انوار الفقاهة-ج25-ص11
عاشرها:الغائب والمفقود في بحر أو بر في حضر أو سفر إذا خفيت آثاره وانقطعت أخباره لزم بمقتضى القواعد انتظاره في ماله وفي نسائه وفي اجراء أحكام الميت عليه إلى أن يحصل القطع بموته أو تقوم بينة شرعية به لعدم جواز نقض اليقين إلا بيقين مثله ولكن المشهور الحقوا هنا الظن الغالب المتاخم للقطع مجرى القطع إذا كان ناشئاً من طول المدة كبلوغ الغائب العمر الطبيعي وهو المائة والعشرون سنة بل المائة في هذه الأوقات وكأنه للزوم الحرج لولا ذلك وللسيرة القاضية بذلك ولولا ذلك لأمكن المناقشة في جواز العمل بهذا الظن مع أن الإنسان قد يعيش كنوح وشعيب والخضر مدة طويلة وقد يعيش أقصر من ذلك إلى المائة والثمانين كثيراً ويدل على لزوم الانتظار إلى زمن القطع بموته مضافا إلى القواعد ما ورد من لزوم الانتظار في مجهول المالك والوصية به ما دام ظهور صاحبه ممكنا إذا لم يعلم له وارث والفرق بين معلوم الصاحب ومجهوله بعد ان يكون الإمام ( وارثا بعيد فتأمل.وحكى عن ابن الجنيد لزوم الانتظار بميراث النقود في عسكر قد شهدت لعزيمته فيه وقتل من كان فيه و أكثرهم إلى أربع سنين والاتظار بميراث الغائب الذي لا يعرف مكانه إلى عشر سنين والظاهر إن ما عرف مكانه ولكن لم يجيء منه خبر مع كثرة المترددين إلى ذلك الاقليم فيسأل عنه ولم يقعوا له على خبر مثله وأما من عرف بمكان ولكن لم يسافر احد إليه ولم يجيء من ذلك الطرف احد يخبر عنه فالظاهر إنه مع الأصحاب وكذا المأسور في قيد العد وإذا لم يجيء منه احد لا ما إذا جاء ولكن لم يعلم به وفي الصحيح في امرأة ماتت ولها بن غايب وبنت حاضرة فأرادت البنت بيع قطعة من دار الأم فأجاز الإمام ( بيعها إذا لم يعرف للابن خبر إذا مضى عشر سنين والظاهر إنها من انقطاع خبره لامن غيبة وقل العامل بهذا الصحيح لامكان حمله على رخصة الإمام ( في بيع مال الغائب لولايته عليه مع خوف المفسد أو على البيع فضولا وضمان النت له أو على ان الملك للبنت بظاهر اليد وتأخير الثمن أحتياطاً لأن الغائب على حجته أو على ان ذلك مخصوص بالعقار كما نقل عن المفيد إلا انه جوز قسمة أمواله مع الملاة والضمان حتى نقل عنه القول بالإطلاق من أنه يورث عند انقطاع خبره ويدفع إلى وارثه الملي فإن كانوا كلهم دفع إليهم وإلا دفع سهم الملي دون غيره وليس عليه دليل سواء قيدناه بما بعد العشر أو مطلقا وليس له إلا رواية اسحق بن عمار فمن غاب فنقد انه يقسم ماله بين الملأ من ورثته فإذا جاء ردّوه وليست صريحة في الميراث بل لعله لحفظ المال على انه غير مقيد بمدة إلا أنه غير مقيد بمدة إلا انه للجمع بين الصحيح الأول وبينه يحكم بالتربص عشر سنين وبعدها يدفع للوارث الملي كما هو الظاهر من مذهبه ومع ذلك فدليله غير ظاهر على مدّعاه وقيل ينتظر إلى أربع سنين من حين فقده وانقطاع خبره ونقل عليه الإجماع استناداً إلى ما جاء في التربص في زوجة المفقود إلى أربع سنين فالمال أولى وإلى الإجماعين المنقولين وإلى الموثق إنه يحبس ماله قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين ثم يفسخ ماله والأخر وإن لم يقيد بالطلب ولكنه يعتد به لمكان حمل مطلقه على مقيد الموثق وظاهر هذه الرواية إن قسمة الميراث بعد الطلب لا بمجرد انقطاع الخبر أربع سنين فيمكن حملها على حصول العلم بالموت وعلى كل حال فهذه الأخبار معارضة بالأخبار المتقدمة وحمل المال على الزوجة قياس لتضرر الزوجة بالتأخير والإجماع مقدوح فيه والاحتياط يقضي بالقول المتقدم وعلى كل حال فالظاهر إن مورد البحث فيمن غاب عن النظر سواء كان هو الغائب أو هو الذي غيب عنه وسواء كان في البلد فلم يدر كيف وقع عليه أو كان في معركة أو كان في طريق فضل عن الطريق أو تركوه رفقاؤه في مهمه أو مسبعة أو مكان مخوف أو كان في بحر فانكسرت السفينة واحتمل ركوبه على لوحة خروجه إلى البر أو كان غائباً فانتقل من مكان إلى مكان فانقطعت أخباره أو غاب ولم يدر إلى أن توجه إلى غير ذلك من النظائر كل ذلك لظاهر الفتوى والنصوص حيث إن فيها الغائب وفيها المفقود ولتنقيح المناط بين جميع تلك الأفراد نعم يشترط في جميع ذلك أن يقع عنه سؤال وطلب فلا يكفي مجرد الغيبة مع السكوت وعدم الفحص بل يرجع فيه عند ذلك إلى القاعدة وكذا يشترط أن لا يجيء منه خبر لضلالته ولم يكن ذلك لانقطاع الطريق إليه لخوف أو لدوران العدو على البلد أو لأنه غير معروف لا يخبر عنه أو البلد بعيد عن المترددين بحيث ان الرائح إليها لا يصدر منها إلا بعد الأربع سنين أو العشر وكانت عادته لا يكتب مكتوبا حتى يصدر وكان المكان بعيد أو المقصد طويلا كثير أو كان بحبس لا يدخله احد ولا يخبر عنه احد ولكن يعلم بوصول مؤنته إليه فيه لو كان حياً أو كان مما يعلم أنه كان في بلد واحد ولم يصل احد إلى تلك البلد كل ذلك للاقتصار على مورد اليقين فيما خالف القواعد من العمل بالاربع والعشر بالجملة فالظاهر محل المسألة هو المفقود في غيبة أو غيرها مع السؤال عنه وعدم العثور على خبره وكان بحيث لو كان حيا لبان أمره لمعروفيته ولما خفى في الأمكنة والبلدان ولما نقطعت مراسلته ولم تأخر مجيئه ولما خفى حاله على المترددين فيحصل الظن بموته فيجيء الكلام فيه أنه هل ينتظر إلى مدة يعلم موته أو يكفي الأربع بعد الطلب أو العشر مطلقاً مع احتمال كفاية الأربع في المفقود والعشر في الغائب المنقطعة أخباره ويراد بالمفقود هو من فقد أهله وأصحابه على غير العادة في طريق أو بلد أو معركة أو برية.