پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج24-ص27

الخامس والخمسون: يحرم التكسب (بعلم النجوم) وبذل المال لأجله تعلماً وتعليماً وعملاً وعلماً غير مستند إلى تعليم وتعلم مع اعتقاد تأثيرها لأن العلم والتعلم والتعليم على ذلك الاعتقاد مما لا يرضى به رب العباد سواء في ذلك علم تركيبها وهيأتها أو علم تأثيرها وأحكامها أو العمل بأحكامها بسبب صدور الأفعال المقارنة للطوالع والمقارنات والمقابلات ولو قارن عملها تعلماً أو تعليماً أو علمها اعتقاداً قدمها لذاتها كان كفراً إنكارياً أو اشتراكاً أو اعتقاداً قدمها لقدم علتها أو حدوثها متصفة بالعلوم والإدراكات والاختبار في خلق الكائنات كان من كفر إنكار الضروريات ولو قارن اعتقاد تأثيرها بالاستقلال وإن كانت مخلوقة لرب العزة والجلال كتأثير الإحراق للنار والضوء للشمس في رابعة النهار أو اعتقاد أنها جزء سبب التأثير وإن كان بأمر البصير القدير أو اعتقاد أنها علامات قطعية وآثارها يقينية لا ظنية ولا حدسية من غير ما كانت الآثار منها بديهية كان فسقاً لمكان النهي عنه وتفصيل الحال أن علم الهيأة المبتنى على معرفة تراكيب الفلك وتسيير النجوم ومعرفة البروج والمنازل والطوالع ومقادير السير ومعرفة الثوابت وصور النجوم وتشريح العالم العلوي ومعرفة الأرض وأقاليمها وكذا العلم بالجواهر والأعراض في كتب الكلام من مادة العناصر وكيفية تراكيبها وتراكيب المواليد الثلاث وما يحدث في العالم من الأمطار والزلازل علمان معروفإن مستعملان بين علماء الإسلام يعلمونهما ويتعلمونهما من قديم الأزمان من غير نكير وفيها ما هو قطعي مرجعه إلى الحس وفيهما ما يرجع إلى الحدس وفيهما ما يرجع إلى الشرع ببيان الأنبياء والأوصياء وفيهما مالا نعلمه ولا نصل إليه ولا يصل إلينا كما يقولون: (الشمس مسكنها في السماء فعز الفؤاد عزاء جميلاً فلن تستطيع إليها الصعود ولن تستطيع إليك النزول) وفيهما ما ورد من الشريعة خلافه كما يقول الحكماء وأهل الهيأة في حقيقة السموات والأرض وفي الشريعة خلافه ويقولون في حقيقة الغيوم والأمطار والرعد والبرق وفي الشرع خلافه ويقولون في الخسوف والكسوف وفي الشرع خلافه ويجوز علمه وتعلمه وتعليمه وأخذ الأجرة على تعليمه غير أن ما كان حدسياً لا يجوز القطع به والأخبار على البت وما خالف الشريعة المعلومة يترك ويعرض عنه وما لم يعلم حاله يؤخذ به على سبيل الاطلاع أو التقليد دون الاعتقاد والتصديق وما أمكن فيه التوفيق بين الأخبار وما في كتبهم والجمع بينهما من دون خروج عن الظاهر فلا بأس به وأما علم النجوم فما تعلق منه بمعرفة الأهلة والطوالع والسوانح والسير والمقابلة والمقارنة والسعود والنحوس والخسوف والكسوف وخروج نجم وغروب آخر والصعود والنزول ودخول القمر أو الشمس في البروج والخروج عنها ودرجات الشمس والقمر والسيارة حكمه حكم علم الهيأة جملة منها منه وجملة منه منها فيؤخذ بالمقطوع به والحدس فيه يعود إلى الحدس وما لم يعلم حاله يؤخذ به على سبيل الإطلاع أو التقليد لا الإذعان والتصديق وما عارضه ما ورد من الشرع رد إليه أو العكس وما تعلق بالأحكام المترتبة على تلك الموضوعات من الأعمال كالأسفار وابتداء الأمور والنكاح وقضاء الحوائج وملاقاة الملوك والنقل والتحويل أو من الحوادث كالأمطار وزيادة الأنهار والرخاء والغلاء والفتن والأمراض والأعراض فهذه وإن وافقت الشريعة كما جاء في القمر في العقرب وفي بعض الطوالع السعيدة والنحسة أو ما وافقت التجربة عمل عليها وما لم توافق الشرع ولم يعلم حالها فإن أخذ بها