انوار الفقاهة-ج23-ص20
يصح اشتراط مال معين خارج عن الربح من المالك على العامل أو بالعكس لعموم المؤمنون عند شروطهم ويصح اشتراط عمل معين من كل منهما على كل منهما سواء كان عمل بمال كاشتراط البضاعة من أحدهما على الأخر أو اشتراط عمل أخر كل ذلك لعموم الأدلة من غير معارض ثم يشترط تعيين المشروط عيناً وعملاً في الجملة بما هو المتعارف من التعيين لا من كل وجه حذراً من لزوم الغرر فيما لم يعين عادة وحينئذٍ فلو اشترط العامل على المالك أن يأخذ له بضاعة أو العكس صح ولا يفسد الشرط ولا المشروط خلافاً للشيخ (() حيث أفسدهما فيما إذا شرط المالك على العامل البضاعة أما الشرط فلمنافاته لمقتضى العقد لأن وضع القراض على أن يكون للعامل في مقابلة عمله جزء من الربح وعمل البضاعة ههنا لا مقابل لها فيفسد وأما العقد فلأبتنائه عليه ولأن الشرط له قسط إذا قوبل وإذا أنضم إليه بل هو بمنزلة الجزء منه فإذا بطل جزء مما قابله وهو غير معلوم فيجهل الجميع أو لأن عمل البضاعة مجهول فإذا جهل الشرط جهل المشروط والكل ضعيف لمنع لزوم مقابلة كل عمل من أعمال المضاربة بجزء من الربح وإنما المسلم منه هو ما أنصب عليه عقد المضاربة لا ما وقع شرطاً فيها من الأعمال الخارجة عن المال الذي وقعت المضاربة فيه ولمنع أن عمل البضاعة مجهول من كل وجه بل عمله تابع لعمل المضاربة عادةً فحكمه حكمه نعم الحكم بفساد العقد عند فساد الشرط مسلم لابتنائه فلا يحكم بفساده مع صحة العقد ثم على القول بالصحة كما هو المختار يلزم العامل الوفاء به ما دام ملتزماً بعقد المضاربة فلو خالف الشرط والحال ذلك أثم وكان للمالك الخيار بين إمضاء العقد فللعامل حصته من الربح وبين فسخه من أصله فله أجرة المثل ويحتمل أنه ليس له إلا الفسخ من حينه فيملك العامل حصة من الربح استصحاباً لملكه السابق ولأقدام المالك على دفع الحصة له بشرط في عقد جائز لا يلزم الوفاء به فيملكها مع الفسخ وفيه منع عدم اللزوم على العامل ما دام مضارباً كما تقدم ولو شرط المالك بضاعة مجهولة المال أو الزمان أو نحوهما بطل العقد للجهالة.
سادسهــا ضمان العامل مال القراض:
يضمن العامل مال القراض وكل أمين إذا أنكر الأمانة فأقيمت عليه البينة فأدعى تلفها بعد ذلك لأن دعواه التلف مكذبة لإنكاره الأول وإنكاره للأمانة تعد عليها فيضمنها لعموم على اليد ما أخذت ولو ظهر لإنكاره شبهة مسموعة لا يكذبها الظاهر فلا يبعد قبول دعواه مع يمينه ولو قال عند الدعوى لا يستحق علي شيئاً أو شبه ذلك لم يضمن إذا أُقيمت عليه البينة لعدم ظهور اللفظ بأنكار المال وغايته أنه نفي لشغل الذمة وهو أعم من ذلك فإذا أدعى التلف سمعت دعواه لأنه أمين فيصدق قوله بيمينه ولو أقر العامل بربح قدراً معيناً حكم عليه بإقراره ولا يسمع دعواه الغلط والاشتباه بعد ذلك إلا أن يظهر تأويلاً محتملاً لا يكذبه الظاهر فلا يبعد قبول قوله بيمينه ولو قال بعد الإقرار بالربح خسرت أو تلف سمع قوله بيمينه.
سابعهــا عدم صحة شراء رب المال شيئاً من العامل قبل ظهور الربح:
لا يصح أن يشتري رب المال من العامل شيئاً قبل ظهور الربح ولا يأخذ الصفقة لأن المال ماله ولو ظهر ربح فالأظهر جواز شراء حصة العامل منه كما يبيعها على غيره فأن احتيج إليها للجبران احتمل الانفساخ من حينه واحتمل الانقساخ من أصله واحتمل مضي البيع والتزام العامل بالمثل والقيمة وكذا للمالك الأخذ بالشفعة أخذاً متزلزلاً فأن استمر الربح استمر أخذه وإلا بطل وفي رجوع نفس العين أو الرجوع بالقيمة وجهان وليس للمالك أن يشتري من عبده لأنه ماله وله أن يشتري من مكاتبه لخروجه عن سلطنته وعدم أجراء أحكام الملاك عليه سواء كانت جائزة أو لازمة إلا أنها في الجائزة لا تخلو من إشكال وللعامل أن يشتري من مال المضاربة لنفسه مع الوثوق بمراعاة الغبطة للمالك أو مع الأذن له ويحتمل المنع لانصراف الإطلاق في البيع والشراء إلى غير العامل ولو اشترى العامل فظهر ربح سقط منه نصيبه فأن وقع خسران جبره مجموع الربح من نصيبه ونصيب المالك.