انوار الفقاهة-ج24-ص20
السادس والأربعون: في بيان موضوعه للشك أن كل ما كان عادياً فعله وعادياً تأثيره وليس من الأمور الغريبة ولا من الأحوال العجيبة ولم يكن مبنياً على إخفاء العمل واستعمال الحيل لم يكن السحر وذلك كالاستشفاء بالدعاء أو بملامسته جسد بعض الصلحاء وبالتربة الحسينية والتعوذ والتحصّن بالحروز وبالتربة الشريفة وقضاء المطالب بحسن التوكل والانقطاع والدعاء والمناجاة وبطاعة رب السماوات يا عبدي أطعني تكن مثلي والاستعانة على أمور الدنيا بنافلة الليل وبالتهجد في الأسحار وكثرة الاستغفار والتعقيب بعد الفرائض وجلب الرزق البعيد حصوله بأدعية الرزق والطلب في أوقات معلومة من رب الخلق وتحصيل الجاه والعز والاعتبار بمجرد الانقياد للملك الجبار من خاف الله خافته الناس وتيسر العسير من جهة التعلق بالعليم القدير والانقطاع إليه والالتفات عند الشدائد إليه والهيبة في عيون الخلق لمداومته على تهذيب النفس والوقار والصمت وحسن الخلق وكذلك آيات الكتاب المجيد كتابة وقراءة للشفاء والحفظ بل ولقضاء الحوائج بل وللعزة والهيبة والمحبة لقوله ( :للمسلم خذ من القرآن ما شئت لما شئت وقوله سبحانه: (نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(الاسراء: من الآية82) وكذا خواص بعض الأسماء الحسنى وبعض الأوراد وكذا خواص جملة من طلّسمات الأعداد وكذا خواص بعض الحروف التي لم يكن تأثيرها من عجائب الواقعات ولا فعلها من غرائب الحادثات وكذا خواص بعض الأحجار العادية التأثير من نحو ذلك المضمار كحجر الياقوت والمغناطيس وكذا بعض المعادن كالذهب وكذا خواص بعض الأدوية من المفردات والمركبات فيما كان التأثير من العبادات العاديات كالاستشفاء أو التمريض أو القتل كالسموم أو الأدوية المفرحة أو المنشطة أو المشهية ولو كانت إفراطا أو النافعة للشعر أو القامعة أو المغيرة للون أو المبقية وكذا ما استند إلى علوم النجوم من الأخبار بحوادث العالم أو أستند إلى قوة الحدس وجلاء الفكر أو أستند إلى علم الجفر من ترتب الحروف واستنطاقها أو أستند إلى علم الرمل وكذا ما أستند إلى التفاؤل بالكتاب المجيد وكذا الاستخارة الكاشفية كما حررناه عن المغيبات التي يخير الله تعالى لعبده فيها وكذا فراسة المؤمن وحدسه سيما الذين تجردوا عن العلائق الدنيوية وعن الانغماس في الشهوات و استعملوا الرياضيات الشرعية بالمداومة على الطاعة وتجنب المعصية خمص البطون عمش العيون قد شدوا حجر المجاعة على بطونهم وقد تعلقوا بالعالم الأعلى فإن لهؤلاء حدساً صائباً وفكراً ثاقباً وتسهيلاً لما أراد من الأمور العسيرة وتيسيراً لما حاولوا من الأمور الخطيرة وكذا ليس منه الأعمال العادية وإن دقَّت وخفيت على غير أهلها كبعض النساجة والحياكة وعمل الساعات والصور الفاعلة للأعمال بالحركات والتركيبات والمسامير والبراغي والمراكب الدخانية والمشي السريع بآلاته وتركيباته وغير ذلك وعلى ما ذكرنا فالظاهر أنه يرجع إلى عرف أهله لأنهم أعرف من غيرهم يعرفونه كما يعرف الطبيب الصحة والمرض وعامة الخلق لعدم استعمالهم أياه لا يميزون تمام التمييز كما يرجع بمعرفة المعادن إلى أهلها ومعرفة العلماء إلى أهل الخبرة بالعلم وبالصناعات إلى أهلها فيميزون صفة عن أخرى فيعرفون أن هذا نساجة وهذا تطريز وهذا تشبيك وهذا عمل الحدادين وهذا عمل الصائغين وهذا عمل النجارين ويعرف أهل الخمر الخمر من غيره وأهل الأواني الصيني من غيره وبالجملة فأهل العرف إن دار الأمر بينهم كلاُ أو جلاً رجع إليهم وأن أختص به قوم دون قوم رجع إلى من أختص بذلك منهم وكان مستعملاً فيما بينهم ومعروفاً لديهم.