پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج24-ص34

الخامــس والستـون: يحرم التكسب بالقضاء بالحق فضلاً عن الباطل وكذا الإفتاء وكذا قطع الخصومة بالصلح بين الخصمين أو بإحضار الشهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد شهادتهما أو بالصلح بين المنكر والمدعي إذا لم يكن هناك قاض فوجب على عدول المسلمين قطع الخصومة ولا تفاوت في تحريم العوض بين دفعه من المتخاصمين جعلاً أو شرطاً أو إجارة أو من بيت مال المسلمين أو من سهم في سبيل الله أو من متبرع كل ذلك لوجوب ما ذكر عيناً مع الانحصار أو كفاية مع عدمه مع الحاجة وعدمها وليس من الواجبات المشروطة ببذل العرض كما هو ظاهر الأخبار والكتاب الآمرين بالحكم بين الناس والقضاء فيهم الظاهرين في الوجوب المطلق ولقوله تعالى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (الشورى آية 23) ويجب التأسي بالنبي (() ولو لعلو المنصب والإجماع المنقول على المنع من بذل الجعل من المتخاصمين أو الأجرة أو الأعم من المتخاصمين والأخبار الناهية عن ذلك المريدة بفتوى الفحول والاعتبار وأنه من الواجبات المشكوك في شمول أدلة العقود والتكسب لمثلها يبقى على أصل المنع وعدم السببية في النقل والانتقال وما دل على تحريم الرشوة كما سيجيء إن شاء الله يوزن بذلك وللصحيح الدال على أن أخذ الرزق من السلطان سحت فالأجرة بطريق أولى وأن المعنى الحقيقي إذا صرف كان أقرب مجازاته الآخرة هذا إن جوزنا الرزق مع الاحتياج أو مع الكفالة وتعينه للقضاء والتكسب بمقدمات القضاء كالتكسب به كسماع الشهادة والإقرار واليمين والتزكية والحرج نعم ليس منه الأخذ على كتابة الحكم والرشم بل والإشهاد على حكمه والخروج إلى منزل غير منزله وبذل القرطاس والمداد والقلم وغير ذلك إلا أن هناك ما تنفر النفوس من استعمالها وما لا تنفر كطلب القرطاس والكاتب ونحوهما من العمال والخدام المباشرين لإتقان الحكم ولو سقط وجوب الحكم كما لو حكم القاضي فطلب تنفيذ الأجرة فلا يبعد جواز الأجرة على تنفيذه ومثله لو حكم فأريد التأكيد منه والتكرير مرة أخرى ويجوز للقاضي والمفتي والمعلم والواعظ والآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أخذ الرزق من بيت المال لا على جهة المعاوضة مع التغير وعدمه مع الحاجة وعدمها وكذا من سهم سبيل الله أو من متبرع ويجوز قبول الهدية والوليمة بل قد يجب الارتزاق عليه لحاجته وتوقف القضاء عليه وما دل من الأخبار على منع الارتزاق كما نطق به بعض الأصحاب محمول على أخذه بنية المعاوضة والأجرة وكثيراً ما يطلق على ذلك كما أن من أجاز الأجرة من بيت المال أراد الارتزاق ولو عدل الحاكم من القضاء إلى الصلح ففي جواز أخذ الأجرة من عدم وجوبه ومن أنه أحد الفردين المخير فيها بين القضاء وبين الصلح وجهان وفي الحكم والقضاء في الأمور العامة كالهلال والكسوف والخسوف كالحكم في الأمور الخاصة في جهة المنع.

السـادس والستـون: مما يحرم التكسب به لحرمته في نفسه التشبيه بالمرأة المعلومة عند القابل والسامع أو عند السامع فقط في وجه قوي ويكفي في المعلومية الإسم والكنية المختصة بها أو الإشارة في شعر أو في نثر سجع على الأظهر ولما كان التحريم مخالفاً للأصل لزم الاقتصار على المؤمنة فلا بأس بباقي الفرق من المسلمين والكفار من أهل الذمة وغيرهم المعتصمين وغيرهم ودعوى قبحه بالذات فيعم جميع الآثار ممنوعة وإن كان الأحوط التجنب لما فيه من منافيات المروءة وإغراء الفسقة وإدخال الفضيحة في بعض الأحوال ولزوم الاقتصار على المبالغة ولزم الاقتصار على الأنثى دون الخنثى والرجل بل والأولاد المرد وإن كان التشبيه بهم ينافي المروءة ويبعد عن الله ويلهي عن الطاعات سيما لو جاء معه تعشق وتشوق حقيقي وربما دخل في الفحش والسوء الذي لا يرضى الله بالجهر به وأما التشبيه بالمبهم ويسمى اليوم غزلاً فلا بأس به سواء وقع على مذكر أو مؤنث وأن كان التعمق به مكروهاً بل ربما ينافي المروءة لأهل الصلاح والعفة وما لم يتعمق به فلا بأس به بل هو في الشعر من الكمالات والآداب والمراد بالسببية التعريض بحب المشبب به وعشقه وأنه أهل للعشق والحب سواء جاء معه ذكر الصفات المهيجة للعشق الباعثة عليه أم لا ولو تجوز ذكر الصفات عن بيان العشق والحب جاز إلا أن يشتمل على فحش أو هتك حرمة كما يقع في شعر العرب كثيراً ولو تشبب فالأظهر عدم لزوم محوه وكتابته حرام كإنشائه وأما إنشاده فلا حرمة فيه إلا إذا نواه لمن تشبب فيها أو استلزم فضيحة للمشبب فيها أو فحشاً ولو تشبب بامرأة بذكر أخلاقها الجميلة وسجاياها وجعل عليه المحبة والشوق ذلك احتمل الجواز كاحتمال جوازه بالمعلنات بالفجور وذوات الأعلام.

السابــع والستـون: يحرم التكسب (بالتطفيف) وهو كبيرة: (ويل للمطففين) وهو تنقيص الكيل والوزن في باب المعاوضة أو تنقيص كل مقدر مع جهل القابض بنقصانه نقصاناً يخل في باب المعاوضة هذا كله إذا أعطى أما لو أخذ ورضى فلا بأس وخيار يثبت للمدفوع إليه وهو خيار تبعيض الصفقة .