پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج24-ص21

السابع والأربعون: للغويين والفقهاء اختلاف في تفسير السحر فمنهم من فسره بما لطف مأخذه ودق ومنهم من فسره بصرف الشيء عن وجهه ومنهم بإخراج الباطل بصورة الحق ومنهم بأنه كلام يتكلم به أو يكتبه أو رقية أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من دون مباشرة وزاد بعضهم فقال كلام أو عقد وزاد آخر فقال أقسام وعزائم ثم قال يحدث بسببها ضرر ومنهم من قال كسحر بالكلام والكتابة والرقية والدخنة بعقاقير الكواكب وتضمنية النفس والتصوير والعقد والنفث والأقسام والعزائم بما لا يفهم معناه ويضر بالغير فعله ومن السحر الاستخدام للملائكة والجن واستنزال الشياطين في كشف حال الغائب وعلاج المصاب ومنه الأستحضار بتلبيس الروح ببدن مغفل كالصبي والمرأة وكشف حال الغائب عن لسانه ومنه النريجات وهي إظهار غرائب خواص الامتزاجات وأسرار النيرين ويلحق به الطلسمات ومع تمزيج القوى العالية الفاعلة بالقوى السافلة المنفعلة ليحدث عنها فعل الغرائب ومنهم من أدعى أن السحر عمل يحدث منه ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة وأسباب خفية ومنهم من يدعي أنه استحداث الخوارق والتأثيرات النفسانية ومنهم من يدعي أنَّ العزم على المصروع وإحضار الجن من الخرافات الباطلة ولا أصل لها ومنهم من يدعي أن الاستخدام من الكهانة لا من السحر ومنم من يدعي أن إحداث الخوارق بالاستعانة بالفلكيات فقط التي هي دعوة الكواكب ليست من السحر كذا الاستعانة بتمزيج القوى السماوية بالقوى الأرضية هو الطلسمات وكذا الاستعانة بالأرواح الساذجة هو العزائم ويدخل فيه النريجات وكذا الاستعانة بخواص الأجسام السفلية هو علم الخواص وكذا الأستعانة بالنسب الرياضية هو علم الحيل وجر الأثقال ومنهم كالوالد (أعلى الله مقامه) أرجعه إلى العرف وفهم من العرف أنه عبارة عن أيجاد شيء يترتب عليه أثار غريبة وأحوال عجيبة بالنسبة إلى العادة بحيث أنها تشبه الكرامات وتوهم أنها من المعجزات من غير استناد إلى الشرعيات من حروز ودعوات ونحوها من المأثورات وما أخذ من الشارع كالعوذ والهياكل والطلسمات فليست منه وغرض الشارع بجسم مادته المنع من التدليس والتلبس في الأسباب كالمنع منهما في المسببات وأن حدوث الأفعال من دون سبب بين مخصوص برب العالمين وهو راجع إلى ما ذكرنا من الرجوع إلى عرف أهل الصناعة الذين يميزونه ويعرفونه كما يعرف الضائع موضوعات صنايعهم ورد عليه بعضهم أنه لا محصل لذلك لطول هذا العلم وكثرة أبوابه وشعبه فلا يفهمه أهل العرف ولأن كثيراً من علوم الجبر والهيئة والنرايرجه يحدث عن عالمها أثار عجيبة وأفعال غريبة ويكفيك ما يفعله الإفرنج من الغرائب وهو كما ترى بعد ما بينا أن الرجوع لأهله وأهل المعرفة به وكونه طويلاً عريضاً لا ينافي ضبطه بضبط موضوعه هب أنه كعلم الفقه وعمله ودخول جملة من أفراده في علم آخر لا ينافي دخوله فيه بعد قضاء العرف به ونلتزمه ولا بأس به واما أعمال الإفرنج فهي أعمال ذوات أسباب معلومة عادية وتأثيرات ومسببات عرفية كإحداث البناء العجيب والشرير الغريب والحديد القاطع والبارد وبعض الأسلحة وإذا ظهر حال الأسباب وأنها من جهة زيادة الأستادية والمعرفة بالأمور العملية بطل العجاب في جميع هذه الصنائع العادية وقد رأينا أهل الطبخ يصفون ألواناً في المأكل تحدث من تركيبات المفردات بعضاً مع بعض لا يهتدي إليها أكثر الناس وقد يترك الأول للأخر ما لا يصل إليه وأعمال الإفرنج لو عملناها واستعملناها لكانت عندنا من سائر الأعمال العادية ولكن البلاد غير البلاد والاستعداد غير الاستعداد وأعمال الصيني من الجيني ونحوه ما يشابه ذلك فلا وجه لهذا الأيراد ومنهم من جعل الخواص حتى خواص الحروف وما يحصل من رياضة النفس الذي يعد مثله كرامة لدخوله يا عبدي أطعني تكن مثلي وما يرجع منه إلى تركيب الأجسام على النسب الهندسية أو غيرها لم يثبت كونه سحراً والأصل البراءة ولو أستلزم منها ضرر الغير أو دعاء نبوة حرم لذلك وهو كما ترى لا يطرد ولا ينعكس ومنهم من فصله تفصيلاً طويلاً حاصلة أنه أقسام ثمانية.

