انوار الفقاهة-ج24-ص57
السادسة والعشرون:قاعدة ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )(المائدة: من الآية2) يترتب عليها أن كل عقد صدق عليه عرفاً أنه معاونة على إثم وإنه كان القصد فيه الضرر كما تقدم في الأولى فاسد لا يترتب عليه أثره بناء على أن النهي الحاصل من اجتماع جهتين تقييديتين في المعاملة يبطلها فعلى ذلك لو قصد بيع السلاح معونة الظالمين على الحرب وكذا كل ما يعان به عرفاً أو قصد بالإجارة الإعانة على فعل الحرام كأجارة البيوت للزواني وللخمر وللقمار أو قصد ببيع السموم ضرر للمسلمين أو إجارة المساكن للجند ضرر المؤمنين ولو كانت المؤنة غير واقعية بل مجرد أن الناقل زعمها فهي حرام لا تقضي بالفساد قطعا ولو كان بالعكس فلا يبعد الفساد دون التحريم ولو كان صدق المعونة بعيد كبيع الطعام أو اللباس لمن يتقوى به على الحرب معاً وبيع الآجر والجص لمن يعمل بيتاً فيؤجره للحرام على إشكال في الأجير إلا إذا صرح بالشرطية أو العلية فلا يبعد الفساد.
السابعة والعشرون:الأصل في العقود الصحة عند وقوعها والشك في أنها صحيحة أو فاسدة لأصالة فعل المسلم إلا إذا توقفت على شرط يشك في حصوله وقت العقد كمن عقد ولو يعلم بلوغه أو عقله بعد جنونه فان أصل الصحة لا يثبت حصول الشرط مع الشك في تحققه إلى زمن الشك وإلا لجاز أن أمر الصبي بعقد بعقد تمامه أقول الأصل صحته ولا يقول به أحد نعم لو طرأ عليه وصف الصبا ووصف البلوغ وقد صدر منه عقد لا يعلم أنه قارن أي الوصفين صح التمسك بأصالة صحة العقد وكذا لو وقع الشك في طرو المانع على العقد وعدمه وكذا لو حصل الشك في اجتماع شرائطه وعدمها بعد وقوعه أما لو وقع الشك في حصول الشرط قبل العقد كالشك في القدرة على التسليم فإنه لا يصح أن يقول نوقع البيع والأصل صحته فيثبت إذن مادون على التسليم نعم لو أوقعوه فثبت بعد ذلك حصول الشرط من البلوغ كان القول بالبطلان قوياً وليس ذلك من الترديد المنافي للجزم بل لا يبعد ذلك في الطلاق مع الشك في حصول الشرائط فإنه لا يبعد صحة الطلاق لو أوقعه فتبين اجتماع الشرائط فيه وأما الشك في صحة أصل العقد بمعنى انا شككنا في عقد بعد شمول لفظ العقد له ودخوله تحت العموم هل هو موقوف على شرط أو رفع مانع أم لا فلا يشك أيضاً أن الأصل صحته والأصل عدم توقفه أو رفع مانع نعم لو وقع الشك في صحة عقد للشك في سببيته ودخوله تحت دليل الصحة فلا شك أن الأصل عدم السببية وعدم النقل والانتقال والأصل عدم الصحة في العقود حتى تثبت صحتها بدليل شرعي وحينئذ فالأصل في كل عقد متعارف جار على قوانين العقود المتعارفة من الألفاظ العربية أو ما قام مقامها الفعلية أو مقامها الماضوية أو ما قام مقامها المرتبة في وجه قوي الغير مفصولة بفاصل مخل المشتملة على القصد والرضا والبلوغ والعقل صحته حتى يقوم شاهد على فاسد وجمع العقود في الآية وإن أفاد العموم لكنه عموم العقود المتعارفة للإجماع على عدم حصول النقل والانتقال بغيرها ولأنها لو شملت الجميع لكان الخارج أكثر من الداخل ولأن الشهرة وإن لم تخصص العام ولكنها توهن دلالته على العموم.