پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج24-ص41

السادس والسبعون: يحرم على السلطان وعماله وكل متغلب على مال الخراج والتصرف فيه وقبضه ودفعه وكذا كل ما يأخذه باسم الزكاة والخمس وميراث من لا وراث له والجزية على الرؤوس ومجهول المالك وكل ما يقبضه بالولاية الشرعية زاعماً أن الولاية وأمور المسلمين راجعة إليه ولو تصرف فيه فباعه على مؤمن أو وهبه إياه أو أحاله به ولم يكن من عماله وأتباعه حرم التصرف من قبله وكان باطلاً نقله وانتقاله وحل بالنسبة إلى المشتري وصح نقله وانتقاله وليس معنى ذلك أن الإيجاب محرم باطل والقبول حلال صحيح لأن العقد لا يتبعض بل معناه أن العقد كله صحيح بالنسبة إلى المشتري فيملك المبيع الذي هو مال الخراج وينتقل عنه الثمن ويجب عليه دفعه للبائع وكله فاسد بالنسبة إلى البائع الجائر فلا ينتقل المبيع عنه لأنه ليس له ولا بيع إلا في ملك أو ولاية ولا ينتقل إليه الثمن فالعقد يكون من قبيل الأسباب الشرعية المملكة للمشتري والناقلة عنه الثمن للمسلمين المالكين للمبيع فيكون قبض الثمن للبائع الجائر حراما كالمثمن أو يقال ان البائع الجائر هنا فضولي عن المسلمين في البيع وقبض الثمن والإجارة حاصلة من جانب الشرع بنقله إلى المشتري كما أن دفع الثمن الذي هو للمسلمين جائز دفعه للبائع الجائر ومبرئ لذمة المشتري بإذن الشرع بذلك وأمره بل يقوى القول بحرمة سرقة مال الخراج وخيانته والامتناع عن تسليمه أو تسليم ثمنه بعد شرائه إماله خاصة أو مخير بينه وبين حاكم العدل وإن حرم على الجائر قبضها والتصرف فيها لأنه غاصب لمنصب أهل الحق وآثم والدفع إليه إعانة على إثمه ولكن جملة من النصوص والإجماع المنقول بل والشهرة المحصلة دالة على لزوم ذلك وكأنه لحكمة رفع الفساد عن العباد وحفظ الطرق ودفع الناس بعضهم عن بعض وحفظ بيضة الإسلام لأنه مع غيبة الإمام لو لم يقم الجائر بهذا النظام ويستمد من مال الخراج وشبهه لجنده وعساكره لأ قتتل الأنام وعلا الأشرار على الأخيار واللئام على الكرام ولما بقي حرم ولا حرمة ولا احترام للعزيز العلام ولكان كل فرد غاصب لمنصب الإمام (() فأقل القبيحين هو الترتيب الباطل فصرفهم أموال المسلمين صرفاًَ في مصالح المسلمين صدقاً وإن لم يكن على يد أمير المؤمنين ( حقاً الذي أمرنا بإتباعه تعبداً ورقاً والمراد بالجائر هنا والسلطان المتغلب بجنوده وأتباعه ذا طبل وجمعة وعيد ولا به تحت يد سلطان آخر أم لا وولاية حكمهم حكمه مؤمناً أو مخالفاً مستحلاً له أم لا كان من مذهبه أخذ الخراج أو لا لعموم جملة من الروايات وبعض منقول الإجماعات ولو استولى الكفار على بلاد المسلمين فعاملوهم معاملة سلطان المسلمين لم يجر الحكم عليهم كذلك لعدم سلطان الكافر على المسلم ونفي السبيل عنه مع احتمال إمضاء تصرفاته وهباته سوى أنه لا يجب دفع الخراج له إلا خوفاً ويكون المرجع الحاكم الشرعي أو عدول المسلمين ولا يتفاوت فيما يأخذه السلطان الجائر وأتباعه بين كونه من حاصل الأرض باسم المقاسمة من غلات أو غيرها أو باسم الخراج من نقود أو عروض عن حق الأرض بتوزيع النقود عليها أو على زرعها أو أشجارها في أرض خراجية أو أرض صولح أهلها عليها جرياً على العادة في الأخذ وإن كثر مرة وانقطع أخرى بحسب المعاملة والمراعاة ما لم يفرط بالتعدي فإن أفرط احتمل جريان حكم المعتاد عليه مطلقاً واحتمل لزوم تجنبه مطلقاً واحتمل جريان حكم المعتاد عليه إلى أن يبقى قدر الزيادة معيناً أو مشاعاً فيبقى من المشاع ما علمت زيادته ولو شك في التعدي وعدمه فالأصل عدمه أو يأخذ باسم الزكاة من الأنعام مما يتعلق به الزكاة في مذهبهم إن كان منهم وإن لم يوافق مذهب الحق دون العكس في وجه أو يأخذه