انوار الفقاهة-ج24-ص62
السابع والثلاثون:الأصل في العقد أن لا يصح من جانب ويفسد من جانب آخر سواء كان بالحكم الواقعي أو الظاهري فلو تبايعا مجتهدان أو مقلدان لمجتهدين مختلفين في بيع المعاطاة صحة وفساداً في صحة بيع الكلب وفساده وفي صحة بيع الدهن النجس وفساده وفي صحة العقد بغير العربي وفساده إلى غير ذلك من بيع العقود أو مما عليه معقود كان العقد باطلاً كلّه للأصل لأن النتيجة تتبع أحسن المقدمتين واحتمال أنه يصح كله من جانب ويفسد كله من جانب ومحال أنه يصح أحد ركنيه من جانب ويفسد الركن الآخر من جانب آخر لإرتباط ركني بعضه ببعض نعم يمكن أن يقال أن العقد كله صحيح بالنظر لمن يرى صحته وكله باطل بالنظر لمن يرى بطلانه ولا يضر اختلاف الحكم الشرعي بالنظر إلى اختلاف المجتهدين فلو كان دافع الثمن يرى صحة العقد لوجب عليه دفعه وكان قبض المبيع حلالاً عنده لأنه ما لم ينظره ولو كان دافع المبيع يرى البطلان كان دفعه له حراماً وقبضه للثمن كذلك ولزوم عليه رده فله المطالبة بمبيعه ولما لم يكن لصاحب الثمن أن يأخذه لأنه برأيه مال غيره كان له أن يمتنع من رد المبيع ويبقى ما لا يدّعيه احد فيرجمع إلى الحاكم الشرعي ولو تداعيا عند من يرى صحة العقد فحكم عليهما بالصحة لزمهما ذلك ظاهراً أو كان تكليفهما واقعاً ما ذكرنا ويحتمل جريان الحكم عليهما ظاهراً أو واقعاً وكذا لو تداعيا عند من يرى فساده فحكم عليهما بالفساد ولزمهما ذلك ولو تداعيا عند من يرى كلاً منهما يمضي على ما يراه لزمهما ذلك إلا أنه قد يؤدبي إلى النزاع والشقاق فلا بد للحاكم من نهي من يرى الفساد أن لا يتعرض من يرى الصحة وإن لزمه طرح ماله عليه لأن الحاكم منصوب لتلك المصالح ولو عقد مخالف مع موافق عقد مزابنة أو عقد على ما لا يصح تملكه عند الموافق كان ما أخذه الموافق سحتاً على الأظهر والزمهم بما ألزموا به أنفسهم خاص فيما إذا وقع العقد بينهم ويحتمل حليته لظاهر الخبر وأما ما أخذه المخالف فالأظهر حليته بالنسبة إلى من يتناوله منه إلزامهم لهم بما ألزموا به أنفسهم وإن لكل قوم عقد وأما بالنسبة إليه فصحّت.
الثامنة والثلاثون:الأصل في العقود مغايرة أركانها الستة من حيث الذات الموجب والقابل والثمن والمثمن والإيجاب والقبول هذا في المعاوضة وفي غيرها الأربعة لإنصراف أدلة العقود نوعاً وجنساً لذلك ولا بأس بالأتحاد بالعارض كوكيل في ركن أصيل في آخر لوكيل أو ولي عن اثنين وكذا لو أَقام الواحد مقام قيول وإيجاب لأن القابل لا يقدر على شيء كزوجتك وأعتقتك وجعلت عتقك صداقك ولا يجوز أن يكون الثمن بعض المثمن أو بالعكس كالمزابنة والمحالقة على بعض تفاسيرهما إلا ما استثني كبيع العرايا في وجه والصلح على الدين ببعضه فيكون بمنزلة البراء وكالصلح على المؤجل ببعضه حالاً فيكون الباقي بمنزلة مقابلة الأجل وكالصلح عن الشيء المعين ببعضه فيكون بمنزلة الهبة ولا يجوز أن يكون الثمن والمثمن من مالك واحد ويمكن صحته في الصلح كصالحتك عن إدراك بستانك فيكون بمنزلة الهبية في وجه وفي جواز الإذن بأن يصالح عن ماله بماله فيملك المصالح في مال الصلح بالمصالحة ثم ينتقل إلى المالك الإذن فيعود له الثمن وهل يملكه كالهبة أو كالقرض إشكال في إشكال ويجري ذلك في البيع كما يقول بع مالي لك علي كما يقول بع مالك لي واعتق عبدك عني وقد يقال أن تقويم الأب جارية ولده للوطئ قائم مقام الموجب والقابل للإ]جاب والقبول من دون ملاحظة التغاير الاعتباري.
التاسعة والثلاثون:الأصل في البيع أن يتعلق مبيعه بالأعيان وفي الإجارة بالمنافع وقد يبطل أحدهما وقد يدخل أحدهما في الآخر تبعاً لأنه يفتقر في الثواني والتوابع ما لا يفتقر في الأوائل والمتبوعات وهي قاعدة استقرائية مأخوذة من تتبع مظان العقود وحينئذ فالمنافع تدخل في بيع الأعيان تبعاً وهل يقسط عليها الثمن بفواتها أو لا يقسط فيكون فواتها كفوات الشرط المسلط على الخيار وجهان والأقوى الأخير وبالجملة فللتوابع حكم غير حكم المتبوع من الجهالة والعلم والقدرة على التسليم وعدمه وأما بالنسبة إلى توزيع الثمن عليهما وعدمه فمختلف لأن منها ما هو كالشرائط الضمنية ومنها ما هو كالإجزاء ومنها ما يكون مقصوداً في العقد ومنها ما لا يقصده العاقد ولكنه من قبيل الأحكام الشرعية اللاحقة.