على سبيل التقليد والاحتياط لا الإذعان والتصديق فإن يك صاحبها كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم كان حسناً وعلى ذلك جرت سيرة العلماء وطريقتهم وتقرير الأئمة (() في زمانهم وفعل أصحابهم وكثير ممن كان من العلماء في زمانهم ومن أتباعهم والمشاهير من خواصهم وكثير ممن بعدهم يتعاطون علم النجوم ويسكنون إليه ويعملون بكثير من أحكامه ويشيرون بكثير من أثاره ولكن لا يفتون به تصديقاً ولا يركنون به تحقيقاً وورد في كثير من الأخبار جواز تعلم هذا العلم وبيان أنه من علوم الأنبياء وأنه يجوز الأخذ به والأعتماد عليه من الأحكام وأن الأئمة (() كانوا عالمين به وبأحكامه وبمواقعه بل ربما يرجع إليه كثير من الأخبار الواردة في الأيام النحسة والسعيدة والكوامل وأيام السنة وعلى ما ذكرنا لا ينبغي التأمل في جواز تعلمه وتعليمه وأخذ المال عوض ذلك ولأجله كما هي سيرة كثير من عدول الأمامية وتقريرهم عليها من العلماء الأعلام على مرور السنة والأيام وكذا يجوز العمل به وأخذ الأجرة عليه بأن ينظر على النحو المتقدم فيعمل بما هو حاصل الزيج والدور الدائم والتقويم والروزنامة ويخبر عن حدس مسند إلى ذلك العلم في الحدس بالحوادث والمواليد مالم يتخذ الأخبار عن المغيبات صفة له ويجعل ذلك سنداً قاطعاً كما يفعله أهل الملل الخارجة من اليهود ونحوهم في الأطلاع على الخفايا ومعرفة البلايا وعلى هذا يحمل ما ورد في الأخبار عن المعصومين الأطهار(() من ذم علم النجوم والنهي عنه والاستهزاء به وعدم الركون إليه والإعراض عنه وإنه لا أصل له كما وقع لعلي (() مع اليهود وغيرهم من المنجمين على أن كثيراً مما ورد عنهم (() كان لبيان علمهم وقرب منزلتهم من حضرة ذي الجلال وأن علمهم من علمه وأن علم النجوم من علم المحو والإثبات الذي قد يظهر في عالم الشهادة ويكون غيره في علم الغيب وفي اللوح المحفوظ وقد قال الله تعالى( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (الرعد آية 39) وكثير من الأخبار فيها تخطئة المنجمين في معرفة الموضوعات وتخطئتهم في أحكامهم أما من جهة عدم وصولهم وأما من جهة المحو والإثبات من حيث أن اقتضاءها ليست لأبدية لا يعتريها محو وإثبات وبالجملة فالرجوع إلى المنجمين في المقطوع به من الموضوعات كمعرفة بروج الشمس والقمر ومعرفة منازلهما في الجملة أو ما كان المقطوع به كالمقطوع به بحسب جريان السيرة عليه كمعرفة الأهلة والخسوفين ومعرفة بعض المقارنات والمقابلات ومعرفة منازل باقي السيارات ومقابلاتها ومقارنتها ومعرفة بعض الأحكام المترتبة على تلك الموضوعات من سعد ونحس وخير وشر فيما يتعلق بالأفعال الصادرة من نوع الإنسان وكذا الأمور العادية من زيادة المياه ووقوع البرد وحدوث الأمطار ووقوع بعض الأمراض كل ذلك لا بأس به إذا لم يكن الإخبار به على سبيل القطع في المظنون أو الموهوم أو على سبيل الاعتقاد الفاسد أو إظهار أنه من الغيب الذي وصل إليه غير مستند إلى ذلك العلم ولو بقرينة أنه منجم أو اتخاذه صنعة وحرفة لأخذ الأعراض في غير ما جاء في الشرع أو شهدت به التجارب وأما ما كان ممكن أحدهما فإنه يجوز أخذ الجعالة على إخباره بما يمكن أن يعود نفعاً للطالب في بعض الأحكام الثابتة شرعاً أو عرفاً بالتجارب كما ذكرنا وإن ترتب على ظنيّ أو كانت ظنية كما وجدناهم يخطأون في الهلال وفي الخسوفين وفي الأمطار وفي البرد والحر وفي كثير من الحوادث وفي كثير من الأحكام لكن لا بأس بذلك الخطأ كما يخطأ الطبيب في علم الطب وكثير من العلوم المبنية على الظن أو أن الخطأ في الأحكام إنما يجيء من المحو والإثبات كما في الدعاء والصدقة كما ورد في الأخبار من ترتب كثير من الأحكام على بعض الموضوعات ويقع خلافها وبالجملة فالأخبار الدالة على حرمته متكاثرة بل حكم بعض الأساطين أنها متواترة وفي بعضها عدّه من الآثام وفي بعض من منافيات الإسلام والإجماع منقولة وفي كلام بعض الأساطين ومحصله بل في كلام بعض الأساطين أن تحريمه عرف بين المسلمين حتى عد من ضرورة المذهب بل الدين والأخبار الدالة عليه على حليته متكثرة حتى ورد عن الكاظم (() مدحه وكثير من أصحاب الأئمة العظام كانوا منجمين ولم ينكر الأئمة (() عليهم وكذا كثير من الفقهاء المتبحرين المتقدمين والمتأخرين وكذا كثير من عظماء الشيعة العاملين بأحكام الشريعة ولم تزل العلماء ترجع إليهم بالسؤال عن أحوال القمر والنجوم والسعد والطوالع فيما يتعلق بالسفر والتزويج والانتقال وكثير من موضوعات الأعمال وورد أنه علم إدريس وذي القرنين وورد في الكتاب المجيد ما يؤذن بحليته كقوله تعالى: (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) (الصافات آية 88) وقوله: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) (الواقعة آية 75) وورد عن أبي عبد الله (() في رواية سعد اليماني ما يؤذن بجواره حيث أنه أقره على علم النجوم لما ادعى أنه أعلم علماء اليمن فبين له الأمام (() أموراً لا يعلمها في النجوم ولا سمعها فتعجب من ذلك والحديث طويل لا يخلو من اشتماله على الأعجاز وقال: (فيّ ما ظننت أنّ أحداً يعلم هذا وما يدري ما كنهه) ثم قال اليماني وكذا في رواية الدهقان مع علي (() حيث منعه عن الحرب وقال إذا كان مثل هذا اليوم وجب على الحكيم الاختفاء وذكر بعض الأحكام فأجابه ( : على بيان أحكام لا يعرفها ولا سمعها وكان فيها سبب موت جاسوس الخوارج ولا شك أن علم علي ( به وعدم إنكاره عليه دليل على جوازه وورد عن قيس بن سعد هذا بطريق آخر وإن الذي منعه دهقان من دهاقين اليمن وورد بطريق ثالث عن الأصبغ بن نباته وورد عن أبي عبد الله: (إن علم النجوم علم الأنبياء) وكان علي (() أعلم الناس به وفي آخر عن أبي جعفر ((): (أنه علم النبي نوح) وفي آخر: (إن علم النجوم علمه الله تعالى لنبي من الأنبياء ليعلمه قومه وأنهم عرفوه بالنظر إلى الماء الصافي النازل من المطر) وفي آخر أنه النبي يوشع بن نون وإن الله بعد ذلك خلط الليل والنهار عليهم فجهلوا ما علموا) وفي آخر إن (ازل) كان منجماً لنمرود وقضيته ووقوعه على أهله وولادة إبراهيم رويت بطرق عديدة وفي آخر عن عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله (() في النجوم والعمل بها قال: (لا تضر بدينك) والحديث طويل وفيه أن الأمام (() بين له أحكاماً لا يعرفها وفي آخر أن علم النجوم صحيح لورود الشمس ليوشع ولعلي (صلوات الله عليهم) وفي آخر بيان أحكام كثيرة لهشام الحقاف من دون إنكار عليه وفي أخر عن أبي عبد الله ((): (هل النجوم حق قال نعم) وعن الرضا ((): (أنه أصل صحيح) إلى غير ذلك والجمع بين ما دل على المنع وما دل على الجواز وهو أن تحمل أدلة المنع على العمل به مع اعتقاد التأثير أو اعتقاد الأحكام الغير المقطوع بها بحسب العادات أو الإخبار بجميع أحكامه عن علم والتحدي به واتخاذه معجزاً لصاحبه أو حمل الناس على العمل به لحقيته وصدقه أو تكذيب الأنبياء والأوصياء به أو إنكار أن الله تعالى يمحو ويثبت وعنده أم الكتاب أو العمل بالأحكام الشرعية به كإخراج السارق وولد الزنا والحرام والحلال أو استخراج الأحكام منه أو غير ذلك كما ذكرنا.