم الزوج المهر في مقام تثبت عليه غرامته فإن كان الرضاع بفعل الصغيرة فلا غرامة وإن كان بفعل الكبيرة فإن كانت ملجئة أو مكرهة فلا رجوع عليها قطعاً وهل يرجع على المكره أولا يرجع على أحد وجهان الأقوى الأول وإن كانت بامر الشرع لاضطرار المرتضع إلى الرضاع ففي ثبوت الغرامة عليها وجهان ينشئان مما دل على ضمان البضع بالتفويت كما سيجيء إنشاء الله تعالى ومن انها محسنة وما على المحسنين من سبيل وإنها أرضعت به بإذن الشرع وإذن الشرع بالإتلاف رافع للضمان كما يفهم من استقراء الموارد وإن لم يكن بين الإذن الأول الشرعية ولضمان منافاة وإن لم تكن ملجئة ولم ترضعه بأمر الشرع ففي رجوع الزوج عليها وجهان ينشئان من ضمان البضع بالتفويت وعدمه فإن قلنا بضمانه كالأموال لمقابلته بالمال في النكاح والخلع ولعدم احتسابه على المريض لو نكح بمهر المثل لعدم تفويته شيئاً من دون عوض وكذا المريضة المختلعة بمهر المثل ولضمانه للمسلمة المهاجرة مع كفر زوجها وبالشهادة بالطلاق ثم الرجوع عنها ضمنت المرضعة للزوج ما غرمه وهل تغرم مطلقاً أو مع قصد الإفساد قيل بالأول لأنه مع الضمان ويكون كإتلاف الأموال ولا يتفاوت الحال فيه بين قصد الإفساد وعدمه وقيل بالثاني لأنها مع عدم قصد الإفساد غير متعدية كمن حفر في ملكه بئراً فتردى فيها مترد ولأنها محسنة إلى الرضيعة وما على المحسنين من سبيل وهو ضعيف لمنع حصول الإحسان الموجب لعدم الضمان وللفرق بين الحافر للبئر في ملكه وبين المرضعة لعدم مباشرة الأول للإتلاف دون الثانية فالأقوى الضمان ولكن ظاهر الفقهاء أن الضمان للمهر ومقتضى ما ذكرنا أن الضمان للبضع وقسمه مهر المثل وإن قلنا بعدم ضمانه لأن منفعة البضع لا تضمن بالتفويت للأصل ولعدم شمول دليل الضمان له لعدم دخوله تحت اليد ولعدم شمول دليل من أتلف مالاً له لعدم كونه مالاً فيكون كما لو قتلت الزوجة نفسها أو قتلها قاتل أو منعت الزوج عن الوطء أو زنت أو أباحت بضعها لغيره ونحو ذلك فانه لا غرامة عليه لانه لم يفوت على الزوج مالا وثبوت المهر سببه العقد لا الرضاع على انا لو قلنا بثبوت الغرامة فانما يغرم قيمة البضع لا المسمى في المهر وان كان بفعل الكبيرة والصغيرة كما إذا رضعت فلم تمنعها ولم تعنها فالاظهر ثبوت المهر لها لعدم انفرادها بسبب الفسخ وتلزم الكبيرة بغرامة النصف لمكان الاشتراك في التفويت مع احتمال غرامة الكل لان تمكين الكبيرة بمنزلة المباشرة لعدم تميز الصغيرة ويحتمل عدم غرامتها شيء لانها بمنزلة من اتلف ماله فلم تمنعه من اتلافه ولو اشتركا في الرضاع اشتراكا حقيقيا بحيث استند الفعل إلى كل منهما حقيقة فالاوجه ثبوت غرامة النصف على الكبيرة ولو كانت المرضعة زوجة كبيرة ولم تشعر برضاع الضغيرة فان كان الرضاع بفعل الصغيرة ضمنت مهر الكبيرة في مالها وإن لم يقع من الصغيرة قصد لان الضمان لا يتبع القصد مع احتمال عدم الضمان لعدم الشعور أو لعدم ضمان البضع ومع الضمان فهل يرجع على الصغيرة بنصف المهر لانه كالطلاق أو يكلّه للاصل وجهان تقدم مثلهما ولو ارضعت الكبيرة الصغيرة عشر رضعات مع القصد أو ازيد ثم رضعت الصغيرة منها خمساً من دون شعور احتمل ترتب التحريم على الجزء الاخير من العلة فيكون كما لو كانت غير مشعرة بالجميع واحتمل التقسيط فيسقط ثلث مهر الرضيعة بسبب فعلها أو ثلث نصف المهر لوجود الفرقة قبل الدخول وسقط ثلثا مهر الكبيرة بفعلها فإن كانت غير مدخول بها سقط الباقي لانه ثلث وان كان مدخولا بها ثبت لها الثلث ويغرم الزوج للصغيرة سدس مهرها ويرجع به على الكبيرة ويحتمل سقوط سدس مهر الصغيرة بفعلها والنصف بالفرقة فيثبت لها الثلث فتغرم الكبيرة ثلثه وسقوط ثلث مهر الكبيرة بفعلها والنصف بالفرقة فيثبت لها السدس وتغرم الصغيرة سدسه ان كان قبل الدخول وأما بعد الدخول فيثبت لها الكل والغرامة على الصغيرة على الاظهر.