انوار الفقاهة-ج25-ص5
(أحدها): قد بينا ان المقتول بحد أو قصاص أو دفاع يرثه قاتله للأخبار وفتاوى الأصحاب وأما المقتول عمدا ظلما فإن كان من بالغ عاقل لا يرث وإن كان لا يقاد كالوالد والولد وإن كان عمداً ولكن ليس ظلماً كعمد المجنون والصبي المميز فالأظهر الأقوى أنه كالخطأ وأما القتل بالسبب السائغ من فاعله كضرب الولي المولى عليه للتأديب أو بط جرحه أو قرحه للإصلاح فيموت فيه فانه يرث من غير الدية ولا يرث من الدية بناء على تعلق الدية به لأنه قتل بخطأ وهو يوجب الدية وكونه مأذوناً فيه لا ينافي ضمان الدية مع احتمال عدم تعلق الدية بالفاعل كما إذا صدر التأديب من الحاكم فمات به فانه لا ضمن على الحاكم ولو من بيت المال إلا إذا أخطأ فيما أدب فيه أو في نفس التاديب كما إذا زاد خطأ وأما الضرب لغيره المأذون به شرعاً ولم يكن من شأنه القتل فيموت به فإنه يضمن الدية ولا يرث منها ويرث من غيرها وراكب الدابة وسائقها وقائدها يرث لو قتل بها خطا من غير الدية على الأظهر وكذا حافر البئر في ملك غيره غير قاصد لقتل من يقع فيها وكذا ما كان مثله فإنه يرث مما عدا الدية ولا يرث مع العمد وقصد القتل وأما المعين على القتل من دون مشاركة كالمعرّف للقاتل والمقوى له والممسك له إلى أن يجيء القاتل فيفكه أو الحابس له في بيت فيفله فإنه يرث في جميع ذلك مطلقا على الأظهر وقد يحتمل منعه من الإرث قضاء للحكمة المانعة لإرث القتل عمداً.
(ثانيها):أو لم يكن وارث سوى الإمام ( فالمشهور نقلا بل تحصيلا أنه ليس للإمام العفو عن القصاص والدية معا لصحيحة أبي ولاد الدالة على ذلك وكان الحكم تعبدي والإمام ( أعرف بتكليفه ولا ثمرة فيه الآن للحاكم الشرعي لأن الحاكم لا سبيل له للعفو عن مال الإمام وإبراء الذمة منه والتصرف فيه كيف كان للشك في عموم وكالته في كل شيء يعود إليه وإلا لصح له أن يبرأ عن حق الصاحب وعن الأنفال نعم له الولاية عنه في الأمور العامة من القضاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقبض أموال المسلمين ولتصرف بها وقبض أموال الفقراء والمساكين واما أمواله الخاصة فموقوف التصرف بها على ما يعلم رضاؤه به وعلى كل حال فالقصاص هنا إليه والدية له لا لكافة المسلمين بل هو من الأنفال وما في الرواية انه حق لجميع المسلمين لا قائل به ممن يعتمد على قوله من أصحابنا كما إن ما فيها من جعل الدية في بيت مال المسلمين يراد به بيت مال الإمام لأنه إمامهم فبيته بيتهم و حينئذٍ فالمانع من العفو هو خصوص الرواية لا لكونه حقا لغيره فلا يعفو عنه بل لو قلنا أنه حق للمسلمين فهو أولى بالمسلمين من أنفسهم فله أن يفعل فيما يعود إليهم عاما كيفما شاء وجوز ابن إدريس العفو على الإمام ( استناداً للقواعد واعراضا عن الرواية وهو ضعيف.
(ثالثها):لا يرث احد الزوجين القصاص للإجماع المنقول وفتوى الأصحاب لان القصاص تشفي الأرحام ويرث من الدية في العمد لو تراضوا عليها للخبر والإجماع المنقول وفتوى الأصحاب وما دل على عدم ميراثهما الدية سكوني ضعيف وأضعف التعليل بأن الدية عوض حق لا يرثانه فلا يرثان العوض كما لا يرثان المعوض ويرث الدية كل مناسب ومسابب عدا المتقرب بالأم لفتوى المشهور والإجماع المنقول وصحيح ابن سنان الدال على حرمان الاخوة من الأم والمساواة أو الأولوية بينهم وبين غيرهم مقطوع بها في فتوى المشهور ولأصالة عدم الإرث والقول بارثها لجميع الورثة كما عن ابن ادريس والشيخ في الخ ضعيف لا يعارض ماقدمنا كضعف القول بمنع المتقرب بالأب فقط أيضا وأضعف منهما القول باختصاص المنع بالنساء والمراد بالمتقرب بالأم المتقرب بها في المرتبة الأولى فلا يدخل في ذلك المتقرب بالأم من طرق الأب.