انوار الفقاهة-ج26-ص30
خامسها:يشترط في الرضاع المحرم بأي تقدير اعتبر أن يكون في الحولين بمعنى أن يرتضع الصبي تمام العدد وهو غير متجاوز لها فلو أرتضع كلاً أو بعضاً خارجاً عيناً لم يعتد به نعم لا يشترط حصول الاثر في الحولين على الظاهر فلو حصل الرضاع في ضمنها وحصل الاثر بعدها نشر الحرمة والمراد بالحولين أربعة وعشرون شهراً هلالياً إن لم يحصل انكسار في الشهر فإن حصل كانت عبارة عن ثلاثة وعشرين شهراً هلالياً وشهراً عددياً ملفقاً واحتمل كونه شهراً هلالياً ملفقاً وهو بعيد واحتمل انكسار الجميع واحتسابها هلالية وهو كذلك بعيد ولو شك في أن الرضاع هل هو في الحولين بعد مضيهما أم لا فإن علم التاريخ تاخر المجهول عن المعلوم على الاظهر وإلا فالأصل عدم نشر الحرمة بعد تعارض الأصول ويعتبر ابتداء الحولين من حين انفصال الولد تماماً أو انفصال أغلبه إلى الخارج والمشهور على عدم الفرق بين انفطامه في اثناء الحولين وبين عدمه فلو رضع في أثناء الحولين بعد أن انفطم كان حكمه كحكم ما لم ينفطم خلافاً لما نقل عن ابن أبي عقيل وكذا لا فرق بين انفطامه وعدمه فيما بعد الحولين في أنه لا ينشر حرمة خلافاً لما نقل عن ابن الجنيد من أنه لو رضع بعد الحولين ولم يتوسط بين الرضاعين فطام نشر التحريم ويدل على أصل الحكم بعد فتوى المشهور تحصيلاً بل الإجماع نقلاً وتحصيلاً قوله تعالى: (يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ( وقوله تعالى: (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ( لدلالتهما على اعتبار الرضاع فيهما وعدم اعتباره فيما بعدهما وإن جاز شهراً أو شهرين بعدهما والخبر المشهور عن النبي (() والأئمة (() لإرضاع بعد فطام وهو منصرف إلى الفطام الغالب وهو ما يكون بعد إكمال السنتين أو يراد به قبل استحقاق الفطام أو مدته الاغلبية بقرينة قوله في رواية حماد بن عثمان قلت وما الفطام قال الحولين الذي قال الله تعالى وبقرينة فهم الأصحاب من الفطام إرادة الحولين ومنصرف إلى نفي آثاره المترتبة عليه بعد عدم إمكان نفي الحقيقة ولولا فهم الأصحاب والخبر المتقدم لامكن المناقشة في دلالة الفطام على إرادة الحولين فقط دون نفس الفطام ودون الشهرين اللذين يجوز الرضاع فيهما وأمكن المناقشة في المراد من النفي بعد الجزم بعدم إرادة نفس الحقيقة هل هو الحل أو هو المترتب عليه الأثر من صيرورته كالنسب ويستدل لابن عقيل بمفهوم هذه الأخبار النافية للرضاع بعد الفطام من دون تقيد بكونها قبل السنتين أو بعدها وبصحيح الفضل بن عبد الملك الرضاع قبل الحولين وقبل أن يفطم كما يستدل لابن الجنيد بذلك المفهوم أيضاً وبخبر داود بن الحصين الرضاع بعد الحولين قبل أن يفطم ويحرم كلا القولين ضعيف مخالف للمشهور نقلاً وتحصيلاً وللإجماع نقلاً بل كاد أن يكون تحصيلاً فلا بد من حمل قوله في الصحيح وقبل أن يفطم على الـتأكيد ويحمل الثاني على إرادة أنه يحرم بالتخفيف ويكون قوله قبل أن يفطم لبيان التحريض على الفطام والترغيب إليه ومع ذلك فالخبر ضعيف لا يعول عليه وهل يختص هذا الشرط بالمرتضع الاجنبي أم يسري لولد المرضعة بمعنى أن لا يمضي من ولادته حولان لم ينشر لبنه حرمة إلى من ارتضع به قولان والمشهور الاختصاص لعمومات أدلة التحريم خرج ما خرج وبقي الباقي وللأصل ولأنه هو المتبادر من إطلاق الأدلة المخصصة لأن المنساق من قوله لا رضاع بعد فطام هو فطام المرتضع لا فطام من ارتضع بلبنه ويؤيد ذلك تفسير الكليني والصدوق للخبر بذلك من دون تشكيك وارتياب وهما من قدماء الأصحاب العارفين بمواقع الإخبار وقيل بعدم استناد لإطلاق لإرضاع بعد فطام الشامل للمرتضع وولد المرضعة ويؤيده ما ورد من أن فضال سأل ابن بكير في المسجد فقال ما تقولون في امرأة أرضعت غلاماً سنتين ثم ارضعت صبية لها أقل من سنتين حتى تمت السنتان ايفسد ذلك بينهما فقال لا يفسد ذلك بينهما لأنه رضاع بعد فطام وإنما قال رسول الله (() لا رضاع بعد فطام أي أنه إذا تم للغلام سنتان أو الجارية فقد خرج من حد اللبن ولا يفسد بينه وبين من يشرب من لبنه وهو ضعيف لضعف مستنده لأن الاطلاق منصرف في العرف إلى ما ذكرناه وفهم ابن بكير لا يعارض فهم الشيخين لأنه فطحي على أنه ما روى عنه لا يخلو من إجمال بل فيها ما يمكن الاستلال به على القول الأول.