انوار الفقاهة-ج26-ص11
خامسها : لا ولاية للحاكم على الطفل مطلقاً ذكراً أو أنثى للأصل وكأنه اتفاقي وعلل بأن ولاية الحاكم لمكان الضرورة ولا ضرورة للصغير في النكاح وقد يمنع ذلك لامكان تحقق الضرورة والحاجة ولانقطاع الأصل بقوله السلطان ولّي من لا ولّي له ولأنه منصوب للمصالح العامة وهذا منها وله الولاية على المجنون والسفيه البالغين اللذين لا أب لهما ولا جدّ ولا ولاية له على المجنون المتصل جنونه بصغره للأصل ولأن ولاية المال لآبائهما فتتبعه ولاية النكاح مع احتمال كونها له لأن المتيقن في ولاية الأبوين في النصوص والفتاوى هو حالة الصغر ويحتمل أنّ لكل منهما الولاية منفرداً أخذاً بالدليلين ويحتمل اشتراكهما في الولاية وهو أحوط وأما المتجدد جنونه فالأظهر أن الولاية فيه للحاكم لانقطاع ولاية الأبوين فعودها مفتقر إلى دليل ويحتمل اشتراكه مع الأبوين وهو الأحوط ويحتمل جواز انفراد كلّ منهما بالولاية ويحتمل كونها للأبوين فقط العموم الولاية الثابتة لهما ولمكان الشفقة والرقة وأمّا السفه المتجدّد فالأقوى والأظهر أن الولاية فيه للحاكم وأمّا المستمر ففي اختصاص الحاكم بها أو اشتراكه مع الأبوين أو جواز انفراد كل منهما وجوه أقواها الأول وأحوطها الوسط ويظهر من بعض أصحابنا المناقشة في عموم ولاية الحاكم الشرعّي ما عدا الإمام (() الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم لعدم الدليل عليها سوى رواية السلطان وهي مع ضعف سندها لا تنصرف إلا للإمام (() وسوى ما دلّ على جواز الترافع إليه كمقبولة عمر بن حنظلة ونحوها وهي لا تدل على الولاية في غير القضاء والافتاء وهو ضعيف لأن تسليم منصب القضاء والإفتاء ممّا يؤذن ببقية المناصب بطريق أولى وما ورد في نصب الأئمة (() بعض أصحابهم قيماً على أموال الأيتام دليل على جواز الولاية في غيرها لأنّ وليّ المال يتولىّ غيره وفي قضاء ضرورة النظام وفتاوى الأصحاب بعموم الولاية كفاية في ذلك على أن مقبولة عمر عامة للترافع وغيره لقوله ((): (فاجعلوه حاكماً) مطلقاً ورواية السلطان قد تشمله لأنّه بعد أن يكون حاكماً فيندرج في السلطان في وجه ولو فقد الحاكم ففي قيام عدول المسلمين حسبته مقامة وجهان ولا يبعد جواز قيامهم عند الاضطرار وأمّا الوصيّ على الأطفال ففي ثبوت ولاية النكاح له مطلقاً أو عدمها مطلقاً أو ثبوتها له مع النص المومى عليها وعدمها مع عدمه أو ثبوتها له على من بلغ فاسد العقل إذا كان به ضرورة إلى النكاح مع نص الموصى أو مع عدمه وعدمها مع عدمه أقوال أظهرها ثبوت ولايته مطلقاً أمّا مع النص أو مع العموم أو الإطلاق الشاملين عرفاً لدخول الولاية في النكاح فيهما وذلك لعموم (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ(سورة البقرة آية 181، ولظهور أدلّة الوصاية والوصيّة في جواز نقل كلّما كان للموصي فعله حال حياته وكان مما يقبل النيابة والنقل إلى الوصّي وصحة تصرفه الوصي فيه ما لم يقم الدليل على خلافه وللأخبار المتكثرة ومها الصحيح في قول الله عز وجل: (إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ( سورة البقرة آية 273، قال هو الأب أو الأخ أو الرجل يوصى إليه والذي يجوز أمره في مال الإمراة فيبتاع