انوار الفقاهة-ج24-ص48
فحوى وما جاء في البعير لو وجد في غير كلأ وماء وكان مريضاً ومنها لقطة مادون الدرهم في غير الحرم فإنه يصح أخذها وتملكها والتكسب بها وكذا اللقطة مطلقاً بعد التعريف سنة فإنه له كذلك وإن ضمن لصاحبها في المقامين على الأظهر وكذا الضالة لو وجدت في الفلاة من جهد في غير كلأ ومرعى فإنه يجوز تملكها والتكسب بها ولا ضمان على الاقوى وفي وجوب إرجاع عينها لو طلبها المالك بحث والظاهر أن البعير والفرس والحمار سواء وكذا الشاة وصغار تلك الحيوانات لو وجدت في الفلاة فإنه يجوز تملكها والتكسب بها سواء كانت في كلأ ومرعى أم لا وفي ضمانها وجهان ويحتمل إجراء حكم المال الصامت على غير الشاة مطلقاً حتى الدجاجة وكذا كل حيوان لا يمتنع بنفسه من السباع لضعفه أو لصغره و الأحوط إجراء حكم لقطة الصامت عليه ولا يجوز إلتقاط الحيوان مطلقاً في العمران كما سيجيء في اللقطة إن شاء الله تعالى فلو التقطه عرف به سنة إذا بلغ الدرهم وفيما لا يبلغ وجهان إلا الشاة فإنه يحبسها ثلاثة أيام فإن ظهر صاحبها وإلا باعها وتصدق بثمنها وضمن ولا يجوز تملك الشاة ولا غيرها ولو بعد التعريف سنة على الأظهر لحرمة التقاطها مع احتمال إجراء حكم لقطة المال الصامت عليه ومنها الأرض المحياة لشخص لو ملكها بالإحياء ثم ترك عمارتها حتى خربت فإنه يجوز التصرف بها للثاني والتكسب بها وإن لم يرض الأول نعم عليه أن يؤدي للأول قسطها ولو قلنا بملكية الثاني لها خرجت عن موضوع المسألة ومنها مياه الأنهار المملوكة في طريق المسلمين فإنه يجوز التصرف بها بوضوء وغسل بل والإكتساب بما أخذه منه ما لم ينه المالك ومنها الأراضي المتسعة التي يلزم من اجتنابها العسر والحرج فإنه يجوز لغير غاصبها التصرف بها وإن لم يجز التكسب بها ومنها المقاصة لمن عليه دين فامتنع عن وفائه يجوز أخذه وتملكه والتكسب به مقاصة عما عليه وأحكامه كثيرة في باب الدين ومنها الودعي لو علم تعلق الحج برقبة المستودع فمات جاز له أن يأخذ من الوديعة ما استأجر به للحج من المبيعات لنفسه أو غيره مع علمه بمنع الوارث واستئذان الحاكم أحوط ومنها أنه يجوز أن يؤخذ ممن امتنع من دفع زكاة أو خمس أو نذر أو كفارة بإذن الحاكم مهما أمكن ويجوز أن يتملكه إذا كان من أهله ويكتسب به ومنها يجوز للمحسن أن يأخذ ويتصرف في مال المحسن إليه لعموم ما على المحسنين من سبيل وذلك في مواضع وسيجيء جملة منها.
المطلب الثاني: في قواعد تشترك فيها أكثر العقود
القاعدة الأولى:أن العقود تتبع القصود لأن المقصد هو المقدمة للعقد وهو المتبادر منه لغةً وشرعاً فينصرف إليه لفظ العقد ولفظ أنواعه من البيع وإجارة وغيرها ويدخل تحت قوله (لا عمل إلا بنية) وهو الذي يبتني عليه التراضي الذي هو شرط في التجارة فلو خلا عن قصد اللفظ كالغالط أو قصد المعنى كالهازل والعابث والنائم والسكران والمغلوب على اختياره كالغضبان بطل العقد ولا بد من استمرار القصد من ابتداء الإيجاب إلى تمام القبول للموجب ومن ابتداء الإيجاب إلى تمام القبول للقابل فلو لم يسمع القابل الإيجاب أولم يعقله لسكر أو إغماء لم ينفعه القبول بعد ذلك ولو سمع الإيجاب غير عازم على القبول أو ردد الإيجاب ففي صحة القبول اشكال وهذا الأخير في العقود اللأزمة وأما الجائزة فقد يتسامح فيها ما لا يتسامح في غيرها.
الثانية:التراضي يشترط في العقود لإنصراف العقد إليه لغة وعرفاً ولأنه لا يحل مال أمريء مسلم إلا بطيب ولقوله إلا أن تكون تجارة عن تراض ولا يشترط هنا استمرار الرضا من ابتداء الإيجاب إلى تمام القبول وكذا للقابل بل لو أوقع الإيجاب مكرهاً فرضي عند القبول أو بعده أو أوقع القابل القبول راضياً بعد الإكراه حين الإيجاب صح العقد لأن الرضا الواقع بعد الصيغة كالمقارن استناداً إلى دخول العقد بعد حصول الرضا تحت أدلة العقود وأنواعها وليس من الأفراد التي يشك في شمولها له لفهم الفقهاء دخوله فيها وهم أعرف بمداليل الألفاظ الشرعية ولعدم ندرته كي ينصرف الإطلاق إلى غيره وللإجماع المنقول على صحته والشهرة المحصلة على نفوذه فما ذهب إليه بعض من عدم تأثير الرضا المتأخر للأصل وللشك في شمول دليل العقود له والإجماع المنقول ضعيف لا يقاوم ما قدمناه ويلزم على ما اخترناه في حق المختار ولا يجوز له الفسخ حتى يرضى المكره أو يرد بعد زوال جبره ولو طال الزمان احتمل لزوم الوقف لأن الضرر أدخله المختار على نفسه واحتمل جواز الفسخ واحتمل الرجوع إلى الحاكم ولو طال زمن الجبر لزم الوقف فإن تعقبه الرضا جاز .