انوار الفقاهة-ج26-ص36
الخامس:ذهب بعض أصحابنا إلى عموم تنزيل الرضاع منزلة النسب بناء منهم على شمول قوله (() للرضاع لحمة كلحمة النسب ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وقوله (() في تعليل عدم نكاح أبي المرتضع في أولاد صاحب اللبن بمنزلة ولده لكل ما ينزل في الرضاع منزلة ما يحرم من الانساب سواء كانت من الافراد المعدودة في الكتاب المجيد او لم تكن كما إذا كانت ملائمة لها او تنحل إليها او تلازمها في الوجود الخارجي فينزل الرضاع نسباً فيجر كل من المرتضع وأقاربه ومن انتسب إليه نسباً او رضاعاً إلى الفحل والمرضعة وأقاربهما ومن انتسب إليهما نسباً او رضاعاً وهو معنى كونه له لحمة كلحمة النسب ويحرم به ما يحرم من النسب وهو الذي يقتضيه التعليل لأن صيرورة أولاد المرضعة أولاد لصاحب اللبن يقتضي أن أولاده أخوة لأولاده وإن صاحب اللبن أيضاً أب لاولاد أبي المرتضع وإن إخوة كل منهما وأخواتهما أعمام لأولاد كل منهما وأخوال كل واحد منهما أخوال لأولاد الآخر وهكذا فتجري أحكام النسب بينهما وأحكام المصاهرة وغيرهما وفي هذا المذهب ضعيف ظاهر لمخالفته فتاوى الأصحاب وعملهم وسيرة الإمامية خلفاً عن سلف وما استند إليه من خبر اللحمة لم نجده في أخبارنا المعتبرة ولو سلم فهم منصرف لما كان بين المرتضع وبين المرتضع عنده وكذا قوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إنما ينصرف إلى المرتضع ومن المرتضع عنده ويختص بالمحرمات النسبية المعدودة فما تحقق مثلها في الرضاع حرمت وإلا فلا ولا عبرة بما يلائم النسب أو ينحل إليه أو يساويه بحسب الصدق في الوجود الخارجي لعدم دخوله تحت العموم وعدم دليل يدل عليه بالخصوص وكفى خلو الأخبار عن بيان ذلك وعدم تعرض أصحاب الأئمة لما هنالك بعدم كونها منشأ للتحريم وسبب النشر الحرمة وأما ما ذكره من التعليل فهو عليل لأن غاية ما تقضي به العلة لا إنما هو سريانها لمن وجدت فيه قطعاً، كان بها أولى ولا تقضي بثبوت حكمها لما شابهها مما يصح أن يكون علة على أخرى إلا مع ثبوت التلازم بينهما شرعاً أو عرفاً والتلازم هنا ممنوع لأن ولدية أولاد الفحل لأبي المرنتضع ليس لازماً بيناً لاخوية أولاده لهم ولا لعمومية اخوته لهم نعم انما تلازم ابوتيه لهم و لا نسلم أن كل اب لقوم تكون اخوته اعمامه واولاده اخوتهم لعدم كونها قضية شرعية أو عرفية قطعية وإن أتفق عدم وجود خلافه في الوجود الخارجي غالباً وحينئذٍ فيكون ذلك قياساً أو أضعف من القياس لأنه من باب الانتقال من لازم إلى لازم لم تتحقق بينهما ملازمة ولا يرتكبه أحد فأخت أبي المرتضع لا تكون عمة وزوجته لا تكون أماً وأمه لا تكون جدة وهكذا كالربيبة فإنها لا تحرم على أخي الزوج ولا ولده وإن كانت بمنزلة البنت وبالجملة فالمحرم النسبي إن حصل في الرضاع حرم كالام مثلاً وإلا لم يحرم كأم الأخ وإن عادت بحسب الوجود الخارجي إليها وإلى زوجة الأب وذلك لعدم دليل دال على تحريم أم الأخ وعدم كونها عنواناً من العنوانات المحرمة في الكتاب والسنة والأصل عدم التحريم.
السادس:يحرم من المصاهرة في الرضاع ما يحرم في النسب للإجماع بقسميه ولعموم قوله (() يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ومن جملة ما يحرم من النسب المصاهرة ولخصوص بعض الأخبار الآتية إن شاء الله تعالى فيما إذا أرضعت زوجيته الصغيرة والمراد بالمصاهرة المحرمة في الرضاع هي المصاهرة المترتبة على ما أثبته الرضاع من النسب سواء كان رضاعاً عن رضاع أو نسباً عن رضاع أو رضاع عن نسب إلا فيما يختلف الفحل فيه بالنسبة إلى المتراضعين وأما المصاهرة الناشئة عن نفس الرضاع المنزلة منزلة المصاهرة كتنزيل المرضعة منزلة الزوجة لصيرورتها أم ولده وأختها منزلة أخت الزوجة وأمها منزلة أم الزوجة وهكذا فهذه لا اعتبار بها ولا دليل على تحريمها سوى ما يتخيل من عموم المنزلة الناشيء من قوله (() يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وفيه ما عرفت أنه قد خص النسب دون المصاهرة فيكون معناها ما يحرم من النسب من المصاهرة والمصاهرة النسبية هي ما يترتب على النسب من الافراد المحرمة المعدودة والمصاهرة الناشئة عن الرضاع ليست من المصاهرات النسبية وغير داخلة في عنوانها وإنما تلائمها ملائمة أو تنحل إليها بالاخوة وبالجملة فالمحرم من المصاهرة هي بنت الزوجة المنكوحة المدخول بامها وأم الزوجة مطلقاً لا أخت الولد الناشئ من الرضاع ولا أمّ أم الولد الناشئ منه فإنها ليست من المصاهرة في شيء.