من الذميين جزية على رؤوسهم أو من غيرهم من محترمي المال باسم الشرط أو ما يأخذ من الأرض العائدة إلى الإمام من الأنفال في وجه قوي والأقوى خلافه ولانصراف أدلة الخراج وحليته ودفعه وقبضه إلى الأرض التي يضرب عليها الخراج عادة من ولاة المسلمين كالمفتوحة عنوة والمصالح عليها وأما الأنفال كالموات فهي لمن أحياها حتى لا يجب الرجوع فيها إلى سلطان الحق فضلاً عن سلطان الجور وحينئذ فالاستدلال باطلاقات الأخبار وعموماتها الشاملة لكل ما يأخذه الجائر من أي أرض بعنوان الخراج ضعيف وخلاصة القول أن هنا أموراً منها أن الأرض الخراجية من المفتوحة عنوة وغيرها يجب رفع خراجها في حال غيبة الإمام ولا يجوز الامتناع من دفعه ولو كان المخاطب به مصرفاً من مصارفه كما إذا كان مؤمناً عالماً محتاجاً وما ورد من أخبار التحليل خاصة بالمناكح والمساكن والمتاجر مما يؤخذ ممن لا يخمس إذ لا قائل بعمومها أو بأرض الأنفال العائدة للإمام ( في حال الغيبة أو متروك أو منزل على حلية مال الخراج كقوله ( : (من أحللنا له شيئاً أصابه من أعمال الضالمين فهو له حلال وما حرمنا من ذلك فهو حرام والناس يعيشون في فضل مظلمتنا إلا أنا أحللنا شيعتنا ذلك) أو منزل على الولاية والتصرف وإن أمر الأرض راجع إليهم (() كقوله في آخر حيث (سأله عما لكم من الأرض فتبسم وذكر أن جبريل (عليه السلام ) خرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض وعد جيحون وسيحون وصيحان والخشوع ونيل مصر ودجلة والفرات فما سقت أو استقت فهو لنا وما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدونا فيه شيء) أو على ما يؤخذ من دار الحرب وما يكون من الأنفال وما يعامل به المخالف كقوله ((): هلك الناس ما في بطونهم وفروجهم لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا إلا أن شيعتنا واماءهم من ذلك في حل) وقوله ((): فيمن سأله مسألة عن خادم اشتراه و امرأة يتزوجها أو ميراث يصيبه أو تجارة أو شيء أعطيه فقال: (هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والحي والميت وما توالد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال) والأخبار كثيرة بذلك حتى أن بعضهم أسقط من جهتها نصيب الخمس مطلقا ومنهم اسقط نصيب الإمام فقط ولكنا لا نقول بهما وكما يجوز الامتناع عن دفعه لا يجوز أن يتولى مصارفه بنفسه إلا على سبيل الفضولي للأمر بدفعه لغيره ومنها أنه يجزي دفعه للجائر ويبرئ ذمته منه أَمّا مع التقية الفعلية فلا كلام وبدونها كذلك على الأقوى للأخبار وكلام الأصحاب حتى كاد أن يكون إجماعاً ولا يتفاوت بين كونه مؤمناً أو مخالفاً من أي فرق الإسلام ماعدا الكافر لاطلاق الأخبار ومنقول الإجماع ولأن الغالب إيمان ولاة السلاطين كسلاطين العجم و كذلك أتباعهم والمتولدين منهم وقيل باختصاص ذلك بالمخالفين نظراً إلى حلية الخراج لهم في معتقدهم بخلاف المؤمن فإنه يعتقد أنه ظالم غاصب يتعامل الأول على معتقده ويلزم بما ألزم به نفسه ونظر إلى الاقتصار من لزوم رفع الخراج على المقطوع به يومئذ وهو المخالف ونظراً إلى أن حليته أخذه من غير من يعتقد حلية قبضه ودفعه موقوف على المقطوع به وهو المخالف ونظراً إلى أن السؤال في الأخبار عنهم إما تصريحاً أو بقرائن الأزمنة والأحوال فيبتني عموم الجواب عليه والكل ضعيف بعد البناء على أن لزوم دفع الخراج للجائر إنما كان لإيصاله إلى أهله بحسب الإمكان لأنهم أقرب مجازاً للحقيقة بعد الغيبة وعدم بسط يد الحاكم الشرعي لتكفلهم بحفظ الطرق وسد الثغور ومنع السراق والعصاة وإن كانوا منهم وإن جوازه أخذه للمؤمنين منهم أيضاً إنما كان توصلاً إلى حقهم مهما أمكن ولاستقامة النظام بذلك للزوم الحرج على