انوار الفقاهة-ج24-ص1
الكلام في العقود العقد في الأصل العهد الموثق من الجمع بين الشيئين بحيث يعسر الانفصال بينهما والمراد بها ههنا كما هو عند الشارع أو المتشرعة صيغ خاصة بجعل الشارع وتقريره لها آثاراً خاصة لفظيّة أو ما قام مقامها صادرة من طرفين حقيقة أو حكماُ مقرونة برضاهما وقصدهما حقيقة أو حكماً والمعروف إطلاقها على الألفاظ دون الأفعال ودون مدلولات الألفاظ بل إطلاقها على غير الألفاظ يكون مجازا وإن أطلقت أسماء أفرادها على غير الألفاظ حقيقة ولا ملازمة ومن العقود كتاب التجارة ويراد به هنا النقل بالبيع أو نفس الصيغة وتوابعه وذكر غيره وفيه استطراداً ولا يراد بها ما هو المعنى المعروف لها من المعاوضة مداً مطلقاً لطلب الربح زائداً على رأس المال كما هو ظاهر الكتاب والسنة ولا المعاوضة مطلقاً ولا المعاوضة على الأعيان مطلقاً أو مع طلب الربح ولا البيع المقيد بذلك ولا الصناعة والحرفة ولا نفس الأعيان كما تطلق عليها مجازاً ولا الاكتساب بالملك والتمليك مطلقاً ولامع ملاحظة الربح وإن كان في كثير منها يمكن القول بالأشتراك والكلام هنا يقع في مطالب تشترك فيها جملة من العقود أو أكثرها أوكلها ثم الكلام على البيع إن شاء الله تعالى.
المطلــــب الأول: يشتمل على فصول:
أحدها: الأحكام الخمسة لا تتعلق بالأعيان بل بفعل المكلف وما تعلق به الحكم من الأعيان فهو من باب المجاز والفعل المتعلق بالأكتساب ينقسم باعتبار جهاته إلى الأحكام الخمسة إلا أن تعلق الواجب والمندوب بالأنسب بمجرد الجهة المقتضية لوجوب التكسب أو ندبه كوفاء دين أو نفقة واجبة أو للتوسعة على عياله أو لطلب الرزق وتعلق الثلاثة الباقية لخصوصية في نفس النقل أو المنقول كالنهي عن بيع المنابذة والنهي عن بيع النجس والنهي عن بيع المزابنة والمحاقلة وكراهة بيع الطفل دون أمه وكراهة البيع في أوقات معلومة أو أحوال معلومة .
ثانيها: إذا تعلق لفظ التحريم بالمعاملة أوالنهي بصيغة وكان بنفسها أو بجزئها أو بثمنها فالظاهر منه الفساد للأستقراء أو للأجماع المنقول أو لظهوره في الأرشاد إلى فساده أو لظهوره من حال الناهي الغني أو لخلوّه بعد النهي عن دليل الصحة والأصل عدمها وليس النهي مستعملاً في التحريم وفساد المنهي عنه أو الإرشاد إلى فساده لعدم معهودية استعمال اللفظ في معنييه الحقيقيين أو الحقيقي والمجازي بل هو مستعمل في تحريم الفاسد لا دخول الفاسد في معناه بل أنه كاشف عن فساده فليس استعماله في فساد المحرم ولا في التحريم وفساد المحرم بوجه .
ثالثها: قد يقال إن هنا أصلاً من الأخبار وهو أن الله إذا حرم شيئاً فقد حرم ثمنه وتحريم الثمن دليل على فساد المعاملة لأن تحريمه لمكان انه لم ينتقل عن صاحبه لا أنه حرام على المشتري تعبداً ولكن لا يخلو من تأمل فإن كان المراد من تحريم الشيء تحريمه في الجملة لزم تحريم بيع أكثر الأشياء وإن أريد تحريم المنفعة الظاهرة له كتحريم الشرب للخمر والأكل للميتة والدم والخنزير أو جميع المنافع لتسليطه على العين نفسها كحرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير كان له وجه باستلزام تحريم منفعته الظاهرة أو جميع المنافع لعدم صحة انتقاله لعود المعاوضة عليه سفهاً إلا أنَّ الرواية غير صحيحة وهي مبنية على القاعدة المتقدمة وهي دلالة التحريم على فساد المنهي عنه.