لها ويتجر فإذا عفى فقد جاز وفي آخر مثله وفي ثالث قريب إليه وفي رابع كذلك ذكر الأخ غير مناف لإرادة الندب منه واستعمال اللفظ في الأعم من الندب وغيره جائز نعم وردفي صحيح ابن بزيع في رجل مات وترك أخوين وبنتاً والبنت صغيرة فعمد أحد الاخوين الوصي فزوج الابنة من ابنه ثم مات أبو الابن المزوج فلما مات قال الآخر أخي لم يزوج الجارية من ابنه فزوج الجارية من ابنه فقيل للجارية أي الزوجين الأول أو الآخر قالت الآخر ثم أن الاخ الثاني مات وللأخ الأول ابن أكبر من الابن المزوج فقال للجارية اختاري أيهما أحب إليك الزوج الأول أو الزوج الثاني الآخر فقال الرواية فيها أنها للزوج الاخير وذلك أنها قد كانت أدركت حين زوجها وليس لها أن تنقض ما عقدته بعد إدراكها فإن ظاهرة أن عقد الوصي فضولي غير نافذ وإن لها نقضه إلا أن الروايات الأولية أكثر وأصرح وحملها على الندب بقصرها على الكبيرة وإن كان ممكناً بقرينة ضم الاخ إلا أنه بعيد فيحمل الاخ فيها على ما كان وصياً أو وكيلاً للولي وظاهر المتأخرين الاقتصار في الولاية على من بلغت فاسدة العقل أو بلغ كذلك لمكان الضرورة ولشمول تلك الاخبار أما وهو أحوط واحوط منه اجتماع الوصي والحاكم وقد يضعف أصل اصل القول بذلك بان ولايته قد انتقلت إليه من الموصي فلا وجه للفرق بينهما والقول باختصاص الولاية للوصي بما إذا نص الموصي عليها في النكاح قوي ولكنه أن وقع الشك في الشمول وعدمه وأما مع عدمه كالعموم أو الإطلاق القاضيين عرفاً بثبوت الولاية على الايتام بما يصلحهم من أمورهم وترتيبهم والتصرف بأموالهم فلا شك في دخول أمر النكاح ضمناً فيهما فهو إما السفيه فالأظهر ثبوت ولاية الأبوين عليه مع اتصاله بالصغر ذكراً كان أو أنثى لقوله (() غير السفيهه وغير المولى عليها ولولا الرواية لأمكن المناقشة في السفيهه لأنها لم تفوّت مالاً وأمّا مع تجدّده فالولاية للحاكم والأحوط اجتماع الأبوين مع الحاكم فيهما ويصحّ لوليّه مطلقاً مباشرة العقد له وهل يصح إجباره عليه وجه والأوجه عدمه ويصحّ الإذن له في المباشرة فيتولى العقد بنفسه لأن عبارته غير مسلوبه وعلى أي تقدير فيشترط احتياجه للتزويج لمكان الخدمة أو الشهوة ولو بادر السفيه بالتزويج من غير حاجة كان العقد فاسداً ومقتضى ما ذكرناه أن الإجازة لا تصححه لعدم صحة اجازة الولي والحال ذلك إلا أن توجد مصلحة أخرى ولو كانت به حاجة إلى التزويج كان عقده فضولياً مفتقر إلى الإجازة من الوليّ إن أمكن الرجوع إلى الوليّ ويلزم الولي الإجازة مع احتمال عدم التوقف على الإجازة لعدم الفائدة وقيل أنه يأثم وإن صح عقده وهو حسن فإن لم يمكن كان نافذاً بشرط موافقته للمصلحة من كونه بمهر المثل فما دون فإن زاد بطل الزائد وصحّ العقد لعدم توقف صحة العقد على شرط المهر وقد يمنع من الحكم بتوقف عقده مع الموافقة للمصلحة على الإجازة لعدم الدليل على ذلك بل قد يمنع توقف صحّة عقده مطلقاً عليها لأن التزويج أمر مرغوب فيه في العاجل والأجل ولا دليل على ثبوت الولاية عليه في ذلك وما دل على الحجر على السفيه مخصوص بدفع المال إليه على وجه يتصرف فيه مستقلاً برأيه ومستبداً بنظره أما لو كان الدافع هو الوليّ في وجه يعود للسفيه نفع دنيوي أو