المؤمنين لو تجنبوا عن ذلك ولا مدخل هنا للاعتقاد وعدمه إذ ليس هذا من أموالهم كالميراث بالعصبة ونحوه حيث يؤخذ منهم إلزاماً لهم بما ألزموا به أنفسهم وأما خصوص السؤال فلا يحكم على عموم الجواب على أن دعوى القرائن ممنوعة غاية المنع ومنها أنه لو فقد الجائر أجزأ دفعه لسلطان الحق لأنه أهله ولو لم يكن حاضراً دفع إلى النائب العام فلو لم يكن دفع والى عدول المسلمين بل يقوى القول بجواز الدفع إلى الحاكم الشرعي مع وجود الجائر إذا لم يتَّقَ منه لما دل على عموم ولايته من غير معارض سوى ما دل على لزوم دفعه للجائر وهو منزل على عدم التمكن يومئذ من إيصاله إلى السلطان الشرعي للتقيه فلو تمكن حينئذ كان مخيراً في دفعه بين هذا وبين هذا ولا منافاة بين جواز دفعه للجائر فلو تمكن حينئذ كان مخيراً وإن تمكن من رفعه لسلطان الحق عند بسط يده نعم لو بسطت يد سلطان الحق بالجنود والعساكر وتصدى لمصالح المسلمين لزم دفعه إليه بلا كلام ومنها إن الجائر هو المتسلط على الأرض تسلط السلطنة العرفية لا كسلطنة الخوارج التي كالفيء الزائل ولا كسلطنة المتشخصين بينهم بحيث لم يبق سوى رسم واسم بلا حقيقة ولا سلطان آخر في مملكة أخرى بحيث يدفع خراج خراسان إلى سلطان الروم وإن لم يثق من سلطان الفرس اقتصاراً على المتطوع به ومنها أنه لو لم يدفع الخراج صاحبه يبقى ديناً عليه يؤديه فإن مات ففي إجراء حكم الديون عليه بحيث يخرج من تركته إشكال والسيرة على عدم معاملته معاملة الدين ومنها أنه يجوز للجائر اسقاط الخراج عن صاحبه وتخفيفه لما يظهر من الأخبار أن أمره يعود إليه فكما يجوز إعطاؤه يجوز إسقاطه ومنها أنه يحل لنا في زمن الغيبة أن نأخذه من يد الجائر هبة وشراء وأجرة وتحويلاً على مشغول الذمة من غير تفاوت بين فقيرنا وغنينا وبين من كان من مصارفه وبين من لم يكن حتى الزكاة على ما سيجيء إن شاء الله تعالى كل ذلك لإطلاق الأخبار المتكاثرة بل المتواترة والاجماعات المنقولة والسيرة القطعية فما في بعض الأخبار من الإشعار بأَن الأخذ إنما يأخذ نصيبه من بيت المال فما لم يكن له نصيب ولا حق له فيه لم يشمله دليل الإذن القاطع لدليل المنع لعدم مقاومته لتلك الأدلة محمول على أن بيت المال للمؤمنين ولهم النصيب فيه وقد منعوهم عنه والأحوط اقتصار الأخذ على ما جاز أخذه له لو كان بيد سلطان الحق اقتصاراً في الجواز على المقطوع به ومنها أن زكاة الانعام والطعام يجب دفعها مع مطالبة الجائر والتقية منه وبعد دفعها يحل أخذها منه ولا يجب دفعها لأربابها ويصح شراؤها واتهابها إلا أن الفرق بينهما بأمور :

أحدها: أنه لو لم يثق ويخشَ الضرر ولم يجب الدفع للجائر بل ولا يندب من حيث أنها زكاة بل يدفعها أو إلى سلطان الحق.

ثانيها:أن في اجزائها عن زكاته وجهي الاجزاء لأن امتثال الأمر يقضي به وللزوم الضرر على المالك بدفعها مرتين فهي كالخراج لا يؤدى إلا مرة واحدة ولأن اخذ الجائر لها بمنزلة عزل المالك لها ثم تغصب بعد ذلك فان ذلك مجري ولأن الجائر بمنزلة الغاصب لحصة الشريك فيكون ما قبضه متعيناً للزكاة وللأخبار الدالة على أن ما اخذه منكم (بنو أمية) فاحتسبوا به فان المال لا يبقى على أن يزكيه مرتين وعلى أن صدقة المال يأخذه السلطان فقال لا آمرك أن تعيدوا أن المال لا يزكى في عام مرتين وعدمه لاستصحاب شغل الذمة ولاحتمال حمل الأخبار على حالة عزلها واخذها بعد ذلك على التقية أو على إجازة الإمام (عليه السلام ) أو على وصولها لاهلها ومستحقها مع علم المالك وبنية القربة وللخبر الصحيح أن هؤلاء المصدقين ياتون فيأخذون منا الصدقة فنعطيهم إياها أَمجزئْ قال لا إنما هؤلاء قوم غصبوكم وظلموكم وانما الصدقة لأهلها ولا يبعد قوة الاخير .