پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج26-ص13

ثامنها:عقد الفضولي الواقع من جامع شرائط صحة العقد سوى إذن المالك صحيح في النكاح بمعنى أنه لا يحكم ببطلانه بل يبقى موقوفاً فإن تعقبته الإجازة أثر أثره وإلا وقع بطلان ولا يتفاوت الحال بين صدوره من قريب أو بعيد وبين كونه من حُرٍّ أو عبد على غيره أو على نفسه وبين تعلقه بمن كان قابلاً للإجازة حين صدور العقد كالكبير أو كان غير قابل كالصغير وبين أن يكون الفضول من جانب الزوجة أو من جانب الزوج أو من جانبهما معاً وبين أن يكون المجيز هو الولي أو المجيز هو الصغير بعد بلوغه وإن كان الولي موجوداً حين صدور العقد الفضولي ولا فرق بين صدوره مع القطع برضاء الأصيل أو مع القطع بعدم رضاه أو مع الشك فيه مع احتمال الصحة ابتداءً في الأول والبطلان ابتداءً في الثاني ولو ردّ الأصيل بعد وقوع العقد بطل العقد قطعاً ولو أجاز فالظاهر أن الإجازة كاشفة لا ناقلة فعلى ذلك فيشترط كون الأصيل مما يصح عليه العقد حين صدوره فلو عقد على محرم فضولاً فأجاز بعد الإحلال لم تؤثر الإجازة شيئاً وكذا لو عقد مسلمة على كافر فضولاً فأجاز بعد الإسلام وعلى النقل يصح في المقامين نعم يفسد ما لو عقد مسلماً على مسلم فضولاً فارتد المسلم فأجاز بعد الارتداد أو عقد كافر على كافرة فأسلمت فأجازت بعد الإسلام ونحو ذلك ولو عقدت البالغة الرشيدة ذات الولي نفسها فضولاً على القول بثبوت الولاية عليها فمات الولي كان كمن باع شيئاً فملكه فيحتمل البطلان ويحتمل الصحّة مع الإجازة ويحتمل الصحة بدونها وقد يجيء ذلك فيما إذا زوج العبد نفسه وقد تحرر بعد ذلك ويدل على صحة العقد الفضولي مطلقاً عمومات أدلّة صحّة العقود جنساً ونوعاً لصدق الفضولي أنه ببيع ونكاح وعقد فيشمله ما دلّ على صحتها لعدم اشتراط مباشرة الأصيل له نعم يشترط رضاء الأصيل بالعقد في الجملة إجماعاً وكتاباً وسنة ولا فرق بين رضاه سابقاً وبينه لاحقاً لأن المقصود حصوله فإذا حصل أثّر العقد أثره قضاء لحق عموم الأدلة ويدل على صحته في النكاح الإجماع المنقول على لسان المرتضى وابن إدريس في ما عدا المملوكين المعتضد بفتوى المشهور وبالعمومات والأخبار المتكثرة كقول النبي (() في البكر التي أنكحها أبوها فاتته تستعدي أجيزي ما صنع أبوك وخبر محمد بن مسلم فيمن زوجته أمه وهو غائب قال النكاح جائز إن شاء قبل وان شاء ترك وما جاء في صحة عقد المملوك بدون إذن سيده إنه إن شاء سيده أجاز وإن شاء فرق بينهما معللاً بأنه لم يعص الله وإنما عصى سيده فإذا أجازه فهو له جائز وفي آخر أيضاً في مملوك تزوج من دون إذن مولاه قال ذلك إلى مولاه إن شاء فرق بينهما وإن شاء أجاز نكاحه وفيه فقلت لأبي جعفر (() فإنه في اصل النكاح كان عاصياً فقال أبو جعفر (() إنما أتى شيئاً حلالاً وليس بعاص لله وإنما عصى سيده ولم يعص الله إن ذلك ليس كإتيانه ما حرم الله تعالى من نكاح في عدة أو أشباهه وفي الخبرين دلالة على صحة الفضولي حق لو كان صدوره