أخروي فلا بأس به ولكنّه مخالف لظاهر الأصحاب ولما يؤذن به المنع من تسليطه على المال حيث أنه معلّل بالخوف عليه من إتلافه وبتبذيره فلو جاز له النكاح لأمكن صرف جميع ما يملكه بالتزويج فتفوت فائدة الحجر عليه ولحسنة الفضلاء وفيها غير السفيهة ولا المولى عليها ولا فارق بين الذكر والانثى فعلى ما ذكرناه فإن بادر الحاكم في العقد عليه مع الضرورة جاز لأنه وليه في المال فليكن وليه في النكاح وليس له جبره عليه وقيل ليس العقد مستقلاً أصلاً وإن بادر هو ووافق المصلحة ففي صحته من دون توقف على الإجازة وجهان ولا يبعد الصحة ولكن الاحوط اجتماعهما معاً ولو فقد الحاكم جاز له الاستقلال وفي قيام عدول المسلمين مقام الحاكم هنا وجه يقضي به الاحتياط ولكنه خلاف ظاهر الأصحاب وعلى الاصح فلو بادر السفيه فعقد مع عدم الضرورة فسد عقده على ما ذكرناه ولزمه مهر المثل مع جهل الإمراة دون علمها فلا يلزمه شيء ولو أذن الحاكم للسفيه بالتزويج مع الضرورة ففي لزوم تعين الزوجة له كي لا يتعدى إلى شريفة يستغرق مهر مثلها جميع ماله ولزوم تعين المهر كي لا يتعدى إلى ما فوقه أو عدم لزوم ذلك لتقيد الإذن بالمصلحة وهي كافية عن تعينهما فمع عدمها يكون العقد فاسداً ولانّ الزامه بمهر المثل مع التعدي حاصل على كلا تقديري التعين وعدمه فلا فائدة للتعين وجهان ولا يبعد الأول لاحتمال إيقاعه مع عدم التعين بغير ما وافق المصلحة لجهله وقلة تأمله وقصور نظره فيكون مغروراً أو كالمغرور من قبله ولو غير الولي مهراً فزاد عليه احتمل بطلان المسمى من أصله واحتمل بطلان الزائد إذا زاد على مهر المثل ولو لم يزد فكله للمرأة مع الجهل واحتمل فساد العقد من أصله.
سادسها:للبالغة الرشيدة أن تعقد لنفسها كما رجحناه ولها أن تعقد لغيرها ولو قلنا أن الولاية للأب او الجد لأنها غير مسلوبة العبارة ولها أن توكل في العقد على نفسها لغيره او لنفسه خصوصاً او عموماً كأنكحني ممن شئت وللوكيل حينئذٍ أن يعقد لها على نفسه بنفسه وله أن يوكل عنها إن أذنت له بالتوكيل وأن يوكل آخر عنه ولا يمنع في الأول كونه موجباً قابلاً لأن المغايرة الاعتبارية كافية في صحة العقد لعموم الأدلة نعم روى الشيخ في الموثق في امرأة تكون في أهل بيت يكره أن يعلم بها أهل بيتها أيحل لها أن توكل رجلاً يريد أن يتزوجها تقول له قد وكلتك فاشهد على تزويجي فقال لا قلت له جعلت فداك وإن كانت أيّما قال وإن كانت أيّما ظاهرها المنع من توكيل الإمراة رجلاً على أن يزوجها من نفسه مطلقاً سواء كان قد تولى العقد بنفسه على جهة كونه موجباً قابلاً أولا وهو ضعيف السند مخالف للقواعد والمشهور بين الأصحاب فليحمل على الكراهة او على رجوع النفي من قولها وكلتك فاشهد على تزويجي فأن مجرد الاشهاد غير كاف واشهاد نفسه غير معتبر ولو اخذنا بها على ظاهرها اتجه المنع مطلقا سواء كان هو الموجب القابل أم لا ولو أطلقت الزوجة التوكيل ففي دخول الوكيل في الإطلاق وعدمه وجهان والظاهر من العرف عدم الدخول وانصراف إطلاق الوكالة لعين الوكيل واحتمل بعضهم كون العام كالمطلق في عدم الشمول والانصراف لغير الوكيل وكلاهما ضعيف لقضاء العرف بالفرق بين دلالة المطلق والعام في قوة الدلالة على الشمول وعدمها.