القسم الأول: سحر الكذابين وهم عبدة الكواكب ويزعمون أنها المدبرة للعالم وهم ثلاثة فرق الأولى تزعم أن الكواكب واجبة الوجود لذاتها وأنها الخالقة والمدبرة لهذا العالم .الثانية أنها قديمة لقدم العلة التامة المؤثرة فيها .الثالثة أنها حادثة إلا أن خالقها خلقها خلاقة مختارة وقد فرض أمر العالم إليها والساحر عند هذه الفرق هو من عرف القوى العالية الفعالة ببسائطها ومركباتها ويعرف ما يليق بالعالم السفلي ويعرف مقدماتها ليعدّها وعوائقها ليرى منها بحسب الطاقة البشرية فيكون متمكناً من استجداب ما يخرق لعادة.

القسم الثاني: سحر أهل الأوهام والنفوس القوية وهو يكون تجريد النفس عن الشواغل البدنية ومخالطة الخلق فيحصل ما تريده النفس وتوجد صورته في ذهنها ويقتدر بها على خوراق العادة وهي مختلفة فمنها قوية منجذبة بنفسها إلى العالم السماوي حتى كأنها من الأرواح السماوية فلا تحتاج في تأثيرها إلى آله وأداة ومنها ما تحتاج إلى تعينه وعلاج وقد تحتاج إلى الأستعانة على ذلك بالرقى والعزائم المعلومة ألفاظها بل وغير المعلومة لحصول دهشة للنفس وحيرة وقد تستعين على ذلك بالدخن الموضوعة للكواكب وبالجملة فتأثير النفس إذا صفت بفعل خوارق العادة إما لأنها مخلوقة كذلك وإما لأنها تصير قابلة لفيض الأنوار من الأرواح السماوية والنفوس الفلكية فتقوى بها على إحداث الأمور الغريبة لإجتذاب ما يشبهها إليها.

القسم الثالث: يحصل بالاستعانة بالأرواح السفلية وهم الجن ويكون بالتصفية والتجريد وبالدخن والعزائم.

القسم الرابع: يحصل بالتخيلات والأخذ بالعيون وسببها الخفة وسرعة الحركة في فعل يشتغل الناظر إليه فيشتغل إلى غيره كذلك فيريهم العجيب حيث وقع هذا الأمر الغريب بلا سبب.

القسم الخـامس: يحصل من تراكيب آلات على النسب الهندسية أو على ضرورة الخلاء فيحصل من ذلك آثار عجيبة وكتصويرها فارسين يقتل أحدهما الآخر وتصاوير الروم التي تصورها ضاحكة وتصاوير صندوق الساعات قيل ومنه جر الأثقال بآلة خفيفة.

القسم السادس: خواص الأدوية المزيلة للعقل والدخن المسكرة .

القسم السابع: تعليق القلب بالأكاذيب كمن يرى الناس أنه يعرف الاسم الأعظم وإن الجن تطيعه وتنقاد إليه الأمور فيجذب إليه العقول الضعيفة والعقول السخيفة.