منهياً عنه نهياً عارضياً لا على سبيل الأصالة لأن النهي إذا كان لأمر خارج لا يقضي بفساد المنهي عنه فإذا لم يقض بالفساد صار مشمولاً لدليل الصحة بعد حصول الشرط وهو رضاء الأصيل والأخبار بهذا المضمون كثيرة وخبر الحذا عن أبى جعفر في غلام وجارية زوجاهما وليّان لهما وهما غير مدركين فقال النكاح جائز وأيهما أدرك كان له الخيار ويراد بالولي هاهنا العرفي دون الشرعي بقرينة ثبوت الخيار لهما وبقرينة قوله في آخرها فإن كان أبوها هو الذي زوجها قبل أن تدرك قال يجوز عليها تزويج الأب ويجوز على الغلام والمهر على الأب للجارية وذهب بعض أصحابنا إلى بطلان الفضولي في جميع العقود استناداً للأصل وعدم الدليل الدال على الصحة ولتوقف العقد على الرضا والإجازة والشرط لا يتأخر عن المشروط فلا بد من تقدمهما فلو تأخرا فسد العقد كما يقع في الفضولي وللأخبار الناطقة بفساد النكاح خصوصاً من غير وليّ والناطقة بفساده من دون إذن المولى والناطقة بأن من تزوج الأمة من دون إذن أهلها فهو زنى والكل ضعيف لانقطاع الأصل بما قدمناه من دليل الصحة ولمنع لزوم تقدم الشرط وضعاً على المشروط وإنما اللازم تقدمه ذاتاً لا زماناً والشرط هنا هو حصول الرضا بأحد الأزمنة وهو متقدم ذاتاً وتأخر بحسب الوجود الزماني غير ضائر نعم يكون حصوله في الزمن المتأخر كاشفاً عن صحة العقد في الزمن المتقدم لصدوره جامعاً للشرائط التي منها وقوع الرضا في الزمن المتأخر وهذا أوجه معاني الكشف في الإجازة ولظهور وورود الأخبار في العقد الصادر من دون إذن مطلقاً لا سابقاً ولا لاحقاً أو تحمل على المبالغة في البطلان أو على مجاز المشارفة عليه لأغلبية عدم الإجازة في تلك الموارد أو على أنه بطلان من حيثية نفسه من دون نظر لتعقبه الإجازة أو غير ذلك من المحامل جمعاً بين الأدلة كما يمكن حمل قوله لا نكاح إلا بولي على نفي الكمال لا على الصحة جمعاً ومن أصحابنا من منع الفضولي في غير النكاح وإجازه فيه للأخبار الواردة فيه وهو اوجه من سابقه ولا بد في الإجازة للعقد الفضولي من قول أو فعل دالين على الرضا ولا يكفي القطع به بل الأحوط في غير الأخرس وشبهه من القول الدال على ذلك نعم ورد في جملة من الأخبار وأفتى به مشهور الأصحاب أن البكر يكفي في إجازتها بعد صدور العقد عليها فضولاً وفي إذنها في العقد ابتداءاً سكوتها وصمتها إذا عرض عليها العقد ابتداءً أو انتهاء وعللوا ذلك بشدة حياها لعدم ممارسة الرجال لها وفي الأخبار ما يدل على أن سكوتها إقرارها وإن إذنها صماتها وإن سكوتها إذنها وهو مخالف للقواعد فلا بد من تقيده بما إذا لم يعلم عدم رضاها أو تقوم قرينة على عدمه حالية أو مقالية فلو علم ذلك لم يكف السكوت وهذا العقد هو ظاهر الاصحاب وقد ينزل ذلك على الغالب من حصول الظن بالرضا عند السكوت لأنها لو لم ترض لصرحت بالمنع ولكن ظاهر الأصحاب عدم التنزيل على ذلك وإن الحكم تعبدي ولكنه مقصور على حالة الشك في الرضا وعدمه ومن ذلك يظهر أن تنزيل الأخبار الكشف عن العرف