انوار الفقاهة-ج26-ص1
الفصل الأول:في عقد النكاح الدائم لما كان الأصل المأخوذ من الكتاب والسنة والإجماع هو عصمة الفروج وعدم جواز التصرف بها من دون سبب شرعي يدل عليه قاطع أو ينتهي إلى قاطع وقد ورد الأمر بالاحتياط فيها وأن أمرها شديد وأنها عليها مدار الأنساب والمواريث وجب الاقتصار فيها على المحلل المقطوع بتحليله ولا يجوز التمسك فيها باصل الاباحة والبراءة و لا بما شك في حصول السببية فيه لمشابهتها العبادات الممنوع فيها من التمسك بالأصول العقلية وحينئذٍ فلا يكفي في تحليها مجرد الرضا الباطن كالأموال لأن أمر الفروج أعظم من أمر الأموال وأدنى من أمر النفوس ولا يكفي فيها ما دل عليه من الأفعال كالإشارة والكتابة والمعاطاة ما عدا ما كانت إشارته كلفظه كالاخرس وما شابهه ممن لا يتمكن من الكلام مع ان احوط غير الاخرس التوكيل لغيره مع تمكنه منه والظاهر ان الاجماع محصل على عدم جواز استحلال الفرج بمجرد الفعل للمتمكن من القول معاطاة كان الفعل أَم غيره مضافا إلى المشهور المنجبر بالاحتياط وبفتوى الأصحاب إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام ولا يكفي اللفظ الغير العربي للمتمكن منه إذا كان عربيا وربما يدعى عليه الإجماع وأما الاكتفاء به للعجمي فهو وجه ولكن الاحتياط على خلافه ومن لم يتمكن من العربي جاز له الاكتفاء بغيره إذا لم يمكنه التوكيل لمكان الضرورة ورفع العسر والحرج وهل يقدم العجمي على غيره أو تتساوى جميع الألسن أو يعمل كل على لسانه وجوه أحوطها الأخير ومع إمكان التوكل أيضاً يقوى القول بالاكتفاء وفي الاكتفاء بإشارة الأخرس مع تمكنه من التوكل دلالة عليه إلا أن الأحوط التوكيل ولو دار الأمر بين العربي الملحون بنيته وبين العجمي قدم العجمي ولو كان ملحوناً بإعرابه فوجهان ولا يبعد لزوم تقديم العربي ولا يكفي في العقد كل لفظ عربي بل لا بد من الاقتصار على المقطوع به في السببية لما ذكرناه ومن أجاز كل لفظ دال على المقصود استناداً لعموم (أوفوا بالعقود)، ولإطلاق أدلة النكاح ولخلو الأخبار من ذكر صيغة خاصة فقد خالف إطباق الجمهور من الفقهاء وتعدى عن تلك القواعد والضوابط والاحتياط واستناده للعموم والإطلاق مردود بضعف العموم عن التمسك به في مثل هذا المقام لشبهه بالمجمل أو لانصرافه إلى المعهود المتعارف وبضعف الإطلاق أيضاً لانصرافه إلى عقد النكاح المعهود شرعا والمقطوع به عرفا وكذا استناده لخلو الأخبار عن ذكر الصيغ فإنه مردود أيضاً بأن الصيغ لما كانت معلومة من زمن الصدور معهودة بينهم استغنى بذلك عن بيانها وتعليمها وما ورد في الأخبار الآتية مما ظاهره الاكتفاء بفعل الأمر والمستقبل ليس وارداً في مساق تعليم الصيغ بل في بيان شرائط آخر ليترتب عليها وقوع الصيغة المعهودة وعلى ما ذكرناه فلا يصح العقد بالمجاز قريبة وبعيدة مشهورة وغيره فلا يصح في عقد النكاح ما أخذ من لفظ الهبة أو العارية أو التمليك أو الصدقة أو البيع سواء تعلقت بعين الإمرأة أو بمنافعها أو ببضعها ولا يصح بالكناية قريبة أو بعيدة كل ذلك للاحتياط ولشبهه بالعبادة ويصح بالحقيقة المتحدة والمشترك اللفظي أو المعنوي مع قيام القرينة على الفرد الموارد فتح فيصح فيما أخذ من مادة التزويج أو النكاح على النحو المعهود لكونهما حقيقة في الدائم دون المنقطع أو مشترك بينهما معنى أو لفظا وأظهرهما افرادهما الدائم أو يكون ذكر الأجل قرينة على إرادته ومبني ذلك على أن الدائم والمنقطع فردان متغايران يشترك بينهما لفظ النكاح أو أن المنقطع فرد من النكاح المطلق مقيد بالأجل فما لم يتقيّد به عاد مطلقاً والمطلق هو الدائم بحكم الشهرة ونظيره البيع المطلق والسلم المقيد بالأجل فعلى الأول يحتاج الدائم إلى قرينة ولو بترك الأجل ويحتاج إلى القصد إليه بخلاف الثاني فيكفي فيه عدم ذكر الأجل وعدم القصد إليه ووقوع النكاح بالصيغة المأخوذة من تلك المادتين إجماعي إلا أن وجه الاشتقاق من التزويج ظاهر في زوجتك لاشتمالها على إنشاء التزويج الذي هو العلقة المطلوبة بين الشخصين ووجه في النكاح بعيد لأنه أن أريد العقد كان المعنى عقدت نفسي عليك بهذا العقد وهو تكلّف وأن أريد الوطء كان معناه أوطأتك نفسي وهو بعيد وإن أريد معنى التزويج والسلطنة على البضع كان المعنى المصدري مخالفا للمعنى الاشتقاقي وهو قليل وهل يصح العقد الدائم بما اشتق من لفظ المتعة على النحو المعهودقيل نعم لاشتراك المتعة بين الدائم والمنقطع معنى أو لفظافان ذكر الاجل انصرف إلى المنقطع وإلا فإلى الدائم ولدلالته على المقصود ويكفي في العقد ما دل على ذلك ولانصرافه إلى الدائم مع نسيان الأجل كما سيجيء في المتعة إن شاء الله تعالى ولو لم يكن كافيا لما انصرف إليه سيما وأنه ينصرف مع قصد المتعة ونسيان الأجل لفظا فمع عدم قصدها وعدم قصد الأجل بطريق أولى وقيل لا واستظهر بعضهم نقل الإجماع عليه من السيد (() للأصل والاحتياط ولشبهه بالعبادة ولعدم كفاية المجاز لمنع كون لفظ المتعة مشتركا لفظا أو معنى لتبادر الانقطاع من مادتها دون الدوام ولمنع الاكتفاء بكل ما دل ولمنع الانصراف إلى الدائم مع نسيان الأجل ولو قلنا به فللدليل فالأقوى المنع حتى أن بعض من جوز انعقاد النكاح بكل لفظ منع انعقاده بلفظ المتعة لما يظهر من الأخبار من اختصاص صيغتها بالعقد المنقطع دون الدائم ولا يكفي في العقد ما يصطلح عليه المتعاقدان من الألفاظ ولا يكفي العربي الملحون في بينته للقادر على الموافق للعربية وهل يجب على غير القادر التوكيل الأحوط ذلك كما أن الأحوط للتمتام والفأفأ والألثغ والألتع ذلك ويكفي في القبول مجرّدة عن التعلق ومعروفة به بما يساوي الإيجاب مادة وبما يخالفه فيصح قبلت النكاح في إيجاب زوجتك ولا يصح التخالف في المخالف معنى كما يقول زوجتك فيقول قبلت التمتيع بقصد المتعة ويصح القبول بلفظ رضيت وتزوجت ونكحت.