پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج24-ص8

الرابع والعشرون: كلما يمكن الاكتساب به في جهتين محرمه ومحللة اتبع في التحريم والتحليل قصد الناقل والمنقول إليه أو هما معاً وأما الفساد فما تعلق تعلق به نهي نفسي أو انعقد إجماع على فساده فهو فاسد وإلا فلا دليل على فساده لأن النهي في المعاملة إذا لم يكن اصلياً نفسياً لا يدل شرعاً ولا عرفاً على فساد المعاملة ولم يقم إجماع على فساد ما نهي عنه كغيره فعلى ذلك لو باع الطعام فقصد بائعه أو مشتريه القوة به على الزنى وكذلك اللباس لتحسين الأولاد والزانيات كان حراماً لما فيه من الإعانة على الإثم والعزم على المحرم ولم يكن فاسداً لعدم الدليل على فساده حتى لو أخذ شرطاً لم يفسد لتحريمه وإنما يفسد لفساد الشرط المحرم وفساد الشرط يقضي بفساد المشروط وتحرير المسألة أن المحرم إما أن يكون معلوماً وقوعه بعد النقل والانتقال ولكن غير مقصود لهما على سبيل العلّية المصرحة أو المضمرة أو الشرطية نعم يعلم البائع أنه يصنع العنب خمراً بعد انتقاله أو يعلم المشتري كذلك ولكنه قصده السلطان والملك نعم يعلم أنه لو ملك لوقع منه ذلك فالظاهر أن هذا صحيح ولا حرمة في نفس النقل والانتقال ولا يدخل تحت الإعانة المحرمة لأن الظاهر أن الإعانات في المشتركات تتوقف على النية سيما لو كان الحرام المترتب بعيداً تربته كما إذا باع أرضاً يعلم أن صاحبها يكري لها نهراً ويغرس فيها عنباً ثم يصنع منه خمراً والسيرة القطعية قاضية بعدم المنع في ذلك وإلا لما بيع على الفسقة أكلاً وشرباً وثياباً وعلى الظلمة دوراً وعقاراً في الخبر فيمن يؤجر سفينته ودابته أن يحمل عليها الخمر والخنازير قال لا بأس وفي الآخر يبيع الخشب ممن يتخذه برابط قال لا بأس وفي ثالث عن عصير العنب ممن يجعله خمراً قال يبيعه حلال ويجعله ذلك حراماً وفي رابع نحو ذلك وفي خامس يبيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمراً قال لا بأس ببيعه وفي سادس إنا نبيع تمرنا ممن يعلم أنه يصنعه خمراً وفي سابع بعه إذا كان عصيراً قال إنه يشتريه من عصيره فيجعله خمراً قال بعته حلالاً فجعله حراماً أبعده الله واحتمال طرح هذه الأخبار أو حملها على صورة عدم العلم في ما ليس فيها أعلم أو حمل العلم على الظن فيما فيها ذلك أو حملها على الجبر أو على الذمة الذين يرون حلية ذلك أو أداؤه الخمر المحرمة أو غير ذلك كله تعسف وخلاف الظاهر وأما أن يكون مظنوناً بالظن الشرعي أو العادي وهما أولى بالجواز من العلم نعم قد يقال بتحريم ما علم تأذيته إلى تلف النفوس وهتك الأعراض لأنه مصدر الفساد ولا يدخل في أدلة الجواز واما أن يكون مأخوذاً شرطاً منهما أو من أحدهما فالأقوى هنا الحرمة والبطلان لأن المشروط باطل ببطلان شرطه وأما أن يكون شرطاً مضمراً مبنياً عليه العقد فهو كذلك واما أن يكون راعيا وعلة منهما مصرحا بها منهما أو مطوية بينهما لفظاً لا قصداً وعلة مصرحة من المشتري أو علة مطرية من البائع فالظاهر الحرمة في جميع هذه لأنه من المعاونة عرفاً على