پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج24-ص14

الثالث والثلاثون: يحرم التكسب بهجاء المؤمنين وأخذ الجعالة عليه وقبول العطايا لأجله لحرمته في نفسه للإجماع بقسميه ولأنه من إشاعة الفاحشة المنهي عنها كتاباً وسنة ولما دل على لزوم تعظيم شعائر الله وتحريم هتك حرماته وما دل على حرمة إيذاء المؤمن وما دل على حرمة نفسه وماله وعرضه وما دل على حرمة غيبته وما دل على النهي عن الباطل ولو وزن الحق والباطل لكان من الباطل وللنهي عن الاستهزاء به والغمز عليه ولأنه غالباً من لغو الحديث وقول الزور والمراد بالمؤمنين الإثني عشرية الذين كانوا لم يخالفوا ضرورياً إسلامياً ولا ضرورياً إيمانياً ولم يكونوا من أهل البدع والأهواء والخروج عن أداء العلماء ويلحق مستضعفهم بهم وأولادهم المميزة بل ومجانينهم أيضاً ولا فرق بين هجاء النوع والعشيرة والصنف والشخص ولا بين الميت والحي وهل يختص لفظ الهجاء بالشعر القريض وغيره حتى ما يسمى اليوم بنداً ولو ئشطيراً واحداً ويعم حتى النثر ظاهر جملة من كلام أهل اللغة اختصاصه بالشعر وربما يساعده العرف وقد يلحق بالشعر المستمع من الكلام الثري القابل رسمه في الدواوين الكثير ما يسمى هجاء في عرفنا اليوم ولو هجا شخصاً معيناً عنده غير معين عند السامعين حرم لكنه أقل وزراً من المعين ولو هجا شخصاً موهوماً وواحداً لا بعينه فلا بأس ولو هجا غير المؤمن من المشركين والمستضعفين منهم جاز (وقد ورد أمر من النبي (() الله عليه وأله حساناً يهجوهم وقال أنه أشد عليهم من رشق النبال) وكذا يجوز سبهم وشتمهم ولعنهم ما لم يكن فحشاً أو قذفاً غير جامع لشرائط الجواز ولو هجا كافراً فآمن ففي وجوب محوه كفاية أو على الفاعل أو العدم وجوه وفي الأخير قوة والأول أحوط ولو هجا مؤمناً فكفر جاز ابقاؤه ومع بقائه مؤمناً يجب محوه على الفاعل ووجوبه كفاية والهجاء هو ذكر المعايب الواقعية ولا يبعد شموله للكاذبة وعلى كل حال فهي أعظم وزراً لزيادة الكذب المحرم على المحرم الأول وأما هجو الفِرق الضالة فمن العبادة لمساواتهم للمشركين في عاقبة الأمر وللسيرة القطعية في صدور ذلك زمن خلفاء بني أمية والعباسيين وأتباعهم وتقدير الأئمة (() للشعراء الهاجين لهم ولو لم يكن إلا ما صدر من علي (عليه السلام) والحسن والحسين (() مع معاوية وأتباعه وجلسائه مما هو أعظم من الهجو وأبسط لكفى وما ورد من شتمهم وسبهم وأنهم أنجس من الكلاب وأنهم مجوس هذه الأمة أصرح شاهداً على ذلك ويلحق بالفرق الضالة من تديَّن بدينهم وارتكب طريقهم واحتذى حذوهم من غير تقية أو داع وإن أعتقد الحق بقلبه وأولئك المنافقون الذين جحدوا بها وأستيقنتها أنفسهم (قلوبهم ).

الرابع والثلاثون: قد يستثنى من حرمة الهجاء ما كان واقعاً للمنكر المصر عليه صاحبه لما دل على لزوم النهي عن المنكر ولأنه إحسان لرفعة عن الضرر الأخروي بجزئي من الضرر الدنيوي وهو كما ترى موقوف على ترجيح أحد العاملين من وجه وهو ما دل على النهي عن المنكر على الأخر وهو ما دل على حرمة الهجاء وكذا تشييع ما كان لرفع ضرر دنيوي عنه بنفس أو عرض أو مال ولا بأس به في الأول والثاني وأما الثالث فإشكال وإن رضي به المهجو لأنه حق إلهي لا يسقط برضاه وقد يستثنى المتجاهر بالفسق ولا يبعد جواز ذلك فيما تجاهر به أما ما لم يتجاهر به فعموم تحريم الهجاء أقوى من دليل جواز غيبة المتجاهر ولا يستثنى الإنشاد بل لو نوى بإنشاده هجو معين كان كإنشائه وفي لزوم محوه وجه وظني أن الهجو فيه معنى إنشائي يزيد على الغيبة كالإنشاء الحاصل من اللغو والسب والشتم والقذف وقد يستثنى الظلمة الغاصبون لمنصب الأئمة (() واتباعهم من حرمة هجاء المؤمنين وإن كانوا مؤمنين ولكنه بعيد لا يدين به من خاف مقام ربه وقد نستثني هجو الهاجي من المهجو لقوله تعالى: (جَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) ومن غيره تأديباً له وقد يستثنى الهاجي نفسه للشك في دخوله تحت أدلة تحريم الهجو.