انوار الفقاهة-ج24-ص56
الرابعة والعشرون:عموم (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) من القواعد المسلمة المنجبرة بالفتوى والعمل والأخذ يعم التلف فيدخل فيها (من أتلف مال غيره فهو ضامن) والتأدية تعم المثل والقيمة لو تلفت لأنه نوع تأدية وإيصال ولا منافاة بينها وبين قاعدة الغرور كما أنها قد تقدم على قاعدة الإحسان إذا قويت عليها بفتوى الأصحاب أو باخبار خاصة أو (إذا ضعف الإحسان) وكذا قاعدة (ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده) بناء على اعتبارها واشتهارها فيترتب عليها ضمان المقبوض بالسوم وشبهه وضمان الأمانات مع التعدي والتفريط وضمان العارية المضمونة أو المشروط ضمانها أو المأخوذة للرهن وضمان المقبوض بالعقد الفاسد مع علم المتعاقدين بالفساد أو مع جهلهما أو علم أحدهما وجهل الآخر ودعوى أنه في حالة العلم لا ضمان على الجاهل لأن العالم قد سلط الجاهل على ماله فهو شبيه بالإعراض ضعيف لان العالم قد قصد المعاوضة الصورية وإن لم يرفعه مجاناً ولو تشريعاً وابتداعاً والجاهل هنا لا يجري عليه حكم المغرور لأن الجهل هنا في الحكم لا في الموضوع كي يعذر صاحبه ويجري عليه أحكام المغرور وتمام الكلام يأتي إن شاء الله تعالى في محله.
الخامسة والعشرون:اشتهر من الأخبار حديث (لا ضرر ولا ضرار) وهو مجبور بالفتوى والعمل في الجملة عند الأصحاب ولم يزل يستدلون به في كثير من الأبواب ومعناه الظاهر في العقود أن وصفها الشرعي مبني على كونها حد بقطع الخصومة والنزاع ويرفع التشاجر والفساد بين العباد فلا يبقى على الضرار والضرر ولا على النزاع والغرر فكل عقد ابتني على ذلك فهو فاسد إن لحقه ذلك لذاته وإن لحقه لوصفه من اللزوم كان اللزوم باطلاً وهو معنى انجباره بالخيار ويترتب على ذلك أن العقود المبنية على الضرر كبيع المعدوم والمجهول وإجارتهما وغير المقدور على تسليمه كذلك ويترتب على ذلك ثبوت الخيار للمغبون ولما خرج خلاف الرؤية والوصف ولما اشتمل على العيب أو على التدليس أو على الشركة أو على خلاف الشرط أو على ظهور الكذب في الأخبار في باب المرابحة أو على ظهور الاعسار من الضامن في عقد الضمان ويترتب على ذلك فوات الشرط وإيصال الأختبار فيقوم مقامه الإجبار فيما امتنع الشريك من القسمة أو امتنع من المهاباة في وجه أو امتنع من الصلح الاختياري في مقام الاشتباه فإن الحاكم يصالحه قهراً أو امتنع من الإنفاق فإن الحاكم يبيع ماله لنفقة عياله وكذا لو امتنع من بيع الطعام عند اضطرار الناس إليه احتكاراً منه يطلب فيه الغلاء وكذلك بيع كل ما يضطر إليه عامة الناس وكذا بيع مال الغائب الذي يخشى تلفه وكذلك بيع مال الودعي إذا خشي عليه من الفساد وكذا كل أمانة ودخوله في قاعدة الإحسان لا ينافي دخوله في قاعدة أخرى ولو تقابل الضرران فلا يجبر ضرر واحد بضرر آخر إلا إذا عاد إلى موضوع واحد فهناك ينظر إلى الترجيح فيقدم أزيدهما ضرراً وإذا توقف النظام على الأعمال التي لها أجرة قام الحاكم مقامهما وأجرهم او جبرهم عند أمتناعهم وقد يكون دليلاً على لزوم الجائز كالغادية للدفن وللصلاة الواجبة ومثله عارية الرهن فإنها تلزم بالرهن بل ربما يسري فيه لكل مستعار يبتني على الدوام ويضر قلعه وكذا تزويج الولي الصغيرة بغير مهر ضمن المثل فإنه لا يبعد تسليطها على فسخ المسمى وكذا المزوجة بالمدلس أو المزوج بالمدلسة وكذا الخيار في عيوب النكاح وكذا لو تزوجها على أنها بنت مهيرة فبانت بنت أمة وكذا لو أعتقت تحت عبد أو نقلت.