العام من كون السكوت في هذا المقام دال على الرضا بمنزلة الكلام بعيد عن الإفهام لأنه أعم والعام لا يدل على الخاص ويمكن الفرق بين سكوتها حالة العلم منها بأن سكوتها عند الشارع بمنزلة الرضا فينزل منزلته وبين حالة عدم العلم فلا ينزل وعلى كل حال فالأحوط التصريح منها بالإذن ولا يلحق بالبكر غيرها ممن شأنه الحياء لأن الحيا حكمه وليس بعلة يدور مدارها الحكم وجود أو عدما فحكمها حكم المشقة في السفر والمراد بالبكر هي من لم توطأ للرجال الذكور قبلاً وفي الموطوءة دبراً وجهان وذهب جمع من أصحابنا أنها هي التي لم تفتض قبلاً أصلاً فلو افتضت بإصبع أو حرقوص أو إصبع أو طفرة أو خلقة أو نفس عادت ثيباً وفيه منع لعدم مساعدة العرف له ولقضاء الحكمة الظاهرة في الحكم بإدارة المعنى الأول وإن لم تكن تلك الحكمة علة حقيقية وبالجملة فالبكر في العرف العام هي التي تطأها الرجال ولو وطئت وهي صغيرة غير مدركة فالطاهر إلحاقها بالثيب ولكن على إشكال والظاهر أن ما عدا السكوت من ضحك أو بكاء أو فرح يدور مدار ما يفهم منه في مقامات الأحوال وقرائن الأحوال لعدم النص.

تاسعها:تسقط ولاية الكافر على المسلم سواء كان الكافر أصلياً أو مرتداً وسواء كان المسلم مخالفاً أو مؤمناً وسواء كان المولىّ عليه حراً أو عبداً لعموم قوله تعالى:( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً( وقوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ( وقوله ((): (الإسلام يعلو ولا يعلى)، والمناقشة بأن السبيل هو الدليل والبرهان كما هو الوارد في الخبر لا الولاية وشبهها مدفوعة بأن نزول الآية في مورد خاص أو إرادة معنى خاص منها لا ينافي الأخذ بظاهرها من العموم والظاهر من العموم والظاهر أن المنتحل للإسلام كالغلاة والخوارج في حكم المسلمين فلا يتولاهم الكافر الأصلي وذلك كمسلم ناصبي جن بعد إسلامه وكان أبوه كافراً أصلياً وأما المرتد الذي لم يتشبث بالإسلام فلا باس بولاية الكافر الأصلي عليه ومتى سقطت ولاية الكافر على المسلم عاد المسلم كمن لا ولي له فإذا لم يكن له مسلم قابل للولاية من أب أو جد تولاه الحاكم وأما ولاية الكافر على الكافر فلا بأس بها للعمومات الدالة على ولاية الأب والجد ولقوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ( وقوله تعالى: (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ(، ولو كان للكافر وليّان مسلم وكافر كأب مسلم وجد كافر قيل الولاية للمسلم فقط أو للكافر فقط أو لهما معاً ويتصور فيما لو كفر المسلم بعد بلوغه فجن وجوه أوجهها الاشتراك في الولاية وفي القول باختصاص المسلم بها قوة ويظهر من بعض أصحابنا عدم ثبوت الولاية للكافر على الكافر ويظهر من آخرين عكس ذلك وإن لا ولاية لمسلم على كافر وإنما وليه الكافر لأن الكفار بعضهم أولياء بعض وكلاهما ضعيف مخالف لعموم الأدلة نعم قد يقدم عقد المسلم عند المشاحة لأن الإسلام يعلو ولو زال الكفر بالتوبة عادت الولاية في مقام تقبل توبة المرتد.