پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج24-ص24

الخمسون: قد يستثنى من السحر اسماً وحكماً فقط أمور منها تعلمه وتعليمه لا بقصد العمل بل بقصد أن العلم بالشيء خير من الجهل به أو كان لمقصد صحيح لأصالة البراءة من حرمة تعلمه وعلمه لمجرد الاطلاع ولفظ الساحر ينصرف إلى عامله كالمغني وكذا سائر الصنائع بخلاف العلوم كالنحوي ومنها عمله لحل المعقود أو لأبطاله فيبطل سحراً بسحر ويداوي سحراً بسحر وفي الأخبار ما يشعر بذلك ففي خبر عيسى بن شقفي الساحر أنه قال له أبو عبد الله (() حل ولا تعقد وفي علل الصدوق توبة الساحر أن يحل ولا يعقد والحل في الأخبار أن أريد به حل السحر كان دليلاً على حلّية الإبطال وإن أريد به حل المربوط كان خاصاً وفي ثالث أن الله بعث ملكين إلى نبي ذلك الزمان يذكر ما يسحر به السحرة وما يرد به سحرهم ويبطل كيدهم فتلقاه النبي عن الملكين وأراه إلى عباد الله فأمر الله تعالى أن يتقوا به ويبطلوا ونهاهم عن أن يسحروا به وفي رابع وأما هاروت وماروت كانا ملكين علما الناس السحر ليحترزوا به عن سحر السحرة يبطلوا كيدهم وفي خامس عن الإمرأة يحلون السحر عنها قال لا أرى بذلك بأساً ويريد ذلك أن الظاهر من تحريم السحر السحر المقصود به الضرر أو أمور أخرى لا يرضى بها رب البشر كدعوى نبوة أو رد على نبي أو تحصيل المال أو التوصل إلى المحارم من نساء وأولاد أو كشف أسرار الخلق أو الميل عليهم من غير حق فلو قصد به الرد على المتبنئ أو إبطال سحر الساحر أو التوقيّ به أو رفع السحر عن المسحور بل ومجرد العمل به لم يكن به بأس والحق أن يقال إن عمل السحر بنفسه حرام وكبيره موبقة ولو خلا عن المقاصد الرديئة لعموم الأدلة ولكن لو أشتمل على مقصد صحيح جاز لإشعار تلك الأخبار المجبورة بعمل الأكثر نقلاً بجوازه عند رفع الضرر به نعم لا يجوز لتحصيل نفع أو مجاناً لأن فيه قبحاً نفسياً باعتبار التمويه به والأغراء بالجهل وربما أورث في الشك في آيات الله وفي التصديق بأنبيائه وأوصيائه بل ربما كان فيه إظهار للشركة مع واجب الوجود وفي قدرته وإهانة أوصيائه ومن أصحابنا من منع منه مطلقاً لعموم أدلة تحريمه إلا إذا كان فيه رفع مفسدة أعظم من مفسدته كأبطال نبوة متنبئ وإحياء نفس محترمة أو رفع شبهة تقع في الإسلام أو الإيمان وحمل الأخبار به على الحل بغير السحر من القرآن والذكر وأخبار الملكين على اختصاصهما أو اختصاص تلك الشريعة بذلك الحكم وهو حسن وإن أمكن الإبطال والحل بغير السحر فإن لم يكن فالأوجه الجواز وصرف الأخبار عن ظاهرها المقتضي أن الحل والأبطال لا داعي له بل ربما يقال تحريمه النفسي مطلقاً حتى في نقض نبوة المتبنئ لأن الله تعالى لقهر بإبطاله حيث قال إن الله سيبطله ولا يفلح الساحر وكذا في دفع الضرر لأن الحرام لا يدفع بحرام آخر ولو قوى المدفوع حرمة على الدافع ولا يتفاوت في الضرر المدفوع بين كونه سحراً أو غيره ويحمل فعل الملك على التعليم لا على العمل كما ورد أن تسبيحهم اليوم لو فعل الإنسان كذا أو كذا لكان كذا ولو يعالج بكذا لكان كذا وكذا ودعوى أن إبطال السحر بالسحر واجب كفاية ممنوع وإلا لوجب على الناس تعلم السحر بل وعمله ولا قائل به نعم قد يوجب التعلم والتعليم لو توقف عليه بيان النبي من المتنبئ كفاية بل عيناً لتحدد عمل السحر وتكثره في البلدان والأزمان إلا أنه لطفاً منه وكرماً تعالى قد أوضح الأمر وضعف كيد الساحر وفضحه وأردى كلمته وصغره في الأعين فلا يجب الاستعداد له من فضل الله تعالى وأما علمه وتعليمه وتعلمه لعلمه السائغ شرعاً فلا بأس به ويشعر به أخبار الملكين بناء على استحباب الحكم إلى شرعنا بل ربما يجب إذا كان في تعلمه معرفة الفرق بين النبي والمتنبئ بل مجرد العلم به إذا لم يستلزم محرماً من المحرمات من المراتب العلية لأن الأنبياء عالمون به وبأسراره وبأطواره وما ورد من النهي عن تعلمه محمول على أرادة العمل به واستلزام تعلمه للوقوع في المحرم ممنوع قطعاً وجميع ما جاء في لزوم الساحر والسحرة منصرف للعاملين لا العالمين كما لا بأس بما يعلم بطرق الغناء واللهو وغيرها مع عدم العمل به وربما يدخل في السحر بعض أعمال القمار والمغالبة من يدق ويخفي كالشطرنج واستخراج الدفين.

الواحد والخمسون: مما يحرم التكسب به وأخذ المال به (السيمياء) وهي إحداث خيالات لا وجود لها في الحس للتأثير في شيء آخر وهي محرمة لذاتها لأنها لم تدخل في السحر اسماً فهي مثله حكماً لاشتمالها على التغميز والدقة والتدليس والتلبيس والحيلة والخديعة وكذا يحرم التكسب بالشعبذة لدخولها في السحر اسماً أو لأنها مثله حكماً لظهور دخولها في الباطل فيشملها دليله ولاشتمالها على الحيلة والتدليس وللإجماع محصلاً فضلاً عن منقوله وفي الخبر ما يدل على أنها من السحر وقد تدخل في اللعب واللهو فتكون كاللعب بالآلات الخفية أسبابها في حصول آثارها وهي على الظاهر سرعة الحركة أو الحركة السريعة بحيث يخفى على الحس انتقالاتها من شيء إلى شبهه أو مغايره فخفي على الرأي الفرق بين المنتقل عنه والمنتقل إليه.