انوار الفقاهة-ج24-ص16
السابع والثلاثون: مما يحرم التكسب به (النميمة) كما يفعله الأسافل لتحصيل المال من جهتها ولها جعالة أو مواطاة وهي حرام كتاباً وسنة وإجماعاً بقسميه وورد أن النمام شرُّ من وطأ الأرض بقدمه وغالبا هي مثار الفتنة التي تحريمها نطق به الكتاب حتى قال: (والفتنة أكبر من القتل) وفي الرواية أنها من السحر الذي يفرق بين المتحابين ويعادى به المتصافين ويسفك به الدماء ويهدم به الدور ويكشف به الستور ويستثنى منها ما كان بين المشركين أو لإطفاء ناءرة المخالفين وإشغالهم عن محاربة المؤمنين شغل الله الظالمين بالظالمين وأخرجنا منهم سالمين أو ما كان لتخليص نفسه أو عرضه أو ماله أو نفس محترمة أو عرض محترم والمراد بالنميمة حمل ما يسوء ولو صدقاً من شخص لآخر يوقع بهما الشحناء والعداوة بقول أو فعل أو بكتابة سواء كان أقوالاً أو نقل أفعال لآخر ليترتب عليه ما ذكر كمن يذكر أفعال زوج مع إحدى زوجاته من المحاسن لضرتها كي تقع الفتنة بين الزوج والزوجة أو الزوجتين وكذا نقل ما يفعله أحداً لأخوه أو المتحابين بعضاً مع بعض الآخر كي يفتتنا وكذا لو نقل ما تكلم به شخص على آخر بوجه من الوجوه المكدرة أو أخبره انه أستغابه أو أعاب عليه أو أنه يكرهه أو يحسده أو نحو ذلك صادقاً أو كاذباً نعم لو كان كاذباً يزيد ذنبه لمكان الكذب وقد يدخل فيها ذكر المعائب المنفوه بين المتحابين والمؤدية للكراهة بين المتوادين وليس من النميمة نصح المشتري بل نصح المؤمن إذا خيف عليه من الآخر فإنذره وحذره وكان قصده ذلك من أفضل الطاعات ولابد من تجريد النفس من مخائل الشيطان في مثل هذه وأمثالها وقد يدخل فيها كشف السر الذي ينبغي صونه وكتمانه على المؤمن لأنه قد يترتب عليه قتل النفوس وهتك الأعراض كما يقول فلان تمتع بفلانة وأهلها ممن يشينهم ذلك أو يقول فلان معشوق لفلانة أو فلانة معشوقة لفلان وظهرمما ذكرنا حكم الفتنة التي هي اكبر من القتل وهي غالباً من الكبائر الموبقة.
الثامن والثلاثون: مما يحرم التكسب به (النفاق) وهو أخذ المال ممن يريه المودة والصداقة والنصح لتلك الغاية وهو من الأعداء المبغضين له والمريدين له السوء. والنفاق حرام لنفسه كتاباً وسنة وإجماعاً ويلحق به ذو اللسانين والوجهين الذي يتردد بين متخاصمين فيرى كلاً منهم المودة وبغض الآخر وهو ليس منهما في شيء وفي الخبر أنه (شرهما عباد الله ويوم القيامة يجعل له لسانين من نار أحدهما من قدامه والأخر من قفاه) وقد يكون من حسن السلوك ولا بأس به إذا لم ينافق ولم يذكر الآخر بسوء ولم يبطن غير ما يظهره ويريد أثماً لو أشتمل على الكذب وأكل المال بالباطل.
التاسع والثلاثون: مما يحرم التكسب به (مدح المذموم وذم الممدوح) ولو أشتمل على الغيبة زاد الإثم وكذا لو اشتمل على الكذب والظاهر أن تحريمه من خشية أن تعظيم من لا يستحق التعظيم قبيح كإهانة من لا يستحق الإهانة وفي إلحاق القول بالفعل وجه.