الإثم ومن التعاون عليه مع اتفاقهما سيما في التقريب من الفعل كبيع العنب والعصير أو الثمر للخمر أو الخشب للصليب والمباشر هنا وان كان أقوى من السبب إلا أن الإعانة عرفاً حاصلة ولا يرد أن الله خلق قوة المعصية وآلاتها وشرائطها ومقتضياتها ومع ذلك فليس بمعين قلنا نعم لو خلق تلك لمجرد المعصية لكان معيناً ولكن تلك للطاعة وإن علم صرفها بمعصية فصرفها عبده بسوء اختياره في المعصية فهو ليس بمعين إلا على الخير والطاعة فتأمل وعلى الشرطية أو العلية المصرح بها منهما أو من البائع أو المطوية من البائع منزل الأخبار والمانعة من بيع الخشب ليعمله صليباً وعن أجرة البيت فيباع فيه الخمر أو تحمل على الكراهة أو على تحريم الأجرة لأنها من ثمن الخمر لعدم تصريح الرواية بأنه باعه لمن يعلم أنه يبيع فيه الخمر وأما الفساد في ذلك فهو قريب مع التصريح بالعلية من البائع أو منهما لظاهر فتوى المشهور والإجماع المنقول وبعض النواهي الأصلية وأما مع نية البائع فقط فيشكل الحكم بالفساد لعدم تحقق الإجماع ولعدم التصريح بالنهي في خصوص الصورة الخاصة وأما مع نية المشتري فقط فالظاهر أنه لا تحريم أصلاً للسيرة وللأخبار المتقدمة.

الخامس والعشرون: من جملة مشترك الجهتين بيع السلاح لأعداء الدين والظاهر أن بهذا خصوصية زائدة على ما تقدم من جهة تكثر الإخبار بالنهي عنه فيحرم سواء علم أن السلاح يعينهم على المقاتلة أو لم يعلم بل لو علم عدم المقاتلة به على إشكال وسواء كانت الحرب قائمة أم لا وسواء قصد المشتري ذلك أم لا وسواء قصد البائع ذلك أم لا نعم لا يبعد انه لو كانت هدنة بيننا وبين أعدائنا مرجوة لبقاء مدة يعتد بها أمكن أن يدور التحريم مدار قصد الإعانة وعدمه من البائع أو منهما معاً والأقوى أنه يفسد مع ذلك لتكثر النواهي الأصلية عنه وان ظهر احتمال أنه لمكان تقويتهم وإعانتهم على الإثم وظاهر الأصحاب والإجماع المنقول الفساد ويشمل التحريم كل سلاح من حديد أو غيره من الخشب كالقوس أو صوف كالذي يصنع لرمي الحجارة أو عصي معدة للسلاح كالجناة وما كان مشتركاً ككثير من الخشب أتبع القصد ولا فرق بين النقل المجاني وبعوض في التحريم والفساد كما لا فرق بين الأعداء من المسلمين والكفار بل لو بغي على فريق من الأمامية كان كذلك على أشكال لخروجه عن مورد النصوص ولا يشمل لفظ السلاح ما يتقى به من الدرع والبيضة ولا يجري لما لا يكون سلاحاً كقوالب الحديد وما بعد بالفعل عن السلاح ولا يلحق ظروف الأسلحة في الأسلحة ولو تجردت الأسلحة عن ظروفها شملها الحكم وربما يلحق السرج بالسلاح في رواية وربما يقيد الحكم بوقت الفتنة كما في رواية أخرى وهو غير بعيد إلا أن العمل بالإطلاق وحمل الرواية على تأكّد التحريم أظهر ولا يبعد كون المعونة للظالمين علمية لا واقعية فلو لم يعلمها لم يترتب تحريم ولا فساد بل لا يبعدان كلما كان تحريمه لنهي مفارق يجتمع معه في الوجود الخارجي يتوقف فساده وحرمته على العلم بل ربما يدعى أنه لا يفيد فساداً إلا مع ورود النهي في الأخبار بحيث يعود معه كالنهي الأصلي.