انوار الفقاهة-ج24-ص32
الثاني والستون: مما يحرم التكسب به المندوب على المستأجر عيناً لا يقبل المباشرة والمندوب على الأجير عيناً الذي لا يعود للمستأجر نفعاً ليعتد به إليه أما ما عاد نفعه للمستأجر فإنه يصح الاستئجار عليه وأخذ الجعالة فيه وبذل المال لأجله إن كان الأجير مخاطباً بالمندوب والعمل من أعماله والفعل يقع امتثالا لما خوطب به إلا أنه لما كان نفعه مما يعود للمستأجر ولا لزوم على الواجب شرعاً ولا استحقاق للشرع عليه بالتأدية مما جاز أن يلزمه المستأجر بالعمل بطريق الإجارة وبذل المال فيؤديه فيصل نفعه للمستأجر وإن كان الخطاب والنفع عائداً للأجير أصالة فعلى ما ذكرنا يجوز الاستئجار وعلى المندوب الكفائي إذا عاد نفع للمستأجر فيه وإن تضمنه الواجب كالزائد الذي في تغسيل الأموات ودفنهم وتكفينهم والصلاة عليهم ولا يجوز استئجار المأمومين الأمام على الإمامة في الصلاة الجماعة غير الجمعة وكذا العكس لأن نفع الإمامية لا يصل إلى المأمومين ولا نفع المأمومية يصل إلى الإمام وإن انتفع المأموم بإمامة الإمام لأن يقتدي به والإمام بمأمومية الإمام لأن يقتدي به ولا يجوز التكسب على الأذان وإن عاد نفع للمستأجر فيه لمكان النص من الأخبار المؤيدة لفتوى المشهور نقلاً بل تحصيلاً قيل وفيها الصحيح والإجماع المنقول على لسان الفحول وإنكار دلالة الأخبار لا وجه له كما أن اشتمالها على ما لا نقول به من تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن لا يقدح فيه وظاهر الأدلة تعميم الحكم للأذان الإعلامي مع قصد الأذانية والصلاة سواء كان في صلاة جماعة أو غيرها وسواء عاد نفع للمستأجر فيه من الاجتزاء به عند سماعه أو كان مما يقبل النيابة تبرعاً أم لا وسواء نواه لنفسه أو نواه عن غبره نعم يخرج من الحكم ما دخل في الاستئجار على الصلاة تبعاً من الأذان الصلاتي في إجارة الصلاة عن الأموات ويخرج منه الأذان في أذن من لم يأكل اللحم أربعين يوماً والأذان للصبي والمسافر وقول الصلاة ثلاثاً بدل في محله ولا يفسد الأذان مع أخذ الأجرة المحرمة إذا خلصت القربة من المستأجر كباقي العبادات التي يحرم أخذ الأجر عليها ومن حكم بالفساد أراد به مع عدم نية الخلوص وأما العمل في مقابلة الأجرة وأما الأجرة على الأقامة فمع صحة النيابة فيها بحيث يعود نفعها للمستأجر فالأقرب الصحة لعموم الأدلة من غير معارض والأولوية في التحريم ممنوعة ولا يتفاوت في الأجرة بين كونها من مال المستأجر أو من بيت المال أو من سهم في سبيل الله أو من الأوقاف العامة للخيرات والمبرات نعم لا بأس بالارتزاق من بيت المال أو من غيره معونة على الطاعة لا على جهة المعاوضة ولا يتفاوت مع القصد إلى أنه معونة الدين والتشييد لأحكام سيد المرسلين بين توقف الأذان عليه وعدمه.
الثالـث والستـون: يحرم التكسب في الإمامة والمأمومية الواجبتين في الجمعة والعيدين للإجماع بقسميه على الظاهر وللشك في شمول أدلة العقود لمثله وكذا الإمامة والمأمومية المندوبين بظاهر الإجماع ولا طلاق النص الشامل للواجب والمندوب وللشك في شمول الأدلة سواء وقع التكسب في صلاة الجماعة أو في تقدمه للإمامة أو تأخره للمأمومية ويؤيد ذلك ما يظهر من الأخبار من أن الإمامة رتبة الأمام اللازم عليه اجتناب جميع المنفيات ليزيد الاعتماد عليه والركون إليه ولأن الجماعة من العبادات المطلوبة لنفس العامل كما تقدم ويحرم الاكتساب في تحمل الشهادات وأدائها لوجوب الأول كفاية أو عيناً مع الانحصار وإذا دعي إليها مع الحاجة إليها من الطالب في مقام الدعوى أو خوف الوقوع في الضرر دنيوي أو أخروي بل من ترك حرفاً من الشرع أحوجه الله إليه بل لا يبعد وجوب التحمل مع الاستدعاء مطلقاً لقوله تعالى: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) (البقرة آية 282) المفسرة في الصحيح بالتحمل ولو تحمل الواحد نفى ارتفاع الكفاية لانضمام المبين إليه في الأموال فيصح أخذ الأجرة للباقين وجه ولو تحمل اثنان في غير الأموال أو أربعة في مقام الأربعة كفى في ارتفاع الوجوب ويحتمل الوجوب مع الاستدعاء مطلقاً لخوف الفوت والموت وأما أولها فهو واجب كفائي قطعاً أو عيناً مع الانحصار لقوله تعالى: (وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (البقرة آية 283) ولو قام بالأداء من مثبت الحق به ولكن أداء المدعي زيادة التأكيد بقيام واحد لكفاية المدعى به مع يمينه وجه في الأموال ويجب الانتقال مع طالب الشهادة ما لم يتوقف على بذل مال يضر بالحال ولو بذله الطالب لزم الإنتقال معه مالم يمنعه من خوف أو تقية ولو أمكن شاهد النوع فلا يبعد عدم وجوب الشاهد الأصل.